قال: ومارأيت معاذ يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث (1).

(110) ـ حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن إسماعيل بن موسى [الفزاري]، عن ميسرة بن عبد ربه [الفارسي] (2) ، عن المغيرة بن قيس [البصري].
عن حنظلة بن دواع (3) ، قال: ضمني المجلس أنا ومعاذ بن جبل في مجلس أبي أيوب الأنصاري ونحن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال معاذ بن جبل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أخبرنا عن قول الله عز وجل: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِيْ الصُّوْرِ فَتَأْتُوْنَ أَفْوَاجاً} [النبأ: 18]. فهَمَلَتا (4) عينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: ))يامعاذ بن جبل لقد سألت عن عظيم من الأمر، تحشر هذه الأمة على عشرة أصناف، يبدل الله صورهم، فبعضهم على صورة القردة و[بعضهم على صورة] (5) الخنازير، وبعضهم منكوسة أرجلهم فوق رؤوسهم ووجوههم أسفل يسحبون عليها، وبعضهم يترددون عمياً لا يبصرون، وبعضهم صم بكم لايعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم، يسيل القيح والصديد على أفواههم، يَقْذُرهم أهل الجَمْع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مُصَلَّبين على جذوع من نار، وبعضهم عليهم جِبَاب (6) من قَطِران لازقة بجلودهم، وبعضهم أنتن من الجيفة ((.
__________
(1) ـ أورده بطوله القرشي في شمس الأخبار 1/345 نقلا عن الذكر، ورواه ابن حبان في المجروحين 2/214، وابن الجوزي في الموضوعات 3/154 و 157، وقال: قد رواه أبو حاتم ابن حبان. وما جعلته بين معكوفين من موضوعات ابن الجوزي.
(2) ـ له ترجمة طويلة في لسان الميزان 6/138، وهو المتهم بوضع حديث فضائل القرآن.
(3) ـ لم أعرفه.
(4) ـ هملتا : فاضتا بالدمع .
(5) ـ مابين المعكوفين من الدر المنثور.
(6) ـ جباب: جمع جبة وهو القميص.(1/46)


ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))يامعاذ تدري ماكانت أعمالهم في الدنيا ؟ (( قلت: لا أدري بأبي وأمي أنت يا رسول الله. قال: ))أما الذين على صور القردة فهم القَتَّاتون ـ يعني النمامين ـ.
وأما الذين على صور الخنازير، فهم أكَلَة السُّحْت.
وأما الذين يسحبون على وجوههم منكوسة فهم أكلة الرباء.
وأما العُمْي الذين يَتَرَدَّدُون فهم الذين يجورون في الحكم من أمتي.
وأما الصُّم البُكم الذين لايعقلون، فهم المعجبون بأعمالهم.
وأما الذين يمضغون ألسنتهم، فهم أهل العلم والقصص الذين يخالف قولهم فعلهم.
وأما المُقَطَّعة أيديهم وأرجلهم، فهم الذين يؤذون جيرانهم.
وأما الذين يصلبون على جذوع من نار، فهم السُّعَاة بالناس إلى السلاطين الجائرة.
وأما الذين عليهم جِبَاب القَطِران اللاصقة بجلودهم، فهم أهل الكبر والخيلاء من أمتي.
وأما الذين هم أنتن من الجيفة، فهم أصحاب الشهوات واللذات والرياء والسُّمعة من أمتي (( (1) .

(111) ـ حدثنا جُبَارة بن المُغَلّس، قال: حدثنا مِنْدَل بن علي (2) ، عن أبي نعيم الشامي، عن محمد بن زياد السلمي.
عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))إن مِن فَتَنَةِ العلماء من يكون الكلام أحب إليه من الإستماع، وفي الكلام تَنْمِيقٌ (3) وزيادة لايؤمن على صاحبه فيه الخطأ، وفي الصمت سلامة وعلم.
ومن العلماء من يخون علمه، ولايحب أن يوجد عند غيره (4) ، فذلك في الدرك الأول من النار.
__________
(1) ـ أورده القرشي في شمس الأخبار 2/370 عن الذكر. وأخرجه ابن مردويه عن معاذ ذكر ذلك السيوطي في الدر المنثور 8/393.
(2) ـ في (أ): منذر بن علي وهو تصحيف، ومندل هو الذي يروي عنه جبارة بن المغلس الحماني، كما في تهذيب الكمال 4/490.
(3) ـ التنميق: التزيين. كما في القاموس.
(4) ـ في (ج): يؤخذ عند غيره.(1/47)


ومن العلماء من يكون في علمه بمنزلة السلطان، فإذا رُدَّ عليه شيء من قوله أو هُوّن عليه شيء من حَقِّه غضب، فذلك في الدرك الثاني من النار.
ومن العلماء من يجعل حديثه وغرائب علمه لأهل الشرف والشأن، ولايرى أهل الحاجة له أهلا، فذلك في الدرك الثالث من النار.
ومن العلماء من يَسْتَفزُّه الزَّهْو والعُجْب، فإن وُعِظَ أنِف، فذلك في الدرك الرابع من النار.
ومن العلماء من ينصب نفسه للفتياء فيفتي بالخطأ، والله يبغض المتكلفين، فذلك في الدرك الخامس من النار.
ومن العلماء من يتعلم كلام اليهود والنصارى، ليتعزز به علمه، فذلك في الدرك السادس من النار.
ومن العلماء من يتخذ علمه مراواة ونيلا وذكراً في الناس، فذلك في الدرك السابع من النار.
فعليك بالصمت فبه تغلب الشيطان، وإياك والضحك من غير عَجَبٍ، والمشي في غير مَأرَب ((.

