[موسى بن عبدالله، القاسم بن محمد]
وكان أمرهم كما أخبرني محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى عن أبيه، قال: لما كان من أمر الحسين صلوات الله عليه بفخ ما كان. أحضر موسى الهادي موسى بن عبدالله بن الحسن ، والقاسم بن محمد بن عبدالله، فقال للقاسم: والله لأقتلنك يا بن الفاعلة قتلة ما قتلها أحداً قبلك.
قال القاسم: - الفاعلة هي: الصَّناجة التي اشتريت بأموال المسلمين - إياي تهدد بالقتل الذي لم يسبقك إليه ظالم؟. فلأصبرنَّ لك صبراً ما صبره أحدٌ قبلي، طلباً لمرضات الله وجميل ثوابه.
قالوا: فأمر موسى لعنه الله بالمناشير فأحضرت ثم أقام على كل عضو منه نشارا، فنشروا وجهه صفيحة واحدة، ثم نشروا عضواً عضواً حتى أتوا على جميع بدنه.
قالوا جميعاً: فما تأوّه صلوات الله عليه ولا تحرك حتى جردوا عظامه عن لحمه وفرقوا بين جميع أعضائه.
فقال له الملعون موسى: كيف رأيت يا بن الفاعلة؟.
قال له القاسم: يا مسكين لو رأيت ما أرى من الذي أكرمني الله به في دار المقامة، وما أعدَّ لك من العذاب في دار الهوان لرأيت حسرة دائمة. وتبيَّنت النقمة العاجلة، وخرجت نفس القاسم مع آخر كلامه.(1/37)
[الحسن بن علي]
ثم قال موسى للحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: لأقتلنَّك قتلةً ما سبقني إليها أحدٌ.
قال: أختر فشرهما لك.
فأمر ببيت له بابان فملئ تبناً وأدخله ذلك البيت ودخن عليه من أحد بابي البيت، ثم سدا عليه الأبواب وتركه ثلاثة أيام ثم طُلِبَ في اليوم الثالث فوجد حياً، لم يرزأه ذلك كثير رزء. فأنكر موسى ذلك، وقال: لأقتلنك قتلةً يبطل معها سحرك، فشغلته الآكلة وعاجله الله بالنقمة، وحبس الحسن مع خاله موسى بن عبدالله ثم أُطْلِقَ وعاش بعد ذلك أربعين سنة إلا أنَّه ذهب بصره فكان يقال له: حسن المكفوف. كان ينزل ينبع ، وكان أعلم أهل زمانه، ولم يبق للحسن بن الحسن بن الحسن نسل إلا من ولده.(1/38)
[قصة إبراهيم بن إسماعيل]
قالوا: ولمَّا جيء بإبراهيم بن إسماعيل جعل موسى يقرعه بخروجه مع الحسين حتى كاد أن يأمر به، فقال له إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إن كنت ترجو في العقوبة رحمةً الله ، فلا تَزْهَدَنَّ عند المعافاة في الآخرة .
قال: فأمر به إلى السجن بعدما كان همّ به.
قال:وكان محمد بن إبراهيم بن محمد الإمام [1] قد تزوج فاطمة ابنت عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن ، فسألته أن يَتكلَّم في عَمِها وكانت عنده أثِيْرَةً مكرَّمةً، فَتَكَلَّمَ فيه فأُطْلِقَ وسار إلى الحجاز ومات فيه بعد حين.
---
[1]- محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، ومن أولاده المسمى أبن عاءشة المعروف بالأخبار والروايات الذي يقال إن المأمون قتله عندما أحس منه ببعض معرضة. الأغصان 3362(1/39)
[أخبار يحيى بن عبدالله]
[بيعته]
قال المدائني: فلمَّا قُتِلَ من قُتِل منهم، وعُذِّبَ من عُذِّبَ نُودِيَ فيهم بالأمان، قال: فقال يحيى عليه السلام: وأيُّ أمان لكم يا فسقة؟ وكاتب يحيى الناس وَلَقِيَه العلماء من أهل الأمصار فأجابه خلق كثير.
وقد أخبرني هارون بن موسى، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الكناني، قال: لمَّا انصرف يحيى وإدريس من أرض الحبشة كاتب الناس وواعدهم الموسم بمنى في شعب الحضارمة.
قال: فوافاه سبعون رجلا من خيار أهل الأرض في ذلك الزمان - قال: وكان فيهم جماعة من أهل مكة.
قال هارون: وكأنَّه أومى إلى أنْ يكون فيهم ولم يصرح بذلك، قال: فشاورهم فأشاروا عليه واتفق رأيهم على أن يوجّه في أمصار المسلمين، ويَستنصِرَهُم على جهادهم فإنه ما من أعمال البِرِّ شيءٌ يعدل عند الله جهادهم، ولا أفْضَلَ مِنْ نصرتِهم عليهم.
قال: فاستخار الله، وكاتب أهل الآفاق وَوَجَّه إليهم الرسل .(1/40)
[رسله عليه السلام]
فوجّه إلى العراق ثلاثة، وإلى أهل المغرب ثلاثة، ومعهم أخوه إدريس، وقال له: يا أخي إن لنا راية في المغرب، تقبل في آخر الزمان فيظهر الله الحق على يدي أهلها، فعسى أن تكون أنت أو رجل من ولدك.
فتوجه إدريس إلى المغرب مع أصحابه، فصار إلىالقيروان. ثم إلى الزاب ثم إلى ميلانة ثم صار إلى طنجة فأعظمه أهلها وأكرموه، وقاتل عبدالوهاب بن رسمتم فأزاله عن بعض تلك المخاليف واتسع سلطانه وتزايد أمره وأقام زماناً حتى دس إليه هارون الرشيد من قتله بالسُّم . وله قصة ولمن وجِّه إليه، سأذكرها في موضعها إن شاء الله.(1/41)