o وبه قال: روى أصحابنا عن المعروف بأبي بكرٍ محمد بن موسى البخاري، قال: دخلت على الحسين بن علي الآملي المحدث وكان في الوقت الذي كان الناصر للحق الحسن بن علي عليه السلام في بلاد الديلم بعد، وقد احتشد لفتح آملٍ ووردها، والحسين بن علي هذا يفتي العوام بأنهم يلزمهم قتال الناصر للحق عليه السلام ويستنفرهم لحربه ومعونة الخراسانية على قصده، وزعم أنه جهادٌ ويأمرهم بالتجهيز وعقد المراكب كما يفعل الغزاة، قال: فوجدته مغتماً فقلت له: أيها الأستاذ مالي أراك مغتماً حزيناً فألقى إلي كتاباً ورد عليه، وقال: إقرأه فإذا هو كتاب الناصر للحق عليه السلام وفيه يا أبا علي نحن وإياكم خلفٌ لسلفٍ ومن سبيل الخلف إتباع السلف والاقتداء بهم، ومن سلفكم الذين تقتدون بهم من الصحابة عبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيدٍ وهؤلاء لم يقاتلوا معاوية مع علي بن أبي طالبٍ عليه السلام مع تفضيلهم عليا عليه السلام تأولاً منهم أنهم لا يقاتلون أهل الشهادتين، فأنت يا أبا علي سبيلك أن تقتدي بهم ولا تخالفهم وتنزلني منزلة معاوية على رأيك وتنزل عدوي هذا ابن نوحٍ منزلة علي بن أبي طالبٍ عليه السلام فلا تقاتلني كما لم يقاتل سلفك معاوية، وتخل بيني وبينه كما خلى سلفك بينهما، فتكف عن قتال أهل الشهادتين كما كف سلفك، وتجنب مخالفة أئمتك الذين تقتدي بهم ولا سيما فيما يتعلق بإراقة الدماء، فافهم يا أبا علي ما ذكرت لك فإنه محض الإنصاف.(1/134)
قال: فقلت له: لقد أنصفك الرجل -أيها الأستاذ- فلم تكرهه؟ فقال: نكرهه لأنه يحسن أن يورد مثل هذه الحجة، ولأنه يرد متقلداً مصحفه وسيفه، ويقول: قال أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) فهذا هو كتاب الله أكبر الثقلين وأنا عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد الثقلين، ثم يفتي ويناظر ولا يحتاج إلى أحدٍ أما سمعت ما قاله في قصيدةٍ له، قال: وأنشد هذا البيت:
تداعا لقتل بني المصطفى .... ذوو الحشو منها ومراقها
- وبه قال: أخبرنا أبو الحسين البستي ببغداد، أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين المعروف بابن الأصبهاني، قال: حدثني عيسى بن الحسين الوراق، قال: حدثنا أحمد بن الحارث، قال: حدثني المدائني، عن ابن دابٍ، قال: حدثني عمير بن الفضل الخثعمي، قال: رأيت أبا جعفرٍ الذي لقب من بعد بالمنصور يوماً وذلك في زمن بني أمية وقد خرج محمد بن عبد الله من دار أبيه وله فرسٌ واقفٌ على الباب مع عبدٍ له أسود، فلما خرج وثب أبو جعفرٍ فأخذ بركابه حتى ركب، ثم سوى عليه ثيابه على السرج ومضى محمدٌ فقلت له وكنت حينئذٍ أعرفه ولا أعرف محمداً! من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه، فقال: أو ما تعرفه؟ قلت: لا، قال: هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن مهدينا أهل البيت.
- وبه قال: ذكر من صنف أخبار المختار، عن هشام بن السائب الكلبي عمن أخبره أن المختار قد كان أمن عمر بن سعدٍ بشفاعة عبد الله بن جعدة فكتب إليه محمد بن علي بن الحنفية عليه السلام: إنك ذكرت أنك قتلت قتلتنا وطلبت بثأرنا وقمت بأمرنا فكيف يكون ذلك وقاتل الحسين يغدو عليك ويروح عمر بن سعد؟(1/135)
فقال المختار في مجلسه يوماً وهو يتحدث: لأقطعن غداً رجلاً عظيم القدمين غاير العينين مشرف الحاجبين يسر بقتله المؤمنون والملائكة المقربون، وكان الهيثم بن الأسود عنده فلما سمع ذلك منه علم أنه يريد عمر بن سعدٍ فخرج وبعث بابنه إليه، وقال: خذ حذرك فإن المختار قال: كذا وهو لا يريد به غيرك، فقال: جزى الله أباك خيراً كيف يريدني بهذا وقد أعطاني من العهود ما أعطاني فلم يبرح من منزله، قال: فدخل حفص بن عمر بن سعدٍ على المختار فأجلسه إلى جنبه ودعا أبا عمرة صاحب حرسه وأسر إليه أن إلى عمر بن سعدٍ وقل له: أجب الأمير فإن خرج معك فأتني به وإن قال: يا جارية هاتي ردائي فإنما يدعو لك بالسيف فاقتله وأتني برأسه، قال: فلما دخل عليه أبو عمرة وقال: أجب الأمير دعا بردائه فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله وحمل رأسه إلى المختار وطرحه بين يديه، فقال المختار لحفصٍ: أتعرفه؟ فاسترجع، ثم قال لا خير في العيش بعده، قال: فإنك لا تعيش بعده، وقال المختار لأبي عمرة: خذ بيده فألحقه بأبيه.
