الباب التاسع في فضل العلم والحث عليه وما يتصل بذلك
o وبه قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي القزويني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، قال: حدثنا محمد بن يزيد، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ، قال: حدثنا حفص بن سليمان، قال: حدثنا كثير بن شيظمٍ، عن محمد بن سيرين.
عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((طلب العلم فريضةٌ على كل مسلمٍ، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب)).
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيدٍ الحسيني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلفٍ العطار، قال: حدثنا عيسى بن الحسن بن عيسى بن زيدٍ، عن إسحاق بن إبراهيم الكوفي، عن الكلبي، عن أبي صالحٍ.
عن كميل بن زياد النخعي، قال: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ رضي الله تعالى عنه بيدي وأخرجني إلى الجبانة فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال: (يا كميل بن زيادٍ! إن هذه القلوب أوعيةٌ وخيرها أوعاها فاحفظ مني ما أقول لك. الناس ثلاثةٌ:
فعالمٌ رباني، ومتعلمٌ على سبيل نجاةٍ، وهمجٌ رعاعٌ أتباع كل ناعقٍ لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركنٍ وثيقٍ.
يا كميل بن زيادٍ، العلم خيرٌ من المال، العلم يحرسك والمال تحرسه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، والعلم حاكمٌ والمال محكومٌ عليه.(1/139)


مات خزان الأموال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودةٌ، وأمثالهم في القلوب موجودةٌ، هاه هاه إن هاهنا علماً جماً -وأومأ بيده إلى صدره- لو أصبت له حملةً، بل أصبت له لقناً غير مأمونٍ مستعملاً آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على خلقه وبنعمه على عباده، أو منقاداً للشك ينقدح الشك في قلبه بأول عارضٍ من شبهةٍ، لاذا ولا ذاك أقمن، أو منهوماً باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرماً بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين، أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك العلم يموت بموت صاحبه، اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائمٍ بحجةٍ كيلا تبطل حجج الله وبيناته أولئك الأقلون عدداً الأعظمون عند الله قدراً، بهم يدفع الله عن حججه حتى يردوها إلى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحها معلقةٌ بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه، هاه هاه شوقاً إلى رؤيتهم وأستغفر الله لي ولك. إذا شئت فقم).
o وبه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الحسن بن مسلمٍ المقري، قال: حدثنا جعفر بن محمدٍ الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلفٍ، قال: حدثنا بشر بن الحسن، عن عبد القدوس، عن أبي إسحاق، عن الحارث.
عن علي عليه السلام أنه دخل السوق فإذا هو برجلٍ موليه ظهره يقول: لا والذي احتجب بالسبع فضرب علي عليه السلام على ظهره، ثم قال: ومن ذا الذي احتجب بالسبع؟ قال: الله سبحانه يا أميرالمؤمنين، قال: أخطأت ثكلتك أمك إن الله ليس بينه وبين خلقه حجابٌ؛ لأنه معهم أينما كانوا، قال: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين، قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت، قال: أطعم المساكين؟ قال: لا إنما حلفت بغير ربك.(1/140)


o وبه قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي القزويني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثنا روح بن حجاجٍ، عن مجاهدٍ.
عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فقيهٌ واحدٌ أشد على الشيطان من ألف عابدٍ)).
o وبه قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي القزويني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم القطان، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، قال: حدثنا إسماعيل بن حبان بن واقد الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن عاصمٍ، قال: حدثنا محمد بن دابٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيدٍ الخدري.
عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من كتم علماً مما ينفع الله به في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجامٍ من النار)).
o وبه قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، قال: حدثني الحسن بن الحسن أبو علي البورندي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن قريشٍ الهروي، قال: حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني، قال: حدثنا روح بن أبي روحٍ، قال: حدثنا خليد بن دعلجٍ، عن قتادة.
عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن هذا العلم دينٌ فانظروا عمن تأخذون دينكم)).
o وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياشٍ.(1/141)


عن سليم بن قيسٍ الهلالي، قال: سمعت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبٍ عليه السلام يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((منهومان لا يشبعان: منهوم دنيا ومنهوم علمٍ ومن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب ويرجع، ومن أخذ العلم عن أهله وحملته نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه منها.
والعلماء رجلان: رجلٌ أخذ بعلمه فهذا ناجٍ، وعالمٌ تاركٌ لعلمه فهذا هالكٌ، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد الناس ندامةً وحسرةً رجلٌ دعا عبداً إلى الله سبحانه فاستجاب له وأطاع الله فأدخله الجنة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه هواه)).
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي القزويني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، قال: حدثنا محمد بن الحارث بن راشد المصري:، قال: حدثنا الحكم بن عبدة، عن أبي هارون العبدي.
عن أبي سعيدٍ الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه، قال: ((سيأتيكم أقوامٌ يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافتوهم)) قلت للحكم: وما افتوهم؟ قال: علموهم.
o وبه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي العبدكي، قال: حدثنا إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفرٍ، قال: حدثني أبي عن أبيه إسحاق بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفرٍ، قال: حدثني جعفر بن محمدٍ، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين.(1/142)


عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه وهم بحضرته: (تعلموا العلم فإن تعلمه حسنةٌ، ومدارسته تسبيحٌ، والبحث عنه جهاد، وإفادته صدقةٌ، وبذله لأهله قربةٌ، وهو معالم الحلال والحرام، ومسالكه سبل الجنة، مؤنسٌ من الوحدة، وصاحبٌ في الغربة، وعونٌ في السرآء والضرآء، ويدٌ على الأعداء، وزينٌ عند الأخلاء، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير أئمةً يقتدى بهم، ترمق أعمالهم وتقتص آثارهم، ترغب الملوك في خلتهم، والسادة في عشرتهم، والملائكة في صفوتهم؛ لأن العلم حياة القلوب من الخطايا، ونور الأبصار من العمى، وقوة الأبدان على الشنآن، ينزل الله حامله الجنان، ويحله محل الأبرار، بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله ويوحد، بالعلم تفهم الأحكام، ويفصل به بين الحلال والحرام، يمنحه الله السعداء ويحرمه الأشقياء).
o وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو أحمد إسحاق بن محمدٍ المقري الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمدٍ الصيدلاني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم الرازي عن عيسى بن نعيمٍ المروزي عن أبي الوزان الدينوري.
عن جعفر بن محمدٍ عن أبيه عن جده عن أبيه (عليهم السلام)، قال: قال لي علي عليه السلام: (قوام الدنيا بأربعةٍ: بعالمٍ ناطقٍ بعلمه عاملٍ به، وبغني لا يبخل بفضل ماله على أهل دين الله، وبفقيرٍ لا يبيع آخرته بدنياه، وبمتعلمٍ لا يستكبر عن طلب العلم.
فإذا بخل العالم بعلمه، وبخل الغني بفضل ما له على أهل دين الله، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم رجعت الدنيا إلى بدئها، فلا تغرنكم كثرة المساجد وأجسادٌ مختلفةٌ).
قيل: يا أمير المؤمنين فما العيش في ذلك الزمان؟ قال: خالطوهم في الظاهر وخالفوهم في الباطن، وتوقعوا فيما بين ذلك الفرج من الله عز وجل.(1/143)

37 / 100
ع
En
A+
A-