عن أم الوليد بنت عمر قالت: اطلع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات عشيةٍ فقال: ((يا أيها الناس، أما تستحيون؟)) فقالوا: يا رسول الله مم؟ قال: ((تجمعون مالاً تأكلون، وتبنون مالاً تعمرون، وتأملون مالاً تدركون أفلا تستحيون من ذلك؟)).
o وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى إملاءً، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبان، قال: أخبرنا عبد الله بن محمدٍ الروياني، قال: حدثنا محمد بن سليمان الجرجاني، عن عمرو بن المختار، عن أبي إسماعيل العتكي، عن جعفر بن محمدٍ عن أبيه عن جده، عن أبيه.
عن علي (عليهم السلام)، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا نبي الله أخبرني عن الزهد ما هو؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا علي مثل الآخرة في قلبك والموت نصب عينيك، وكن من الله عز وجل، على وجلٍ، وأد فرائض الله عز وجل، واكفف عن محارمه، ونابذ هواك، واعتزل الشك، والشبهة، والطمع، والحرص، واستعمل التواضع، والنصفة، وحسن الخلق، ولين الكلام، واقنع بقبول الحق من حيث ورد عليك، واجتنب الكبر، والبخل، والعجب، والرياء، ومشية الخيلاء، ولا تستصغرن نعم الله وإن قلت، وجاورها بالشكر، واذكر الله في كل وقتٍ، واحمده على كل حالٍ، واعف عن من ظلمك، وصل من قطعك، واعط من حرمك، وليكن صمتك فكراً، وكلامك ذكراً، ونظرك اعتباراً، وتحبب ما استطعت، وعاشر الناس بالحسنى، واصبر على النازلة، واستهن بالمصيبة، وأعمل الفكرة في المقادير، واجعل شوقك إلى الجنة، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، ولا تأخذك في الله لومة لائمٍ، وخذ من الحلال ما شئت إذا أمكنك، وجانب الجمع والطمع، واعتصم بالإخلاص والتوكل، وابن على أسس التقوى، وكن مع الحق حيثما كان، وميز ما اشتبه عليك بعقلك فإنه حجة الله عليك ووديعته فيك وبرهانه عندك، فذلك أعلام الهدى ومنهاجه والعاقبة للمتقين)).(1/374)
o وبه قال أي إلى أبي العباس، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي الصوفي، قال: أخبرنا محمد بن بلالٍ، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق.
عن زاذان، قال دخل سعدٌ على سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، في مرضه وهو يبكي، فقال: يا أبا عبد الله أبشر ما هذا البكاء تقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنك راضٍ، فقال سلمان: يا سعد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من سره أن يلحقني فليكن زاده من الدنيا كزاد الراكب)) أما ترى ما قد جمعنا؟، فبيع كل ما في بيته فبلغ ثمانية عشر درهماً.
o وبه قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمدٍ البحري، قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن القاسم الموصلي عن أبي الربيع، قال: حدثنا أفلحٌ، عن الزهري وعروة وسعيد بن المسيب.
عن حكيم بن حزامٍ، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا حكيم بن حزامٍ إن هذا المال حلوٌ خضرٌ فمن أخذه بسماحة نفسٍ بورك له فيه ومن أخذه بإسرافٍ لم يبارك له فيه وكان كالأكل الذي لا يشبع، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى))، قال حكيمٌ: فقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا لا أرزأ زهداً أحداً شيئاً حتى أفارق الدنيا.
o وبه قال: أخبرنا أبو محمدٍ عبد الله بن محمدٍ القاضي ببغداد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن العبد، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حمادٌ عن ثابتٍ.(1/375)
عن أنسٍ، قال: كانت العضباء لا تسبق؛ فجاء أعرابي على قعودٍ له يسابقها فسبقها الأعرابي، فكأن ذلك شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((حق على الله عز وجل أن لا يرفع شيئاً له في الدنيا إلا وضعه))، قال أبو داود وحدثنا النفيلي، قال: حدثنا زهيرٌ، قال: حدثنا حميدٌ عن أنسٍ بهذه القصة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((إن حقا على الله أن لا يرفع شيئاً في هذه الدنيا إلا وضعه)).(1/376)
الباب الرابع والأربعون في ذكر الرزق وما يتصل بذلك
o وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشدٍ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرٍ محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن جده الحسين بن علي.
عن أمير المؤمنين علي (عليهم السلام)، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((عليك يا علي باليأس عما في أيدي الناس فإنه الغنى الحاضر، فقلت: زدني يا رسول الله، فقال: يا علي إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، فقلت: زدني يا رسول الله، فقال: إذا هممت بأمرٍ فتدبر عاقبته فإن يك خيرًا فاتبعه، وإن يك غيا فدعه، ثم قال: يا علي إن من اليقين أن لا ترضي أحداً بسخط الله، ولا تحمد أحداً على ما أتاك الله ولا تذم أحداً على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يجره حرص حريصٍ ولا يصرفه كراهة كارهٍ إن الله بحكمته وفضله جعل الروح والفرح في الرضا (واليقين) وجعل الهم والحزن في الشك والسخط)).
o وبه قال: أخبرنا محمد بن بندارٍ، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا داود بن رشيدٍ، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، عن ابن جريجٍ، عن أبي الزبير.
عن جابرٍ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أيها الناس، إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق واتقوا الله، أيها الناس واجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم)).
o وبه قال: أخبرنا علي بن محمدٍ الطبري، قال: أخبرنا أبو محمدٍ الرويابي، قال: أخبرنا أبو حاتمٍ الرازي، عن عبد الصمد بن محمدٍ العباداني عن أبيه أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كان يقول:
يعد لرزقه المقضي بابا
ولا رأي الرجال له اكتسابا
بحيلتك القضاء ولا الكتابا
إذا يقضى لك الرحمن رزقاً
وإن يحرمك لا تسطع بحولٍ
فأقصر في خطاك فلست تعدو(1/377)
o وبه قال أنشدنا أبو الحسن علي بن مهدي، قال أنشدنا ابن الأنباري لأمير المؤمنين علي عليه السلام:
يأتيك رزقك حين يؤذن فيه
يأتيك حين الوقت أو تأتيه
بالعبد أرأف من أبٍ ببنيه
يضني حشاك وأنت لا تبديه
فكأنما عن نفسه يخفيه
لا تعتبن على العباد فإنما
سبق القضاء بوقته فكأنما
وثقاً بمولاك اللطيف فإنه
وأشع غناك وكن لفقرك صائناً
فالحر يكتم جاهداً إعدامه
o وبه قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن مهدي، قال: أنشدنا ابن الأنباري لأمير المؤمنين علي عليه السلام:
مقدار ما يستوجب العبد
وغب نحسٌ وبدأ سعد
واتصل السؤدد والمجد
بما يريد الواحد الفرد
لو كانت الأرزاق تجري على
لكان من يخدم مستخدمًا
واعتذر الدهر إلى أهله
لكنها تجري على سمتها(1/378)