وروى أنه قال: ألحق حفصاً بأبي حفصٍ فأخذه وضرب عنقه، وقال: هذا بالحسين وهذا بعلي بن الحسين ولا سواءٌ، ثم صلبا منكسين وصب عليهما النفط وأحرقا بالنار وأمر بدورهما فأحرقت.
قال: وحمل المختار رأسيهما إلى محمد بن علي بن الحنفية عليه السلام وكتب إليه: للمهدي محمد بن علي بن الحنفية من المختار بن أبي عبيدٍ سلام الله عليك أيها المهدي فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإن الله جعلني نقمةً على أهل ثأركم وأعدائكم، فهم بين قتيلٍ وأسيرٍ وطريدٍ وشريدٍ، فالحمد لله الذي قتل قاتليكم، وقد بعثت إليك برأسي عمر بن سعدٍ وابنه وقتلنا ممن شرك في دم الحسين عليه السلام وأهل بيته من قدرنا عليه، ولست بمحجمٍ عنهم حتى لا يبلغني أن قد بقي على وجه الأرض منهم أحدٌ، فاكتب إلي برأيك أيها المهدي أتبعه.. والسلام.(1/136)
- وبه قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل الفقيه، قال: حدثنا الناصر للحق الحسن بن علي، قال: سمعت محمد بن منصورٍ المرادي يقول: حج أحمد بن عيسى بن زيدٍ (عليهم السلام) نيفاً وثلاثين حجةً راجلاً صحبته أنا في نيفٍ وعشرين حجةً.
- وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى إملاءً، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن صالحٍ البجلي، قال: حدثنا العباس بن عيسى العقيلي، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلفٍ، قال: حدثنا المعافا بن طاوس بن عمران الموصلي عن أبيه، عن الحارث بن الجارود التميمي، قال: دخلت المدينة فإذا أنا بعلي بن الحسين في جماعة أهل بيته وهم جلوسٌ في حلقةٍ فأتيتهم، فقلت: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، كيف أصبحتم رحمكم الله، فرفع رأسه إلي فقال: أو ما تدري كيف نمسي ونصبح؟ أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون الأنبياء، ويستحيون النساء وأصبح خير الأمة يشتم على المنابر، وأصبح من يبغضنا يعطى الأموال على بغضنا، وأصبح من يحبنا منقوصاً حقه أو قال: حظه، أصبحت قريشٌ تفتخر على العرب بأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم قرشي وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كان عربياً فهم يطلبون بحقنا ولا يعرفون لنا حقا، اجلس يا أبا عمران فهذا صباحنا من مسائنا.
o وبه قال: حدثنا أبو علي حمد بن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو محمدٍ عبد الرحمن بن أبي حاتمٍ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال حدثنا مفضل بن صالحٍ، عن أبي إسحاق.
عن حنشٍ الكناني، قال: سمعت أبا ذر يقول وهو آخذٌ بباب الكعبة: أيها الناس من عرفني فأنا من قد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوحٍ من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك)).(1/137)
- وبه قال: حدثنا أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم ببغداد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد ابن عباسٍ اليزيدي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق البغوي، قال: سمعت ابن عائشة يقول: سمعت مجاعة التميمي يقول: إذا كان المال عند من لا ينفقه، والسلاح عند من لا يقاتل به، والرأي عند من لا يقبل منه ضاعت الأمور.
- قال السيد الإمام أبو طالبٍ: ابن عائشة هذا من كبار الهاشمٍيين بالبصرة وقد روى عنه أصحاب الأخبار رواياتٌٍ كثيرةٌ وهو إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الذي يعرف بإبراهيم الإمام ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وإليه دعا أبو مسلمٍ أولاً، ثم مات في حبس مروان الأخير الملقب بالحمار، وعائشة التي ينسب إليها إبراهيم الثاني هذا من ولده هي أم جده عبد الوهاب بن إبراهيم وأمها أم الحسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي (عليهم السلام) وأولاد عبد الوهاب بن إبراهيم المعروف بالإمام يعرفون كلهم بالبصرة ببني عائشة ويعظمون لانتسابهم من قبل جدتهم إلى أمير المؤمنين عليه السلام وتمييزهم بذلك، عن سائر العباسيين وكذلك الزينبيون منهم.
- وبه قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن بدرٍ الكرجي، قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن خلادٍ، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفرٍ: أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وأنت وابن عباسٍ،؟ قال ابن جعفرٍ: نعم فحملنا وتركك.(1/138)