(112) ـ حدثنا عبد الله بن حكم، عن سيار (1) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد (2) ،
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))يامعاشر المسلمين، خذوا حذركم من ربكم، فإن بين يَدَي الساعة أمور شداد، فأعدوا لها الإيمان والعمل الصالح (( .

(113) ـ حدثنا سفيان بن وكيع، عن زيد بن حُبَاب، عن عبدالرحمن بن شريح [المعافري]، قال: حدثني شراحيل (3) بن يزيد المعافري، قال: سمعت محمد [بن هديه] الصدفي يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ))أكثر منافقي أمتي قراؤها (( (4) .

*****
__________
(1) ـ في (أ): عبدالله بن الحكم بن سيار وهو تصحيف.
(2) ـ هنا انقطاع في السند، لأن جعفر بن محمد لم يدرك ابن عمر.
(3) ـ ويقال له: شرحبيل.
(4) ـ أخرجه أحمد 2/175 عن زيد بن الحباب به. وأخرجه البخاري في التاريخ 1/257 من طريق ابن المبارك عن عبدالرحمن بن شريح به، وله شواهد عن عقبة بن عامر وابن عباس وعصمة بن مالك، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (750).(1/48)


(114) ـ حدثنا محمد بن أحمد بن عبدالملك، قال: أخبرني أبي (1) ، عن عبد الله بن مبارك، عن أبي بكر بن [أبي] مريم الأشرم (2) .
عن ضَمْرة بن حبيب (3) ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))إن الملائكة يرفعون عمل العبد من عباد الله جل وعلا فيكثرونه (4) ويزكونه حتى ينتهوا به إلى ماشاء الله من سلطانه، فيوحي الله جل ثناؤه إليهم: إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على مافي نفسه، إن عبدي هذا لم يخلص عمله لي، اجعلوه في سِجِّين. وإن الملائكة يرفعون عمل العبد من عباده فيحقرونه، ويستقلونه حتى ينتهوا به إلى ماشاء الله عز وجل من سلطانه، فيوحي إليهم: إنكم حفظة على عمل عبدي، وأنا رقيب على مافي نفسه، إن عبدي هذا أخلص عمله لي، ضاعفوه واجعلوه في عِلِّيين (( (5) .

(115) ـ حدثنا أحمد بن محمد بن عبدالملك (6)، عن أبيه، عن عبد الله بن مبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم.
__________
(1) ـ كذا في النسخ وسيأتي بعده باسم أحمد بن محمد بن عبدالملك عن أبيه، ولم أعرفهما.
(2) ـ أبو بكر بن عبدالله بن أبي مريم الغساني الشامي، وقد ينسب إلى جده، قيل اسمه: بكير، وقيل: عبدالسلام، توفي سنة (156 هـ). انظر: الجداول ـ خ ـ، التقريب 2/398، وتهذيب الكمال 13/315 ترجمة ضمرة رقم (2936)، وتهذيب التهذيب 12/33.
(3) ـ ضَمْرَة بفتح المعجمة وتسكين الميم بن حبيب بن صهيب الزبيدي أبو عقبة الشامي الحمصي، تابعي توفي سنة (130 هـ) ، وليس ضمرة بن حبيب المقدسي. انظر تهذيب الكمال 13/314 ، ثقات ابن حبان 4/388، وطبقات ابن سعد 7/464.
(4) ـ في الزهد لابن المبارك: فيستكثرونه.
(5) ـ أخرجه ابن المبارك في الزهد (452) به. وأورده القرشي في شمس الأخبار 1/379 ـ 380 عن الذكر.
(6) ـ كذا جاء في النسخ، وقد تقدم قبله باسم: محمد بن أحمد بن عبدالملك، ولم أعرفه كما لم أعرف أباه.(1/49)


عن ضَمْرة بن حبيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))ماتقرب العبد إلى الله عز وجل بشيء أفضل من سجود خَفِيِّ (( (1) .
(116) ـ حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو غَسَّان، عن ابن المبارك، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم.
عن ضَمْرة بن حبيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))اذكروا الله ذكراً خاملا ((. فقيل: وما الذكر الخامل ؟ قال: ))الذكر الخَفِيِّ (( (2) .

(117) ـ حدثنا أحمد بن عبد الجبار [العُطَاردي] ، عن أبيه ، عن فضيل [بن عياض]، عن هشام [بن حَسَّان].
عن الحسن [البصري]، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: قرأت الليلة كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))إن حظه مما قرأ كلمته (( .

(118) ـ حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى [العُكْلِي]، عن حُصَين [بن مُخَارِق السلولي]، عن جعفر [بن محمد].
عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ))مازاد من الخشوع على مافي القلب، فهو رياء (( (3) .

(119) ـ حدثنا أحمد بن صَبِيْح، عن حسين بن عُلْوان.
عن عبد الله بن الحسن(4) ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ))إن صلاة السِّر تضعف على صلاة العلانية بسبعين ضعفاً (( .

(120) ـ حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن حفص بن غَيَاث، عن عاصم [بن سليمان الأحول].
__________
(1) ـ أخرجه ابن المبارك في الزهد (154) به. وذكره في كنز العمال 3/24 (5269) وعزاه إلى ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب.
(2) ـ أخرجه المبارك في الزهد (155) ، به.
(3) ـ أورده القُرَشِي في شمس الأخبار 1/380 عن الذكر.
(4) ـ عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أحد فضلاء أهل البيت (ع)، سجنه أبو جعفر الدوانيقي مع إخوته سنة (144 هـ) في سرداب تحت الأرض، وتوفي في محبسه سنة (145 هـ). انظر: طبقات الزيدية ـ خ ـ، تهذيب الكمال 14/414.(1/50)

10 / 46
ع
En
A+
A-