[ 7 ]
1- في ترجمة الإمام زيد
كان الإمام زيد بن علي، المجاهد في سبيل الله، الداعي إلى الله، الناصح لدين الله كان شامة اهل زمانه وجوهرة أقرانه وإمام اهل بيت النبوة في وقته. فتح الله عليه بالعلم بعد ان أخذ على جماعة كأبيه زين العابدين وجابر بن عبد الله الانصاري. ولما سئل جعفر الصادق عن عمه الإمام زيد قال: كان والله أقرانا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله وأوصلنا للرحم، والله ما ترك فينا لدنيا ولا لآخرة مثله. وقال الشعبي: ما ولدت النساء افضل من زيد بن علي ولا أفقه ولا أشجع ولا أزهد. وسئل الباقر عن أخيه زيد فقال الباقر: ان زيدا أعطي من العلم بسطة فصح باقراره عليه السلام واعترافه ان زيدا كان أعلم منه وافضل. فما ظنك برجل فاق الباقر فضلا وعلما واعترف بفضله وصحة امامته؟ قال الذهبي في ترجمة جابر الجعفي انه حفظ عن الباقر سبعين الف حديث، فكيف بمن أقر له الباقر بالسيادة والزيادة في العلم؟ وقال أبو حنيفة رحمه الله رأيت مثل زيد ولا أفقه منه ولا اعلم منه.
---(1/7)
[ 8 ]
وقد ترجم للامام زيد الذهبي في ترجمة جابر الجعفي والحافظ المزي في تهذيب الكمال والحافظ بن عساكر والديلمي في الاذكار، وترجم له ايضا في مسنده، والحافظ السيوطي في الجامع الكبير في مسند حذيفة بن اليمان والذهبي ايضا في النبلاء. وترجم له المقريزي في المواعظ والاعتبار وابن خلدون في العبر وابن الاثير والحاكم في جلاء الابصار وابن عنبة في بحر الانساب، وغيرهم مما يطول ذكره. ومما اختص به الفصاحة والبيان واختصاصه بعلم القرآن ووجوه القراءات، وله قراءة مفردة مروية، ساق نشوان بن سعيد بقية أخباره وجمع قراءته الشيخ امام النحاة أبو حيان في كتاب سماه (النير الجلي في قراءة زيد بن علي). وروى صاحب الكشاف كثيرا منها. وقال جابر: سألت محمد بن علي الباقر عن أخيه زيد فقال: سألتني عن رجل ملئ ايمانا وعلما من اطراف شعره إلى قدمه، وهو سيد اهل بيته. وقد ذكر الديلمي في مشكاة الانوار الكلام على جهاد الإمام زيد ابن علي وذكر ما وقع بينه وبين هشام. وأما ما ورد فيه من الاحاديث والبشائر عن جده المصطفى فمنها ما ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الكبير في مسند حذيفة بن اليمان من قسمي الافعال ما لفظه عن حذيفة بن اليمان ان النبي صلى الله عليه وآله نظر يوم إلى زيد بن حارثة وبكى وقال: المظلوم من اهل بيتي سمي هذا والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سمي هذا؟! وأشار إلى زيد بن حارثة ثم قال: ادن مني يا زيد
---(1/8)
[ 9 ]
زادك الله حبا عندي فانك سمي الحبيب من ولدي زيد، اخرجه ابن عساكر. وروى الديلمي في مشكاة الانوار والمهدي لدين الله محمد بن المطهر في المنهاج والحاكم في جلاء الابصار والإمام أبو طالب يحيى بن الحسين في الامالي بسنده يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله انه قال: الشهيد من امتي القائم بالحق ولدي المصلوب بكناسة (1) فانه إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين يأتي يوم القيامة واصحابه تتلقاهم الملائكة المقربون ينادونهم ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا انتم تحزنون. وروى الديلمي في المشكاة والحاكم في جلاء الابصار والإمام المهدي في المنهاج بسنده يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله انه قال للحسين بن علي: يا حسين، يخرج من صلبك رجل يتخطأ هو واصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير الحساب. وروى الديلمي ايضا والمهدي في المنهاج وصاحب هداية الراغبين والحاكم الجشمي عن أنس انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل من ولدي رجل يقال له زيد بموضع يعرف بالكناسة يدعو إلى الحق. وزاد في المنهاج: لا ترى الجنة عين رأت عورته. وروى أن أبا الخطاب وجماعة دخلوا على الإمام زيد فسألوه عن مذهبه فقال: اني ابرأ إلى الله من المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه، ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على الله، ومن المرجئة الذين طمعوا الفساق في عفو الله، ومن المارقة الذين كفروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومن الرافضة الذين كفروا أبا بكر وعمر. وهذا هو عين مذهب اهل * هامش ص 9 (1) قال في القاموس الكناسة بالضم القمامة وموضع بالكوفة.
