- وبه قال: أخبرنا أحمد بن محمدٍ البغدادي المعروف بالآبنوسي، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن خالدٍ، قال: حدثنا أبو موسى، قال: حدثنا أبو روحٍ، قال: حدثنا مسعدة بن صدقة، قال: خطب محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (عليهم السلام) على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن ننحوا إلا أثره ولن نقتبس إلا من نوره، وزيدٌ إمام الأئمة وأول من دعا إلى الله بعد الحسين بن علي (عليهما السلام).
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا خلف بن عبد الحميد، قال: حدثنا سلام بن مسلمة، عن أبي هاشمٍ، عن زاذان.
عن علي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه خطب، فقال: الحمد لله وصلى الله على نبي الله وآله، أيها الناس إنه لا بد من رحى ضلالةٍ تطحن، ألا وإن لطحنها ذوقاً، ألا وإن على الله فلها، ألا وأنه لا يزال البلاء بكم من بعدي حتى يكون المحب لي والمتبع أثري أذل بين أهل زمانه من فرخ الأمة، قالوا: ولم ذلك؟
قال: ذلك بما كسبت أيديكم برضاكم بالدنية في الدين، فلو أن أحدكم إذا ظهر الجور من أئمة الجور باع نفسه من ربه وأخذ حقه من الجهاد لقام دين الله على قطبه وهنتكم الدنيا الفانية ولرضيتم من ربكم فنصركم على عدوكم، ثم تلا هذه الآيات: ?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ? إلى قوله ?وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ?[البقرة:204-207].(1/189)
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفرٍ الكوفي، قال: حدثنا أبو بكرٍ أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن الوليد عن شبابة عن قيس بن الربيع، عن عمرو بن قيسٍ الملاي.
عن أبي صادقٍ قال: بلغ علي بن أبي طالبٍ عليه السلام أن خيلاً لمعاوية أغارت على الأنبار وقتلوا بها عامله حسان بن حسان البكري فقام علي عليه السلام يجر ثوبه حتى أتى النخيلة فقالوا: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين، فقال: ما تكفوني ولا تكفون أنفسكم، قال: واجتمع الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا الجهاد بابٌ من أبواب الجنة من تركه ألبسه الله الذلة، وسيم الخسف، وديث بالصغار، وقد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً، وسراً وإعلاناً، وقلت لكم: أغزٌوهم قبل أن يغزوكم فو الله ما غزي قومٌ قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتثاقلتم وتواكلتم وثقل عليكم ذلك حتى شنت عليكم الغارات.
هذا أخو غامدٍ قد نزلت خيله الأنبار، وقتلوا حسان بن حسان ورجالاً صالحين ونساءً، ولقد بلغني أنه كان يدخل (الرجل منهم) على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع رعاثها وحجلها، ثم انصرفوا موفورين لم يكلم أحدٌ منهم كلماً؛ والله لو أن امرءاً مسلماً مات من دون هذا أسفاً لما كان عندي بذلك ملوماً، بل كان عندي جديراً.
يا عجباً، عجباً يميت القلب، ويكثر الهم ويبعث الأحزان من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم، حتى صرتم غرضاً ترمون ولا ترمون، وتغزون ولا تغزون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله وترضون.
يا أشباه الرجال ولا رجال، أحلام الأطفال، وعقول ربات الحجال، إذا قلت لكم: اغزوهم في الحر قلتم هذه حمارة القيظ فمن يغزو فيها؟ أمهلنا حتى ينسلخ الحر عنا أو إذا قلت لكم: اغزوهم في البرد قلتم هذه أيام قر وصر أمهلنا حتى ينسلخ القر عنا، فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون، فأنتم والله من السيف أفر.(1/190)
أما والله لوددت إني لم أركم ولم أعرفكم، معرفةً والله جرت ندماً، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي غيظاً وأفسدتم علي رأيي بالخذلان، حتى لقد بلغني أن قريشاً تقول: إن ابن أبي طالبٍ رجلٌ شجاعٌ ولكن لا رأي له بالحروب، لله أبوهم وهل أحدٌ منهم أشد لها مراساً مني، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها أنا الآن قد نيفت على الستين ولكن لا رأي لمن لا يطاع.
قال: فقام رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين أنا وأخي كما، قال الله تعالى:?لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي?[المائدة:25] فها أنا وهذا أخي فمرنا بأمرك فو الله لنضربن دونك ولو حال بيننا جمر الغضا وشوك القتاد، قال: فقال علي عليه السلام: يرحمكما الله وأين تقعان مما أريد.
o وبه قال: أخبرنا محمد بن علي العبدكي، قال: حدثنا محمد بن يزداد، قال: حدثنا علي بن الحسين الوراق البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثني ابن سنانٍ، عن الضحاك.
