فقلت: على من تفتخر على هاشمٍ أول من أطعم الطعام، وضرب الهام، وخضعت له قريشٌ بإرغامٍ، أم على عبد المطلب سيد مضرٍ جميعها، وإن قلت: معد كلها صدقت، إذا ركب مشوا، وإذا انتعل احتفوا، وإذا تكلم سكتوا، وكان يطعم الوحش في رؤوس الجبال، والطير والسباع والإنس في السهل، حافر زمزمٍ، وساقي الحجيج وربيع العمرتين، أم على بنيه أشرف رجالٍ، أم على سيد ولد آدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حمله الله على البراق، وجعل الجنة بيمينه والنار بشماله فمن تبعه دخل الجنة ومن تأخر عنه دخل النار؛ أم على أميرالمؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالبٍ أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه المفرج الكرب عنه، وأول من قال: لا إله إلا الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم يبارزه فارسٌ قط إلا قتله، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يقله في أحدٍ من أصحابه ولا لأحدٍ من أهل بيته، قال: فاحمر وجهه وبهت.
- وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا علي بن الحسين بن الحارث الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم الأسدي، قال حدثنا أحمد بن راشدٍ، قال: حدثنا أبو معمرٍ سعيد بن خثيمٍ أن زيد بن علي عليه السلام كتب كتابه فلما خفقت راياته رفع يده إلى السماء، ثم قال: الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله ما يسرني أني لقيت محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ولم آمر أمته بالمعروف ولم أنههم عن المنكر، والله ما أبالي إذا أقمت كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أججت لي نارٌ ثم قذفت فيها، ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة الله تعالى، والله لا ينصرني أحدٌ إلا كان في الرفيق الأعلى مع محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ويحكم أما ترون هذا القرآن بين أظهركم جاء به محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بنوه.(1/99)


يا معشر الفقهاء ويا أهل الحجا، أنا حجة الله عليكم هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله ونعمل بكتاب الله ونقسم بينكم فيأكم بالسوية، فسلوني عن معالم دينكم فإن لم أنبئكم بكل ما سألتم عنه فولوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني، والله لقد علمت علم أبي علي بن الحسين وعلم جدي الحسين بن علي، وعلم علي بن أبي طالبٍ (عليهم السلام) وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيبة علمه، وإني لأعلم أهل بيتي، والله ما كذبت كذبةً منذ عرفت يميني من شمالي، ولا انتهكت محرماً منذ عرفت أن الله يؤاخذني به هلموا فسلوني.
قال: ثم سار حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعةٍ من أهل الشام كانوا بها، ثم سار إلى الجبانة ويوسف بن عمر لعنه الله تعالى مع أصحابه على التل فشد بالجمع على زيدٍ عليه السلام وأصحابه، فقال أبو معمرٍ: فرأيته عليه السلام يشد عليهم كأنه الليث حتى قتلنا منهم أكثر من ألفي رجلٍ ما بين الحيرة والكوفة وتفرقنا فرقتين وكنا من أهل الكوفة أشد خوفاً.
قال أبو معمرٍ: فلما كان يوم الخميس حاصت حيصةٌ منهم واتبعتهم فرساننا فقتلنا أكثر من مائتي رجلٍ، فلما جن علينا الليل ليلة الجمعة كثر فينا الجراح واستبان فينا الفشل، وجعل زيدٌ عليه السلام يدعو وقال: اللهم إن هؤلاء يقاتلون عدوك وعدو رسولك ودينك الذي ارتضيته لعبادك، فأجزهم أفضل ما جزيت أحداً من عبادك المؤمنين، ثم قال: أحيوا هذه الليلة بقراءة القرآن والدعاء والتهجد والتضرع إلى الله، وأنا أعلم والله أنه ما أمسى على وجه الأرض عصابةٌ أنصح لله ولرسوله وللإسلام منكم.(1/100)