---(1/9)
[ 10 ]
العدل كما يعترف به من كان ذا فهم وعقل. واصحاب زيد الذين أخذوا عنه العلم كثير، منهم: سفيان الثوري ومنصور بن المعتمر، وكان فقيها ورعا محدثا احتج به البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وهو من شيوخ مسلم، ومنهم محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقيس بن الربيع وابو حنيفة وسلمة بن كهيل والنخعي وعطاء بن السائب وابو عوانة وغيرهم يطول ذكرهم وابو خالد الواسطي وهو اكثرهم ملازمة له والراوي لهذا المجموع، وله اصحاب كثيرون قتلوا مع زيد. وقد جمع (الإمام الحافظ) أبو عبد الله محمد بن علي الحسني الذي أثنى عليه الذهبي في النبلاء، وغيره من أسماء التابعين الذين رووا عن الإمام زيد بن علي ومحمد وحسين ويحيى بن زيد. ومن أحواله: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان يحيي الليل كله كأبيه زين العابدين سلام الله عليهم اجمعين. وله من المؤلفات هذا المسند المسمى المجموع الفقهي والمجموع الحديثي. وهو مختص بالحديث فقط والجامع لهما عبد العزيز كما يأتي في ترجمته، وتفسير الغريب من القرآن وتثبيت الامامة ومنسك الحج. كانت ولادته سنة 76 من الهجرة وبلغ من العمر 46 سنة وقتل بسهم لخمس بقين من المحرم سنة 122. وقال مؤلف عمدة الطالب الشريف احمد بن علي بن عنبة في المعلم الثالث: زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويكنى أبا الحسين وامه ام ولد ومناقبه أجل من ان تحصى وفضله
---(1/10)
[ 11 ]
اكثر من ان يوصف. خرج ايام هشام بن عبد الملك بالكوفة وبايعه من اهل الكوفة خمسة عشر الف رجل، ثم تفرقوا عنه ليلة خرج سوى ثلاثمائة رجل. ولما قتل أرسل برأسه إلى الشام ثم إلى المدينة فنصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وصلبت جثته عريانا فنسجت العنكبوت على عورته ليومه، وأقام اربع سنين مصلوبا ثم انزل وحرق وذر في ماء الفرات. قتله يوسف بن محمد بن يوسف بن عمر الثقفي. وله عليه السلام اربعة بنين منهم يحيى قتل بجوزجان عمره ثمان عشرة سنة. وفي تاريخ اليافعي لما خرج زيد، أتته طائفة كبيرة قالوا له: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك. فقال: لاأتبرأ منهما. فقالوا: اذن نرفضك. قال: اذهبوا فأنتم الرافضة. فمن ذلك الوقت سموا رافضة. وتبعته التي تولت ابا بكر وعمر وسميت الزيدية. ومثل هذا مع تطويل ذكره ابن الاثير في الجزء الثاني والحافظ بن عساكر في حرف الزاي والذهبي في تهذيب التهذيب في الجزء الرابع في حرف الزاي. ترجمة أبي خالد الواسطي رحمه الله هو أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي بالولاء الكوفي. وكان اصله بالكوفة ثم انتقل إلى واسط. قال في طبقات الزيدية روى المجموعين اي الفقهي والحديثي عن الإمام زيد بن علي ورواهما عنه إبراهيم بن
---(1/11)