[ 37 ]
أقوال في تقريظ الكتاب
قال الشيخ محمد بخيت حفظه الله تعالى بعد اطلاعه على هذا المجموع وقراءته على الفقير كتب ما لفظه: الحمد لله الذي فقه في الدين من أراد به خيرا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه خصوصا عترته الطاهرة وذريته ذوي المناقب الفاخرة الظاهرة وسائر تابعيه. أما بعد، فاني اطلعت على هذا المجموع الفقهي الذي جمعه الإمام عبد العزيز بن اسحاق، المنسوب بالسند الصحيح إلى الإمام الشهيد (زيد بن علي) زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه صهر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزوج البتول بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقرأته على راويه حضرة الاستاذ الشيخ عبد الواسع فوجدته مجموعا جمع من المسائل الفقهية والاحكام الشرعية ما هو مدلل عليه بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية، وهو موافق في معظم أحكامه لمذهب
---(1/37)
[ 38 ]
الإمام الاعظم أبي حنيفة النعمان. وحيث ان مذهب الزيدية في العلوم الشرعية لم يشتهر في الديار المصرية، فنقول: من المقرر في علم الاصول والفروع الفقهية وما اتفق عليه الائمة، ان من لم يقدر على الاجتهاد وأخذ الحكم الشرعي من الكتاب والسنة أو القياس، وجب عليه ان يقلد مجتهدا فيما يعلم به من شريعة ربه، وان يتخذه إماما له يقتدي به في ذلك. وان لكل مقلد عاجز عن الاجتهاد ان يقلد من شاء من المجتهدين الذين علم اجتهادهم ونقلت مذاهبهم بالاسانيد الصحيحة إما بطريق التواتر أو الشهرة أو الآحاد الموثوق بنقلهم وعدالتهم وعلو كعبهم في الرواية والدراية. ومن هذا القبيل (هذا المجموع) كما يظهر من الاطلاع على مقدمته التي ذكرت فيها رواته عن إمام الائمة وحبر الامة، تاج العلماء المجتهدين وقدوة الفضلاء العاملين، وحيد عصره وفريد دهره الإمام الشهيد زيد بن علي زين العابدين. وكيف لا يكون كذلك وهو من السلالة الطيبة الطاهرة في الدنيا والآخرة جلالة بيت النبوة والشجاعة والمروءة والفتوة. قد بلغ رضي الله عنه من العلوم العقلية والنقلية ما لا يبلغ غيره في عصره، ومن التقوى والزهد والورع وحميد السير والسيرة وصفاء الطوية والسريرة ما كاد يجعله في مصاف الاملاك، كيف وأبوه علي (زين العابدين) الذي اشتهرت مناقبه وعمت فضائله، وقال فيه القائل: يغضي حياء ويغضي من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم
---(1/38)
[ 39 ]
وجده الحسين رضي الله تعالى عنه، وشهرته ومزاياه وفضائله تغني عن التفصيل والتطويل، وهو الذي قال فيه القائل الواقف في بابه يستجدي الخير من جنابه: أنت جواد وانت معتبر * وأبوك من كان قاتل الفسقه لولا الذي كانت من أوائلكم * لكانت علينا الجحيم منطبقه فلن يخيب الآن من رجائك من * حرك من دون بابك الحلقه فأعطاه درعه. وأما جده علي بن أبي طالب فحدث عن علمه ولا حرج وعن شجاعته ولا حرج وعن جوده ومروءته ولا حرج، باب مدينة العلوم النبوية ومفتاح الفيوضات القدسية. وبالجملة، ماذا يمكن ان أقول في الإمام زيد الشهيد وهو من قوم قال فيهم القائل: أنا لا استطيع أمدح قوما كان جبريل خادما لابيهم، وفقنا الله لمحبة آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأدام نعمتها علينا، فان بحبهم يكمل الايمان ويدخل الله من أحبهم برحمته مع جدهم صلى الله عليه وآله فسيح الجنان. كتبه الفقير إليه عز شأنه محمد بخيت المطيعي الحنفي عفا عنه آمين وقال الاستاذ العلامة عبد القادر بن احمد بدران حفظه الله تعالى: يقول المتشرف بخدمة الكتاب والسنة عبد القادر بن احمد بن