عن النزال بن سبرة أن رجلاً قام إلى علي بن أبي طالبٍ عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين كيف كان ربنا؟!، فقال: كيف لم يكن وربنا لم يزل تبارك وتعالى وإنما يقال لشيءٍ لم يكن كيف كان، فأما ربنا فهو قبل القبل وقبل كل غايةٍ، انقطعت الغايات عنده، فهو غاية كل غايةٍ.
فقال: كيف عرفته؟!
قال: أعرفه بما عرف به نفسه ?لَمْ يَلِدْ? ?وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ?[الإخلاص:4] لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، متدانٍ في علوه، عالٍ في دنوه، ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلا هو رابعهم، ولا خمسةٍ إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا، قريبٌ غير ملتصقٍ، وبعيدٌ غير متقص، يعرف بالعلامات، ويثبت بالآيات، يوحد ولا يبعض، يحقق ولا يمثل، لا إله إلا هو الكبير المتعال.(1/191)
o وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا إسحاق بن العباس بن محمد بن موسى بن جعفرٍ، قال: حدثني جدي، عن أبيه موسى بن جعفرٍ، عن أبيه عن جده (عليهم السلام)، قال: لما ضرب أمير المؤمنين علي عليه السلام الضربة التي توفي منها استند إلى اسطوانة المسجد والدماء تسيل على شيبته، وضج الناس في المسجد كهيئة يوم قبض فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فابتدأ خطيباً، فقال بعد الثناء على الله والصلاة على نبيه:
كل امرئٍ ملاقٍ ما يفر منه، والأجل تساق إليه النفس، والهرب منه موافاته، كم اطردت الأيام أبحثها، عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا ستره، وإخفاءه علماً مكنوناً.
أما وصيتي بالله عز وجل فلا تشركوا به شيئاً، ومحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين حمل كل امرئٍ منكم مجهوده وخفف، عن العجزة رب كريمٌ رحيمٌ ودينٌ قويمٌ وإمامٌ عليمٌ، كنتم في إعصارٍ وذرور رياحٍ تحت ظل غمامةٍ اضمحل راكدها ليعظكم خفوتي وسكون أطرافي، إنه لأوعظ لكم من نطق بليغٍ، ودعتكم وداع امرئٍ مرصدٍ للتلاق، غداً ترون أيامي وتكشف لكم عن سرائري، فعليكم السلام إلى يوم اللزام، كنت بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عظةٌ لكم وغداً أفارقكم، فإن أبق فأنا ولي دمي وإن أفن فالقيامة ميعادي عفا الله عني وعنكم.
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثني أحمد بن الحسين الحربي، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي، قال: حدثنا سلمة بن عامرٍ، عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث.(1/192)
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه خطب فقال: ألا إن الحق لو أخلص لم يخف على ذي حجا، ألا وإن الباطل لو أخلص لم يخف على ذي حجا، ولكنه يؤخذ من هذا ضغثٌ، ومن هذا ضغثٌ، فيمزجان فيمتزجان، فحينئذٍ استولى الشيطان على حزبه ونجا حزب الله الذين سبقت لهم من الله الحسنى، ألا وإن الباطل خيل شمسٍ ركبها أهلها وأرسلوا أزمتها فسارت حتى انتهت بهم إلى نارٍ وقودها الناس والحجارة، ألا وإن الحق مطايا ذللٌ ركبها أهلها وأعطوا أزمتها فسارت بهم الهوينا حتى أتت بهم ظلاً ظليلاً فعليكم بالحق، فاسلكوا سبيله واعملوا به تكونوا من أهله؛ ألا وإن من خاف حذر ومن حذر جانب السيئات، ألا وإنه من جانب السيئات أدلج إلى الخيرات في السراء، ومن أراد سفراً أعد له زاداً فأعدوا الزاد ليوم الميعاد، واعملوا لجزاءٍ باقٍ فإني والله لم أر كالجنة نام طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها.
o وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى إملاءً، قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي، قال: حدثنا محمد بن سهل بن ميمون العطار، قال: حدثنا عبد الله بن محمدٍ البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيدٍ، عن عبد الله بن العلاء، عن صالح بن سميعٍ، عن عمرو بن صعصعة بن صوحان، عن أبيه.
عن أبي المعتمر، قال: حضرت مجلس أمير المؤمنين علي عليه السلام في جامع الكوفة، فقام إليه رجلٌ مصفار اللون كأنه من متهودة اليمن، فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا حتى كأنا نراه وننظر إليه، فسبح علي عليه السلام ربه عز وجل وعظمه، وقال:(1/193)