الإمام الحسين بن علي الفَخِّي
هو: أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وأمه: زينب بنت عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وأمها هند بنت أبي عبيدة، وكان يعرف أبوه علي وأمه زينب بالزوج الصالح لعبادتهما.(1/71)


صفته عليه السلام
كان عليه السلام أسود الرأس واللحية لم يخالطه الشَّيب، وكان بطلاً شجاعاً سخياً، لا يكترث بالأموال، ويفرق جميع ما يحصل في يده ويتصدق به، وكان يقول: " أخشى ألاّ أؤجر على ما أبذله وأتصدق به، لأني التذ بذلك ".(1/72)


مدة ظهوره (ع) وذكر بيعته ومقتله وموضع قبره
ظهر بالمدينة ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة تسع وستين ومائة، وقيل سنة ثمان، وبايعه جماعة من أهل بيته وكثير من الشيعة كانوا وردوا الحج.
وممن بايعه من فضلاء أهله: يحيى، وسليمان، وإدريس بنو عبد اللّه بن الحسن بن الحسن، وعلي بن إبراهيم بن الحسن، وإبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن طباطبا، وحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن، وعبد اللّه وعمر إبنا الحسين بن علي بن الحسين.
وكان على المدينة خليفةٌ لإسحاق بن عيسى بن علي، وكان إسحاق يليها من قِبَل موسى الملقب الهادي بن محمد الملقب بالمهدي بن أبي جعفر، ويعرف هذا الرجل بعبد العزيز بن عبد اللّه العُمَري من ولد عمر بن الخطاب، فأساء معاملة الأشراف من آل الرسول صلى اللّه عليه وعلى آله، وكان يجفوهم ويشدد عليهم، ويطالبهم بالعرض في كل يوم، فإذا غاب واحد منهم لحاجة له طالب أقرباءه.
وكان الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن غاب، فطالب [العمري] الحسين بن علي، ويحيى بن عبد اللّه عليهم السلام به، وجرى بينهما وبينه خطب طويل، فاجتمع جماعة أهل بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وكثير من الشيعة إليه، وقالوا له: أنت أحقنا بالأمر وبايعوه، وتأخر عنه ـ بإذنه ـ الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن، وموسى بن جعفر [بن محمد] جاءه فانْكَبَّ عليه وقال: اجعلني في حِلٍّ من تخلفي عنك. فأطرق ساعة ثم رفع رأسه إليه. فقال: أنت في سَعَة.(1/73)


فظهر في الليلة التي ذكرنا ودخل المسجد عند أذان الصبح ومعه أصحابه، وصعد المنبر وجلس إلى أنْ أُذِّن للصبح، وصاح يحيى بن عبد اللّه بالمؤذن وقال: أذن بحي على خير العمل. فلما لاح للمؤذن السيف أذن به، ثم نزل عليه السلام وصلى بالناس صلاة الصبح، وكان العُمَري حضر المسجد للصلاة، فلما أحس بالأمر دهش وتلجلج لسانه من الفزع ولم يدر بأي شيء يتكلم فصاح: أغلقوا البغلة ـ وهو يريد الباب ـ وأطعموني حبتي ماء. وولده يعرفون في المدينة: ببني حبتي ماء، واقتحم إلى دار عمر بن الخطاب، وخرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم هارباً على وجهه يسعى حتى نجا.
وصعد الحسين عليه السلام المنبر ثانياً، وخطب النَّاس فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: "أنا ابن رسول اللّه، على منبر رسول اللّه، وفي حَرِم رسول اللّه، أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنة رسول اللّه، وإلى أن أستنقذكم مما تعلمون".
وكان يقول عند المبايعة: "أبايعكم على كتاب اللّه وسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى أن يُطاع اللّه ولا يُعصى، وأدعوكم إلى الرِّضا من آل محمد، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب اللّه وسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله والعدل في الرعية، والقسم بالسَّوية، وعلى أن تقيموا معنا وتجاهدوا عدونا، فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم".
واستخلف على المدينة رياشاً الخزاعي، وخرج إلى مكة ومعه من تبعه وهم زهاء ثلاثمائة، فلما صاروا بـ(فخّ) لقيهم الجيوش، وقد كان حج في تلك السنة من العباسية: العباس بن محمد، وموسى بن عيسى، وجعفر ومحمد ابنا سليمان، ومن الجند مبارك التركي، وابن يقطين وغيرهما فقصدوه بأجمعهم.(1/74)


والتقوا في يوم التروية، وقت صلاة الصبح ورتبوا الميمنة والميسرة والقَلْب وثبت عليه السلام في أصحابه يقاتلهم، وأمر رجلا من أصحابه فركب جملاً ومعه سيف فنادى: يا معشر المسودة هذا حسين ابن رسول اللّه يدعوكم إلى كتاب اللّه وسنة رسول اللّه ، فصاحوا به يا حسين لك الأمان، فجعل يقول: الأمانَ أريد وهو يحمل عليهم حتى قُتِل، وقيل: إن حماد التركي رماه.
وكان له يوم قُتِلَ إحدى وأربعون سنة، وأُخذ رأسه وحمل إلى موسى، ودفن بدنه بـ(فخ).
ولا عقب له عليه السلام.
وروي أن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم انتهى إلى هذا الموضع فصلى وبكى في صلاته وقد صلى ركعة، وبكى النَّاس، فلما سَلَّم قال للناس: فلم بكيتم؟ قالوا: بكينا لبكائك يا رسول اللّه. قال: " أخبرني جبريل بأن رجلا من ولدي يقتل بهذا المكان في عصبة من المؤمنين أجر كل شهيد معه أجر شهيدين ".(1/75)

15 / 30
ع
En
A+
A-