- وبه قال: حدثني أبي رحمه الله تعالى، قال: حدثنا إبراهيم بن محمدٍ الآملي، قال: وحدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الجريري، قالا: حدثنا أبو حاتمٍ محمد بن إدريس، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكرٍ العتكي، قال: حدثنا جرير بن حازمٍ، عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وهو مسندٌ ظهره إلى جذع زيد بن علي عليه السلام وهو مصلوبٌ، ويقول للناس: أهكذا تفعلون بولدي، زاد إبراهيم في حديثه: أهذا جزائي منكم.
- وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبو محمدٍ الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن العقيقي، قال: حدثني عمار بن أبان، قال: حدثني كليب الحارثي أن زيد بن علي عليه السلام دخل على هشام بن عبد الملك، وقد جمع له هشام الشاميين فسلم عليه ثم قال له: إنه ليس أحدٌ من عباد الله فوق أن يوصى بتقوى الله، وليس أحدٌ من عباد الله دون أن يوصي بتقوى الله وأنا أوصيك بتقوى الله.
فقال له هشامٌ: أنت زيدٌ المؤمل للخلافة الراجي لها، وما أنت والخلافة وأنت ابن أمةٍ، فقال له زيدٌ عليه السلام: إني لا أعلم أحداً عندي أعظم منزلةً عند الله من الأنبياء، وقد بعث الله نبياً هو ابن أمةٍ فلو كان ذلك تقصيراً عن حتم الغاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم والنبوة أعظم منزلةٍ عند الله من الخلافة فكانت أم إسماعيل مع أم إسحاقٍ كأمي مع أمك، ثم لم يمنع ذلك أن جعله الله أبا العرب وأبا خير النبيين محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وما تقصيرك برجلٍ جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوه علي بن أبي طالبٍ، فوثب هشامٌ من مجلسه، وتفرق الشاميون، ودعا قهرمانه فقال: لا يبيتن هذا في عسكري.
فخرج أبو الحسين زيد بن علي عليه السلام وهو يقول: لم يكره قومٌ قط حر السيوف إلا ذلوا.(1/101)


- قال يحيى بن الحسن العقيقي: وذكر المدايني نحو حديث كليبٍ إلا أنه زاد فيه: أن هشاماً لعنه الله تعالى، قال لأهل بيته بعد ما خرج زيدٌ من عنده: ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا، ألا لعمري ما انقرض قومٌ هذا خلفهم.
- وبه قال: حدثني شيخنا علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله تعالى، عن الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله عنه، عن بشر بن هارون، عن يوسف بن موسى القطان رحمه الله تعالى، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول عن مغيرة الضبي:كنت كثير الضحك فما قطع ضحكي إلا قتل زيد بن علي (عليهما السلام).
o وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي المعروف بالآبنوسي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفرٍ، قال: حدثني أحمد بن حمدان بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي، قال: حدثنا الحسين بن علوان، عن أبي صامتٍ الضبي، عن أبي عمر زاذان.
عن علي بن أبي طالبٍ عليه السلام، قال: الشهيد من ذريتي والقائم بالحق من ولدي المصلوب بكناسة كوفان إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، يأتي يوم القيامة هو وأصحابه تتلقاهم الملائكة المقربون ينادونهم: ادخلوا الجنة لا خوفٌ عليكم ولا أنتم تحزنون.(1/102)


- وبه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفرٍ الكوفي، قال: حدثني عمر بن محمدٍ البصري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعيدٍ الثقفي، قال: حدثنا محرز بن هشامٍ المرادي، قال: حدثنا السري بن عبد الله السلمي عن هاشم بن البريد، عن أبي حفصٍ المكي، قال: لما رحل الحسين بن علي عليه السلام من المدينة إلى الكوفة سرت معه فنزل ماءً من مياه بني سليمٍ فأمر غلامه فاشترى شاةً فذبحها فجاء صاحبها، فلما رأى هيئة الحسين عليه السلام وأصحابه رفع صوته فقال: أعوذ بالله وبك يا ابن رسول الله هذا اشترى شاتي وذبحها ولم يدفع إلي الثمن، فغضب الحسين عليه السلام غضباً شديداً ودعا غلامه فسأله عن ذلك فقال: قد والله يا ابن رسول الله أعطيته ثمنها وهذه البينة، فسألهم الحسين عليه السلام فشهدوا أنه قد أعطاه ثمنها وقالت البينة أو قال بعضهم: يا ابن رسول الله رأى هيئتك فصاح إليك لتعوضه فأمر له الحسين بمعروفٍ فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): ما اسمك يا أعرابي؟ فقال: زيدٌ، فقال: ما في المدينة أكذب من رجلٍ اسمه زيدٌ، وكان بالمدينة رجلٌ يسمى زيداً يبيع الخمر، قال: فضحك الحسين عليه السلام حتى بدت نواجذه، ثم قال: مهلاً يا بني لا تعيره باسمه فإن أبي عليه السلام حدثني أنه سيكون منا رجلٌ اسمه زيدٌ يخرج فيقتل، فلا يبقى في السماء ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسلٌ إلا تلقى روحه يرفعه أهل كل سماءٍ إلى سماءٍ فقد بلغت، يبعث هو وأصحابه يتخللون رقاب الناس يقال: هؤلاء خلف الخلف، ودعاة الحق.(1/103)

29 / 100
ع
En
A+
A-