ومن مليح نادرته رضي اللّه عنه أنَّه كان بالديلم رجل يعتقدون فيه أنَّه فقيههم يعرف بأبي علي بنديره وكان رضي اللّه عنه يتأذى به، فقال له بنديرة هذا يوماً ـ وهو في حفل من النَّاس ـ : أيها السيد صف لنا صفة المنافقين. فقال رضي اللّه عنه: نعم، من صفة المنافق: أنَّه يكون رجلا عليه صوف يضرب لونه إلى الصفرة، ويكون رَبعاً من الرجال، قد حلق شاربه حتى استوفى ما ظهر من صفات هذا الرجل وزيه، فقال له الرجل: أيها السيد هذا هو صفتي. فقال: نعم. لأنك منافق. فضحك النَّاس من ذلك الرجل، وصار ما جرى نادرة عليه إلى يومنا هذا.
وقد كان صاحب طبرستان فزع منه فزعا عظيما وانعقدت هيبته في النفوس لعظيم موقعه من العلم والدين والشجاعة والشهامة مع الأبوة والبيت الرفيع، ولكن لم تساعده المقادير.
وسمعت بعض عرب نصر بن محمد الأستندار الذين شهدوا الوقعة يصف تلك الوقعة وثباته رضي اللّه عنه فيها، ويقول: لما رأينا الراية البيضاء وقد صعدت من الوادي نخبت قلوبنا فلم نثبت وولينا منهزمين، وكان أكثر قتاله رضي اللّه عنه بالسيف وكان معه سيف يقال: إنَّه كان لحمزة بن عبد المطلب وكان يقاتل به.
وأقام رضي اللّه عنه بـ (هوسم) إلى أن مضى لسبيله سنة ستين وثلاثمائة ودفن بهوسم وقبره هناك مشهور مزور، وقد كان كافي الكفاه نفعه اللّه بصالح عمله أخرج صدراً من المال لما ورد (جرجان) للإنفاق على مشهده، وقد قيل: إنَّه رضي اللّه عنه سُمَّ وجعل السم في جَامَ حلوى أهدي إليه فأكل منه.
وكان أبو سعيد الأبهري المتكلم تولى غسله، وكان يَحْكِي لنا أنَّه كان مسموما، وكان يقول: لما نظرت إليه عند الغسل شاهدت علامات السم فزدت من بكائي وصحت وقلت: سُمَّ سيدي رضي اللّه عنه.
تم الكتاب بحمد اللّه ومنه ونسأل اللّه التوفيق في كل أحوالنا، وأن يقرن برضاه خاتمة أمرنا، إنَّه سميع مجيب، والحمد لله وحده وصلواته على رسوله سيدنا محمد وأهله وسلامه.(1/146)


30 / 30
ع
En
A+
A-