الإمام يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن
هو: أبو الحسين، وقيل: أبو عبد اللّه، يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وأمه: قُرَيْبَة ابنة عبد اللّه، ويعرف بربيح بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وكان عليه السلام متقدماً في أيامه جماعةَ أهل بيته في العلم والفضل، قد روى حديثاً كثيرا عن أخيه محمد، وعن جعفر بن محمد، وعن أبان بن تغلب وغيرهم، وروى عنه مُخَوَّل بن إبراهيم، وبكار بن زياد، ويحيى بن مُسَاور، وعمرو بن حماد، وكان جعفر بن محمد أوصى إليه وإلى ابنه موسى عليهم السلام وإلى أم ولد له وكانت وصيته مشتركة بينهم، وكان عليه السلام يلي أمر تركاته وأصاغر أولاده مع موسى.(1/76)


صفته عليه السلام
كان عليه السلام آدم اللون حَسَن الوجه، إلى القِصَر ما هو، عظيم البطن، فارساً شجاعاً، وكانت له مقامات مشهورة في مبارزة الأعداء وقتل الأبطال مع الإمام الحسين بن علي صاحب فخ عليهما السلام.(1/77)


أولاده عليه السلام
محمد وله العقب، أمه خديجة بنت إبراهيم بن محمد بن طلحة، وعيسى مئناث وإبراهيم دَرَجَ، وعبد اللّه دَرَجَ، وصالح دَرَجَ، وقُرَيْبَة.(1/78)


بيعته عليه السلام ونبذ من أخباره ومقتله
استتر عليه السلام بعد قتل الإمام الحسين بن علي الفخي عليه السلام، ودعا إلى بيعته، وبايعه جماعة من أهل الفضل، منهم: يحيى بن مُسَاوِر، وعامر بن كثير السَّرَّاج، وسهيل بن عامر البلخي، ومخول بن إبراهيم، وعبد ربه بن علقمة، فطلب موضعاً يلتجئ إليه ويتمكن فيه من بث الدعوة، فاختار جبل الديلم ـ بعد أن جال في البلدان مستترا، وبلغ بلاد الترك على ما روي ـ فحصل في جنبة ملك الديلم، وقيل له: لم اخترت بلاد الديلم؟ فقال: إن للديلم معنا خَرْجَة فطمعت أن تكون معي.
وكان هارون يبحث عن أخباره ويتعرف حاله وينفذ العيون والجواسيس ليعرف مستقره، فوقف على أنَّه حصل في جنبة ملك الديلم مع سبعين من أصحابه، فألزم الفضل بن يحيى التوصل إلى إخراجه من هناك بما يمكن من ضُرُوب الحيل.
وتشدد الفضل في ذلك إزالة للتهمة عن نفسه، فقد كان سُعي به إليه في بابه، وقيل: إنَّه تعرف مكانه في حال استتاره، وأنه كتب له منشورا يعرضه على من تعرض له من أصحاب المسالح والمرتبين في الطريق.
واختلفت الأخبار في الوجوه التي بها تمكن من إخراجه من هناك، وقيل فيه أقوال يطول تقصيها، إلا أن هارون كتب له أماناً وثيقاً لا مزيد عليه في التأكيد والإحكام والتوثقة، ولا مساغ فيه للتأويل، فنزل معتمداً على ذلك الأمان بعد أن كان الأظهر من أمره أنَّه يُسَلَّم إن لم يستجب للنزول، لأنَّ امرأة ملك الديلم كانت مستولية عليه وأشارت بذلك فزعاً من أن يُقْصَدُوا.
وامتد إلى بغداد فأعطاه هارون مالاً عظيماً وأقام عنده، ثم خرج إلى المدينة، واختلفت الأخبار في خروجه، فروي أنَّه استأذنه في ذلك فأذن له، وروي أن الفضل أذن له ولم يستأذن هارون فيه وأنه حقد على الفضل ذلك، فكان هذا أحد أسباب نكبة البرامكة.(1/79)


فلما ورد المدينة فَرَّق ذلك المال في مستحقي أهل بيته، وكان الحسين بن علي الفخي عليه السلام استشهد وعليه دين كثير فقضى دينه من ذلك المال.
وكان هارون يخشى جانبه ولا يسكن إليه، فأشخصه إلى بغداد، وأظهر أنَّه قد وقف على اشتغاله بالدعوة وإنفاذ الرسل إلى خراسان وسائر النواحي في الدعاء إلى نفسه، وعرض نسخة الأمان الذي كتبه له على جماعة مَنْ بحضرته من الفقهاء والقضاة واستفتاهم في التأول فيه، فقال محمد بن الحسن: هذا أمان لا سبيل إلى نقضه، وقال الحسن بن زياد مثل ذلك، إلا أنَّه خفف القول ولم يجسر على المبالغة فيه كما بالغ محمد بن الحسن، واقتصر على أن قال بصوت ضعيف: هو أمان.
والمعروف بأبي البختري تقرب إليه بأن قال: إذا كانت الصورة في أمر يحيى بن عبد اللّه كما يقول أمير المؤمنين فهذا الأمان يجوز نقضه وأخذ الكتاب ومزقه، ففرح به هارون وولاه قضاء القضاة، ومنع محمد بن الحسن من الفتيا مدة، ثم رضي عنه.
وحَبَسَ يحيى بن عبد اللّه في أضيق الحبوس، وكان مرة يوسع عليه قليلا ومرة يضيق عليه، وأخرجه مرة من الحبس وأحضره مجلسه وجرى بينه وبينه خطاب طويل.
وادعى عليه عبد اللّه بن مصعب الزبيري أنَّه دعاه إلى بيعته، فقال يحيى عليه السلام: إن هذا بالأمس بايع أخي محمداً ومدحه بقصيدة قال فيها:
قُوموا بأمركم نَنْهَضْ بطاعتنا إن الخلافة فيكم يا بني حَسَنِ(1/80)

16 / 30
ع
En
A+
A-