---(1/39)
[ 40 ]
مصطفى المعروف كأسلافه بابن بدران الدومي ثم الدمشقي السلفي عفا الله عنه: ما هب النسيم اليماني الا وحمد الله لي شنشنه، وما لمع البارق النجدي الا والصلاة على خير الخلق لي خلق وما أحسنه، أصلي وأسلم عليه وعلى من أذهب الله عنهم الرجس ليطهرهم تطهيرا، وعلى صحبه الكرام من فضلهم على الامة لم يزل كبيرا. وبعد، فطالما كنت أنقب عن كتب الحديث جوامعها ومسانيدها، وعن مذاهب الائمة المتقدمين ممن انطمست آثارهم في ديارنا، وألتقط شوارد فروعهم من كتب الخلاف، وأحمد مسلك الترمذي في جامعه لما يذكره من مذاهب الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان. وكنت أرى في كتب أئمة الحنابلة المتقدمين ممن توفرت فيهم شروط الاجتهاد الاصولية والفروعية يذكرون مذهب اهل البيت عليهم السلام، فأحن شوقا إلى آثارهم وأتمنى سرى يوصلني إلى ديارهم، إذ انا بالاخ في الله تعالى العالم الفاضل الشيخ عبد الواسع الواسعي اليماني تفضل علي من مصر إلى دمشق بارسال كراسة من اول مسند الإمام زيد بن علي الشهيد رضي الله عنه، مع ما كتب عليه من الحواشي، ورسالة فيها تفصيل المذاهب والنزوع إلى الدليل ذلك المسلك الجليل الذي يعده من يدعي العلم في بلادنا من البدع، تعصبا منهم وجهلا وعنادا للحق. وهو معذورون، حيث لم تشرق اسرار الشريعة على بصائرهم، وهجير أي ما تصوروه أن القرآن الكريم وما تضمنه اسفار المحدثين لم يكن الا للتبرك به لا للعمل. وكفى بذلك خرقا للاجماع ونبذا
---(1/40)
[ 41 ]
لما كان عليه اهل القرون الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأنهم خير القرون. فكحلت ناظري بأثمد ما رأيته من ذلك المسند الجليل وابتهجت بذلك النور الصادر من المشكاة النبوية وقلت: لك الهناء يا نفس بالظفر فلطا لما كنت تودين ان تظفري بذلك المسند فتتبركي بخدمته بشرح تفتخرين به. فها قد كفاك الزمان المؤونة وظفرت بما تريدين، ها قد ظفرت بمسند امام علوي حسني قائم بالحق صافي المشارب، تباعد عن البدع بعد الثرى عن الثريا، محب لمن هاجر مع جده ونصره: إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة * لغى جدبها واخضر بالنبت عودها حمول لاشناق الديات كأنه * إذا أخلفت أنواؤها ورعودها روي عن ابن عباس فعله وروى الحديث عن جابر بن عبد الله وعن أبيه الحسين بن علي وروى عنه ابنه الحسن امير المدينة. قاله الحافظ ابن عساكر في تأريخه وأخرج ثلاثة أحاديث: أولها: ما رواه بسنده إلى الحسن بن زيد، قال: حدثني أبي انه سمع الحسن بن علي يقول: حدثني علي بن أبي طالب انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن متعة النساء ويقول: هي حرام إلى يوم القيامة. ثانيهما: ما رواه ايضا بسنده إلى زيد بن علي ْْعن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا توضأ فضل موضع سجوده بماء حتى يسيل على موضع السجود.
---(1/41)