(104) ـ حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد [الجَرَّاح]، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر [سليمان بن حَيَّان]، عن الربيع بن صَبِيْح [السعدي]، عن يزيد [بن أبان] الرُّقَاشي.
عن أنس قال: حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على رَحْلٍ رَثٍّ، وهو يقول: ))اللهم اجعلها حجة مبرورة لارياء فيها ولاسمعة (( (1) .
(105) ـ حدثنا علي بن منذر، قال: حدثنا [محمد] بن فُضَيْل، قال: حدثنا عمرو بن حفص [بن غَيَاث]، عن يزيد الرقاشي.
عن أنس بن مالك، قال: حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على رَحْلٍ وسَمْلِ قطيفة (2) أراها ثمن أربعة دراهم، قال: فلما توجه قال: ))اللهم اجعلها حجة لاسمعة فيها ولارياء (( (3) .
(106) ـ حدثني قاسم بن محمد ، قال: حدثنا مُعَلَّى بن هلال ، عن أبان بن أبي عياش، عن شهر بن حوشب.
عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ))إن الرجل ليقوم في الليلة القُرَّة (4) ، فيتطهر فيحسن الطهور، ثم يدخل بيته فيرسل ستره عليه، فيصلي، فتصعد الملائكة بعمله، فَيُرَدّ عليهم، فيقولون: ربنا إنك لتعلم إنا لم نرفع إلا حقاً، فيقول: صدقتم ولكنه صلى وهو يحب أن يُعْلَم به (( (5) .
__________
(1) ـ أخرجه ابن ماجه 2/965 رقم (2890) من طريق وكيع عن الربيع به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية 3/54 من طريق مسلم بن إبراهيم عن الربيع به، ولفظه عندهما: ))اللهم حجة لاسمعة فيها ولارياء((. ويأتي بعده من طريق عمرو بن حفص عن يزيد به. وأورد نحوه المتقي الهندي في الكنز 5/32 (11917) عن ابن عباس، وعزاه إلى العقيلي في الضعفاء، وأخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى 4/333 ، وابن خزيمة في صحيحه 4/262 رقم (1836) عن بشر بن قدامة الضبائي مرفوعاً.
(2) ـ السمل: الخَلِقُ من الثياب. النهاية 9/359.
(3) ـ أنظر الذي قبله.
(4) ـ القُرَّة: البرد، أو يخص بالشتاء ـ قاموس.
(5) ـ أورده القرشي في شمس الأخبار 1/380 عن الذكر.(1/41)
(107) ـ حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، عن ابن فضيل ، عن إبراهيم [بن مسلم] الهجري، عن أبي الأحوص،
عن عبد الله [بن مسعود]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))مَنْ أحسن صلاته حيث يراه الناس وأساءها إذا خلا فتلك استهانة استهان بها ربه (( (1) .
(108) ـ حدثنا شيخ من أهل البصرة ، قال : حدثنا أبو موسى ، عن أبان [بن أبي عياش]،
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))من كانت سريرته [شراً] من علانيته فهو في النار (( (2)
(109) ـ حدثنا علي، قال: قرأ عَلَيَّ عبد الله بن محمد الصوفي هذا الحديث، قال: حدثني عبدالرحمن بن علي، عن محمد بن رزين (3) ، عن الحسن بن علي، عن ثور بن يزيد (4) ، عن خالد بن معدان، أحسبه عن رجل.
__________
(1) ـ أخرجه أبو يعلى في المسند 9/54 رقم (5117) من طريق محمد بن دينار عن إبراهيم بن مسلم به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2/290 من طريق زائدة عن إبراهيم به، وحسنه ابن حجر في المطالب العالية 3/183.
(2) ـ في (ب): من علانيته شر فهو في النار. وفي (أ): علانيته شر فهو في النار. وفي (ج): من كانت سريرته من علانيته فهو في النار، والحديث لم أوفق إلى معرفة من خرجه.
(3) ـ في (أ) و (ب): حدثني عبدالرحمن بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن رزين، ولم أعرفه كما لم أعرف الذي قبله.
(4) ـ في (أ): بن بريدة، وهو تصحيف والصحيح ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي الحمصي أبو خالد، لأن ثور الكلاعي هو المشهور بروايته عن خالد بن معدان خصوصاً هذه الرواية.(1/42)
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال له رجل حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحفظته، وذكرته عن ربه ماحدثك به (1) . قال: نعم. ثم بكى معاذ حتى ظننت أنه لايسكت، فقلت: ألا تسكت ؟ ثم سكت، فقال (2) : بأبي وأمي حدثني وأنا رَدِيْفَه فبينما (3) نحن نسير إذ رفع بصره (4) إلى السماء، فقال: ))الحمدلله الذي يقضي في خلقه ما أَحَبَّ (( . فقال: ))يامعاذ (( . قلت: لبيك يا رسول الله سيد المؤمنين. قال: ))يامعاذ (( قلت: لبيك يا رسول الله إمام الخير ونبي الرحمة. قال: ))أحدثك حديثاً ماحدث به نبي أمته، إن حفظته نفعك عيشك، وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله (( . ثم قال: ))إن الله جل وعلا خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات، لكل سماء ملك، قد (5) جللها بعظمها وجعل على كل باب سماء منها ملكاً منهم بواباً.
فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي، ثم ترفع الحفظة عمل العبد، له نور كنور الشمس، حتى إذا بلغ إلى سماء الدنيا فتزكيه وتُكَثِّره، فيقول [الملك البواب]: قف، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه [وقل: لاغفر الله له]، فإنه أراد بهذا العمل عَرَض الدنيا، لا أدع عمله يجاوزني، أنا ملك صاحب الغِيْبَة، من اغتاب لم أدع عمله يجاوزني إلى غيري، أمرني ربي بذلك.
ثم يجيء من الغد ومعه عمل صالح، فيمر به ويزكيه ويكثره، حتى يبلغ به الملك إلى السماء الثانية، فيقول: قف، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، فإنه أراد بهذا العمل عَرَض الدنيا، لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، أمرني ربي بذلك.
__________
(1) ـ كذا في النسخ.
(2) ـ في (أ): قال.
(3) ـ في (ش): فبينا.
(4) ـ في (ش): رأسه.
(5) ـ هكذا في (ب)، وفي (أ): فقد.(1/43)
قال: ثم يصعد بعمل العبد مبتهجاً بصدقته وصلاته، فتُعْجَب به الحفظة، فيجاوزهم إلى السماء الثالثة، فيقول الملك: قف، فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وظهره، [وقل: لاغفر الله لك]، أنا ملك صاحب الكِبْر، إنه عمل فتكبر (1) على الناس في مجالسهم، أمرني ربي ألا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد يُزْهِر كما يزهر النجم الدُّريّ في السماء، له دَوِيّ بالتسبيح وبصوم وبحج؛ فيمر به إلى ملك صاحب السماء الرابعة، فيقول: قف، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه، أنا ملك صاحب العُجْب بالنفس، إنه عمِل وأدخل معه العُجْب، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوف إلى أهله (2) ، فيمر بهم إلى السماء الخامسة، بعمل الجهاد وصلاة مابين الصلاتين، لذلك العمل زئير كزئير الأسد، عليه ضوء كضوء الشمس، فيقول الملك: قف، أنا ملك صاحب الحسد، قف، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، ويحمله على عاتقه، إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل لله كعمله، إذا رأى لأحد فضلا في العمل والعبادة حسدهم ووقع فيهم، فيحمله على عاتقه ويلعنه عمله.
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد، بوضوء تام وقيام من الليل وصلاة كثيرة، فيمر إلى ملك السماء السادسة فيقول الملك: قف، أنا ملك صاحب الرحمة، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه واطمس عينيه، لأن صاحبك لم يرحم شيئاً، إذا أصاب عبداً من عباد الله ذنب الآخرة، أو ضرٌ في الدنيا شمت به، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.
__________
(1) ـ في (أ) و (ج): عمل فيها.
(2) ـ في (أ): كالعروس المزفوفة إلى بعلها.(1/44)
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد، أعمالا بفقه واجتهاد وورع، وله صوت كصوت الرعد، وضوء كضوء البرق، ومعه ثلاثة آلاف ملك، فيمر بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك: أنا صاحب الحق، قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، واقفل على قلبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، إنه أراد به رفعة عند القراء وذكراً في المجالس وصوتاً في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، مالم يكن لله خالصاً.
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً، من حُسْن خُلُقٍ وصمت وذكر كثير، وتشيعه ملائكة السموات، والملائكة السبعة بجماعتهم، فيقطعون الحجب كلها، حتى يقوموا بين يدي الله تبارك وتعالى، ويشهدوا عليه بعمل خالص ودعاء، فيقول الله عز وجل: أنتم حفظة على عمل عبدي، وأنا رقيب على مافي نفسه، إنه لم يردني بهذا، عليه لعنتي، فتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا، ويقول أهل السماء: عليه لعنة الله تعالى ولعنة السبعة ولعنتنا (( .
ثم بكى معاذ، فقال قلت: يا رسول الله ما اعمل ؟ قال: ))إقتد بنبيك يامعاذ في اليقين ((. قلت: يا رسول الله أنت رسول الله، وأنا معاذ بن جبل. قال: ))وإن كان في عملك تقصير يامعاذ، فاقطع لسانك عن إخوانك، وعن حَمَلَة القرآن، ولتكن ذنوبك عليك، لاتحملها على إخوانك، ولاتزكِ نفسك بتذميم إخوانك، ولاترفع نفسك بوضع إخوانك، ولاتراءِ بعملك لكي يراك الناس، ولاتدخل أمر الدنيا في الآخرة، ولاتفحش في مجلسك لكي [لا] يحذروك لسوء خلقك، ولاتَنَاجَى مع رجل وعندك آخر، ولاتتعاظم على الناس فتنقطع عنك خيرات الدنيا والآخرة، ولاتمزق الناس فتمزقك كلاب النار، قال الله عز وجل: {والنَّاشِطَاتِ نَشْطاً}[النازعات: 2] ، تدري ماهو ؟ قلت: يانبي الله ماهو ؟ قال: ))هو (1) كلاب في النار تَنْشُط اللحم والعظم ((. قلت: من يطيق هذه الخصال ؟ قال: ))يامعاذ إنه ليسير على من يسره الله ((.
__________
(1) ـ كذا في جميع النسخ.(1/45)