4- القاضي العلامة جعفر بن أحمد بن عبدالسلام البهلولي المتوفى سنة 573هـ وقد رحل من اليمن إلى العراق، وعليه يدور سند كثير من كتب الزيدية في العراق والجيل والديلم، وهذه ترجمة مختصرة له، باعتباره المرتب لهذا الكتاب حسب الأبواب.(1/16)
ترجمة القاضي العلامة جعفر بن أحمد بن عبد السلام
القاضي العلامة الكبير، والمحدث الأصولي الشهير، جعفر بن أحمد بن عبدالسلام البهلولي اليماني رحمه الله تعالى. من أبرز علماء الزيدية في القرن السادس الهجري، وأحد عظمائها الأجلاء، ولد رضي الله عنه في أواخر القرن الخامس الهجري تقريباً، كان مطرفياً، ثم رجع إلى القول بالإختراع والتولد المنسوب إلى الله تعالى، كما هو مذهب أهل البيت عليهم السلام، قال الزحيف: عالم الزيدية المخترعة وإمامها، وكان أبوه عالم الباطنية وحاكمها وخطيبها، والذي إليه يصدرون، وعلى رأيه يعتمدون، وأخوه شاعرهم ولسانهم، وقتله عبدالنبي بن مهدي، فهدى الله القاضي جعفر فانقطع إلى الزيدية، ورحل إلى العراق .(1/17)
شيوخه
وقد تأثر بالإمام أحمد بن سليمان عليه السلام وأخذ عنه، ويقال إن كل واحد منهما أخذ عن الآخر، كما أخذ عن العالم الجليل، والمحدث المهاجر الشهير زيد بن الحسن البيهقي رحمه الله تعالى، الذي كان له التأثير الأكبر على القاضي جعفر رحمه الله تعالى، وقد جاء البيهقي من العراق لزيارة قبر الإمام الهادي عليه السلام، فمكث بجامع الإمام الهادي ما يقرب من السنتين والنصف، عقد خلالها مجلساً لتدريس علوم أهل البيت عليهم السلام، في يومي الخميس والجمعة، وأخذ عنه القاضي جعفر بن عبد السلام، وكان من أبرز تلاميذه.
ولما سافر الشيخ البيهقي من اليمن عائداً إلى العراق، أصحبه الإمام أحمد بن سليمان القاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام، وزوده بالمال الكافي، لنقل ما استطاع من كتب أهل البيت عليهم السلام في العراق والجيل والديلم، فذهب الشيخ البيهقي والقاضي جعفر، ولما بلغا في طريقهما موضعاً يسمى (القياس) بتهامة، مرض الشيخ البيهقي، فمات رحمه الله تعالى، وواصل القاضي جعفر السفر حتى نزل بمكة المكرمة، ومنها بعد الحج سافر مع مسافري العراق، وفي أثناء بقائه بمكة أخذ عن الشريف الجليل علي بن عيسى بن حمزة بن وهاس، صديق المفسر القدير جار الله الزمخشري، وحامله على تأليف تفسيره (الكشاف) ولما وصل العراق سنة (544هـ) أخذ عن الشيخ الحافظ أحمد بن أبي الحسن الكني، وغيره من المشاهير، ثم عاد إلى اليمن حاملاً الكثير من كتب الزيدية في الحديث والفقه والأصولين، ولما رجع اليمن رحب به الإمام أحمد بن سليمان، وسأله: (هل علمت أحداً ممن لقيته بالعراق يقول شيئاً مما تقوله المطرفيه؟ أو تعتقده أو تعمل به؟ أو وجدت ذلك في كتاب؟قال القاضي جعفر: (لا)،فقال الإمام: يجب عليك أن تردهم عن جهلهم، وتنكر بدعهم، فإن النبيً يقول: إذا ظهرت البدع من بعدي، فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل لعنه الله) .(1/18)
مدرسة القاضي العلمية
وقد أثر كلام الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام في القاضي العلامة جعفر بن أحمد بن عبد السلام، وهو أيضاً ممن يرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبادر إلى تأسيس مدرسة علمية لتعليم علوم أهل البيت عليهم السلام بمنطقة (سناع) فلما سمع الناس به هرعوا إليه من معظم المناطق اليمنية، للتتلمذ على يديه، وعند ذلك اغتم علماء المطرفية (بوقش) وتعمدوا أذاه غيرة وحسداً ، لما رأوا توجه الناس إليه وإقبالهم عليه، وابتعادهم عنهم، قال المؤرخ بن أبي الرجال: وتعرض للتدريس في سناع، فلما تسامع به الناس وصلوا إليه من قريب وبعيد، فعند ذلك وقع مع أهل (وقش) من الغم ما لا يزيد عليه، فغاروا منه، وعلموا أنه يستميل الناس عنهم، فانصرفوا وعملوا الملاقي، وكتبوا إلى جميع أصحابهم، وتكلموا على القاضي جعفر بما ليس فيه، وهجوه، فقال: هلموا إلى المناظرة فأظهر ما فيكم، وتظهروا ما في .
ومن شدة أذاهم له كانوا يرمون بيته بالأحجار ليلاً، وبالرغم من كل ذلك فقد صبر واحتسب الأجر، وحارب البدع، ولما بلغ الإمام أحمد بن سليمان ما يلاقي القاضي جعفر من المطرفية قال: وجبت علينا نصرته، فلم يزل يطوف البلاد، لينهى الناس عن مذهب التطريف، ويحذرهم من دعاته، حتى أثر ذلك مع أكثر الناس، ونفروا منهم إلا القليل .(1/19)
تلامذته
قال ابن أبي الرجال: ومن تلامذته السيد حمزة بن سليمان والد المنصور بالله عبد الله بن حمزة، وإبراهيم بن محمد بن الحسين، وعبد الله بن الحسين، والأميران الكبيران، بدر الدين وشمس الدين، والسيد يحيى بن عمارة السليماني، والأمير قاسم بن غانم السليماني، والشيخ الحسن بن محمد الرصاص، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد القرشي، وسليمان بن ناصر، وأحمد بن مسعود، والقاضي إبراهيم بن أحمد القهمي، وسليمان بن محمد بن أحمد بن علي بن أبي الرجال، وإخوانه: الحسن وأحمد وعلي، وعبدالله ومحمد ابنا حمزة بن أبي النجم، وجماعة كثيرة من أهل صنعاء .(1/20)