عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام قام خطيباً وذلك حين وقع خلاف من خالفه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما شاء الله توكلت على الله الذي لا إله إلا هو حي بلا كيفٍ ولم يكن له كان، ولا كان له أين، ولا كان في شيءٍ، ولا كان على شيء، ولا قوى بعد ما كون، ولا كان ضعيفاً قبل أن يكون ولا كان مستوحشاً قبل أن يبتدع، ولا خلوا من الملك قبل إنشائه، ولا يكون خلوا بعد ذهابه، كان إلهاً حيا بلا حياةٍ، وملكاً قبل أن ينشئ شيئاً، ومالكًا بعد إنشائه، وليس يكون له كيف ولا أين، ولا له حد يعرف ولا شيءٌ يشبهه، ولكن سميعٌ بلا سمعٍ وبصيرٌ بغير بصرٍ وقوي بغير قوةٍ من خلقه، لا تدركه حدق الناظرين، ولا يحيط به سمع السامعين، إذا أراد شيئاً كان بلا مشاورةٍ ولا مظاهرةٍ، ولا يسأل أحداً عن شيءٍ خلقه وأراده، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير العلي الجبار.
أيتها الأمة المخدوعة، انخدعت وعرفت خديعة من خدعها، فأصرت على ما عرفت، واتبعت أهواءها وضربت في عشوى غوايتها، وقد استبان لها الحق فصدت عنه، والطريق الواضح فتنكبته.
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو اقتبستم العلم من موضعه، وشربتم الماء بعذوبته، وأخذتم من الطريق واضحه لأنهجت لكم السبل وبدت لكم الأعلام ولأكلتم رغداً، ولا عال فيكم عائلٌ، ولا ظلم منكم مسلمٌ ولا معاهدٌ، ولكنكم سلكتم سبل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدت عليكم أبواب العلم فقلتم بأهواءكم واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علمٍ، واتبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمة فتركوكم، فإذا حزب الأمر سألتم أهل الذكر، فإذا أنبؤوكم قلتم: هو العلم بعينه، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه.(1/214)
رويداً عما قليلٍ تحصدون غب ما تزرعون، وتجدون وخيم ما اجترحتم، وينزل بكم ما وعدتم كما نزل بالأمم قبلكم وإلى الله غداً تصيرون وسيسألكم الله عن أئمتكم، والحمد لله رب العالمين.
- وبه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا علي بن جعفر بن خالدٍ، قال: حدثنا ابن سلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر بن الحسن الراشدي، عن بكير بن عبد العزيز.
عن هلال بن حبان أن الحسن بن علي خطب بالمدائن، فقال فيها: يا أهل الكوفة والله لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاثٍ لذهلت، لقتلكم أبي وطعنكم فخذي وانتهابكم ثقلي.
o وبه قال: أخبرنا أبو أحمد علي بن الحسين بن علي الديباجي ببغداد، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي، قال: حدثنا محمد بن منصورٍ، قال: حدثنا حسين بن نصرٍ، عن خالدٍ بن عيسى، قال: حدثنا حسين حصين بن أبي عبد الرحمن [السلمي أبو الهذيل الكوفي]، عن سعد بن طريفٍ.
عن الأصبغ بن نباتة، قال: قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ عليه السلام في سوق الكوفة على دابته فنادى ثلاثاً:
يا معشر الناس، أوصيكم بتقوى الله فإنه وصية الله في الأولين والآخرين، أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، ولا تغشوا هذه الفضة الجيدة بالزئبق ولا بالكحل فتكونوا غداً من المعذبين.(1/215)
الباب الخامس عشر في الوضوء والطهارة وما يتصل بذلك
o وبه قال: أخبرنا محمد بن بندارٍ، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا وكيعٌ، قال: حدثنا محمد بن فضيلٍ، عن عبد الله بن سعيدٍ المقبري عن جده، عن شرحبيل.
عن علي عليه السلام، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألا أدلكم على ما يكفر الله به الذنوب والخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلك الرباط)).
o وبه قال: حدثنا أبو علي حمد بن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو بكرٍ محمد بن قارنٍ، قال: حدثنا أبو معينٍ الحسين بن الحسن الطبركي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ.
عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((إذا توضأ العبد المؤمن خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه)).
قال: ((ثم كان مشيه إلى المسجد نافلةً له)).
- قال السيد الإمام أبوطالبٍ الحسني رضي الله تعالى عنه: المراد بخروج الخطايا من هذه الأعضاء زوال الآثام التي لحقته لما ارتكب من المعاصي بها.
o وبه قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قال: حدثنا أبو بكرٍ محمد بن علي بن الخطاب بتكريت، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصورٍ، قال: حدثنا سالم بن نوحٍ، قال: حدثنا عمر بن عامرٍ عن قتادة.
عن أنس بن مالكٍ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر العرنيين أن يشربوا ألبان الإبل وأبوالها.(1/216)
o وبه قال: أخبرنا محمد بن بندارٍ، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وأبو بكرٍ بن أبي شيبة، قالا: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ، عن محمد بن الحنفية.
عن أبيه علي بن أبي طالبٍ عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم)).
o وبه قال: أخبرنا محمد بن بندارٍ، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نميرٍ، قال: حدثنا محاضر، عن الأعمش، عن أبي سفيان.
عن جابرٍ، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً توضأ فلم يصب عقبه الماء، فقال: ((ويلٌ للعراقيب من النار)).
o وبه قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل الفقيه، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضوان الله عليه، قال: حدثنا محمد بن منصورٍ، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثني علي بن زيد بن جدعان، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسرٍ.
عن أبيه عمار بن ياسرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن من الفطرة أو الفطرة المضمضة والاستنشاق، وقص الشارب والسواك، وتقليم الأظافر، وغسل البراجم، والختان والاستحداد)).(1/217)
الباب السادس عشر في ذكر الصلاة وما يتصل بذلك
o وبه قال: حدثنا أبو بكرٍ أحمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن جمعة بن زهيرٍ الأزدي، قال: حدثنا عيسى بن حميد الرازي، قال: حدثنا الحارث بن مسلمٍ الروذي، قال: حدثنا بحر، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص.
عن عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحسن صلاته حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانةٌ يستهين بها ربه عز وجل)).
o وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا سعيد بن محمدٍ بن نصرٍ الهمذاني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس بمصر، قال: حدثنا أحمد بن بديل، عن عبد الرحمن بن محمدٍ المحاربي، عن عمرو بن المقدام، عن محمد بن مروان عن أبيه، عن كميلٍ صاحب علي.
عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعةٍ بألف مرةٍ، قل هو الله أحدٌ لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ولم يمت حتى يرى مائة ملكٍ يؤمنونه من عذاب الله، ثلاثون منهم يبشرونه بالجنة، وثلاثون كانوا يعصمونه من الشيطان، وثلاثون يستغفرون له آناء الليل والنهار وعشرةٌ يكيدون من كاده)).
o وبه قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهلٍ بن علي بن مهران الواسطي بالبصرة، قال: حدثنا زكريا بن يحيى بن صبيحٍ الواسطي، قال: حدثنا أبو محمدٍ، قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن الأعمش عن أبي سفيان.
عن جابرٍ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار)).(1/218)