(19) ـ حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثني شريح بن مَسْلَمَة التَّنوخي (1)، قال: حدثنا مهدي [بن ميمون]، عن واصل (2) مولى ابن عيينه، عن يحيى بن عُقَيْل [الخزاعي] ، عن يحيى بن يَعْمُر (3) ، عن أبي الأسود الدؤلي (4)،
عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال قلت (5) : يا رسول الله ذهب أهل الدُّثُور (6) بالأجر؛ لأنهم يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضل أموالهم.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ؟ إن كل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، وفي بُضْع أحدكم صدقة)) . قالوا: يا رسول الله يأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أرأيتم لو أنه وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر)) (7) .
__________
(1) ـ في (أ): شريح بن سنمة. وفي (ج): بن سلمة. وهو تصحيف والصحيح ما أثبته. انظر تهذيب الكمال 12/448.
(2) ـ في (أ): واصل بن عطاء وهو خطأ. وفي (ج): مهدي واصل. وهو تصحيف .
(3) ـ في النسخ: عن معمر، وهو تصحيف، وما أثبته هو الصحيح، لأن يحيى بن يعمر يروي عن أبي الأسود ، ويروي عنه يحيى بن عقيل.
(4) ـ ويقال له: الديلي، اسمه: ظالم بن عمرو بن سفيان أسلم على عهد النبي (ص) وكان من أبرز أصحاب الإمام علي عليه السلام، توفي سنة (69 هـ). انظر تهذيب الكمال 33/37.
(5) ـ في (أ): قالوا. وفي (ج): قيل.
(6) ـ أهل الدثور: أهل الأموال. والدَّثْرُ: المال الكثير ـ أفاده القاموس.
(7) ـ أخرجه مسلم 2/697 (52/1005) من طريق عبدالله بن محمد بن أسماء الضبعي عن مهدي بن ميمون به. وأخرجه أحمد 5/167 من طريق عفان عن مهدي به.(1/11)
(20) ـ حدثنا محمد بن إسماعيل(1)، قال: حدثنا حسين بن نصر(2)، عن أبيه، عن محمد بن مروان، عن عمر بن عبد الله (3)، عن عَبَّادة بن نُسَي، عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال:
سمعت معاذ بن جبل يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أكثروا من ذكر الله عز وجل على كل حال، فإنه ليس عَمَلٌ أحب إلى الله تعالى ولا أنجى للعبد من كل سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله عز وجل)). قال: فقال له قائل: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لولا ذكر الله لم يؤمر بالجهاد في سبيل الله، ولو اجتمع الناس على ذكر الله تعالى كما أمر الله لم يكتب الله الجهاد على عباده، وإن ذكر الله عز وجل لايمنعكم من الجهاد في سبيل الله، بل هو عون لكم.
فقولوا: لا إله إلا الله والله أكبر والحمدلله وسبحان الله وتبارك الله، فإنهن خمس لايعدلهن شيء، وعليهن فَطَرَ الله ملائكته، ومن أجلهن رفع الله سماءه، ودحا أرضه، ولهن جَبَلَ الله إِنْسَه وجِنَّه، وفَرَضَ عليهن فرائضه)).
__________
(1) ـ سيأتي هذا الإسناد رقم (92 و 427) وليس فيه محمد بن إسماعيل. وصقاطه هو الصواب لأن المرادي يروي عن حسين بن نصر مباشرة ، ومحمد بن اسماعيل لم يرو عن حسين بن نصر.
(2) ـ في (أ): حسين بن نظر، وهو تصحيف.
(3) ـ لعله أبو إسحاق السبيعي، وهذا الإسناد سيأتي رقم (92 و 427) وليس فيه محمد بن إسماعيل.(1/12)
فقيل: يا رسول الله فإن ذكر الله لايكفينا من الجهاد. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ولا الجهاد يكفيكم من ذكر الله عز وجل، ولايصلح إلا بذكر الله تعالى، فطوبى لمن أكثر من ذكر الله في الجهاد، فإن كل كلمة من هؤلاء بسبعين ألف حسنة، وكل حسنة بعشر أمثالها، وعند الله المزيد، مالايحصيه غيره، ولايقبل الله ذِكْراً إلا ممن اتقى فطهر قلبه، فأكرموا الله عز وجل من أن يرى منكم مانهاكم عنه، فإن الله الكريم إنما فرض على الناس أهون العمل، فأبى أكثر الناس إلا كفورا، فلما لم يقبلوا رحمة الله أمر بجهادهم، فاشتد البلاء على المؤمنين، وجعل الله لهم العاقبة في النِّقْمة من الكافرين))
قال: فقلت لمعاذ: فإن الله عز وجل إنما جعل في كتابه النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف. فقال لي: قد قَلَّ فهمك، إنما ذلك إذا أنفقوها في سبيل الله، وهم في أهلهم غير غُزَاة.
قال: فقلت: ماشأن النفقة تكون في أهلهم بسبعمائة ضعف، والتسبيح وسائر الأعمال لاتكون إلا بعشر ؟ قال فقال معاذ: إن الله سبحانه رَغَّبَ الناس في النفقة في سبيل الله لأن ذِكْرَ الله والدين كله لم يصلح إلا بها، ولولا هي لم يقو أهل دين الله، ولم يجاهدوا أعداء الله، حتى يدخلوا في دين الله، فكانت هي أشد العمل على الناس فجعلها الله لهم بسبعمائة ضعف، ليروا فضلها على غيرها فيطيبوا نفساً ويقوى بها المؤمنون على ما أمرهم الله تبارك وتعالى به .
(21) ـ حدثنا عبد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا عثمان بن مطر [الشيباني] (1) ، قال: حدثنا ثابت البناني،
__________
(1) ـ في (أ): بن مطرف، وهو تصحيف.(1/13)
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))إن الله عز وجل ذِكْرُه وكَّلَ بعبده ملكين يكتبان عمله، فإذا مات قال الملكان اللذان وُكِّلا به: ربنا قد مات عبدك فلان بن فلان فتأذن لنا فنصعد إلى السماء ؟ فيقول الله تبارك وتعالى: السماء مملؤة من ملائكتي. فيقولان: ربنا فنقيم في الأرض ؟ فيقول: أرضي مملؤة من خلقي. فيقولان: ربنا فأين ؟ قال: فيقول سبحانه وتعالى: قوما عند قبره، فسبحاني، واحمداني، وكبراني، وهللاني، واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم يبعثون (( (1) .
(22) ـ حدثنا عبد الله بن أبي زياد، عن سيار (2) ، قال: حدثنا جعفر [الضبعي]، قال: سمعت ثابت [البناني] ـ أحسبه عن أبي عثمان ـ، قال:
كان سلمان الفارسي رحمه الله في عصابة يذكرون الله عز وجل، فمَرَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء نحوهم قاصداً (3) حتى دنا منهم، فكَفُّوا الحديث إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( قولوا ماكنتم تقولون، فإني رأيت الرَّحمة تنزل عليكم، فأحببت أن أشارككم فيها )).
__________
(1) ـ أورد الحديث صاحب كنز العمال 15/748 (42967)، وعزاه إلى المروزي في الجنائز وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات، وأبي الشيخ في العظمة، والبيهقي في شعب الإيمان والديلمي، ثم قال وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب. قلت : وهو في الموضوعات 3/229 من طريق عيسى بن خالد عن عثمان بن مطر به، وأورده ابن حجر في المطالب العالية 3/56 (2866) وعزاه إلى أحمد بن منيع، وأورده الزيلعي في نصب الراية 1/434 وعزاه إلى إسحاق بن راهويه، وأورده القرطبي في تفسيره 17/12 وعزاه إلى أبي نعيم.
(2) ـ في (أ): عبدالله بن زياد سفيان، وهو تصحيف.
(3) ـ في (أ، ب): فاغتدى.(1/14)
(23) ـ حدثنا محمد بن عبيد [المحاربي]، قال: نبأني قتيبة [بن سعيد الثقفي]، قال: نبأني [عبد الله] بن لهيعة، عن أبي عمرو [الأوزاعي]، عن دَرَّاج (1) ، عن أبي الهيثم [سليمان بن عمرو العتواري]،
عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلت: يا رسول الله ، أي عباد الله أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال: {والذَّاكِرِينَ الله كَثِيْراً وَالذَّاكِرَات} [الأحزاب: 35]، قال: قلنا: يا رسول الله، مِن الغازين في سبيل الله ؟ فقال: (( لو ضَرَبَ بسيفه الكفار والمشركين حتى ينكسر أو ينخضب دماً لكان ذكر الله عز وجل أفضل درجة، ومامَنَّ الله على عبد مَناًّ بأفضل من أن يلهمه ذكره )) (2).
(24) ـ حدثنا عبيد [ بن أبي هارون]، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا أبو عاصم النبيل، عن عبدالحميد، عن جعفر، عن حسين، عن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر،
عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( مامَنَّ الله جل وتعالى على عبد أفضل من أن يلهمه ذكره )) (3) .
(25) ـ حدثنا عبد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا موسى بن عبيدة [الرَّبَذي]، قال: حدثنا أبان [بن صالح]،
عن الحسن: أن رجلا كان إذا خرج لايمر برجل أو رجلين أو ملأ إلا أمرهم بذكر الله تعالى، ويقول: حدثني حذيفة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( مَنْ أمر ملأ بذكر الله كان له مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً )) (4) .
*****
__________
(1) ـ يقال اسمه: عبدالرحمن. ودَرَّاج لقب، وهو ابن سمعان أبو السمح القاص مولى عمرو بن العاص. انظر: تهذيب الكمال 8/477.
(2) ـ أخرجه الترمذي 5/428 (3376) عن قتيبة بن سعيد به، إلا أنه لم يذكر فيه أبا عمر الأوزاعي.
(3) ـ سقط هذا الحديث من (أ، ب). وأخرجه ابن أبي الدنيا كما في الترغيب والترهيب 2/400.
(4) ـ لم أقف عليه.(1/15)