الباب السابع في فضل زيد بن علي عليه السلام وما يتصل بذلك
- وبه قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي المعروف بالآبنوسي، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق الزيدي، قال: حدثني أحمد بن حمدان، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي، قال: حدثنا عبد الغفور بن عبد العزيز وكان من خيار عباد الله تعالى وكان يؤذن لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (عليهم السلام) في عسكره، قال: سمعت أبا هاشمٍ الرماني رحمه الله تعالى يقول: طلب زيد بن علي من أخيه عليه السلام كتاباً فأغفل عن ذلك أبو جعفرٍ عليه السلام، ثم ذكره فأخرج إليه الكتاب فقال له زيد بن علي (عليهما السلام): قد وجدت ما أردت منه في القرآن، فقال له أبو جعفرٍ عليه السلام فأسألك، فقال له زيدٌ عليه السلام: نعم سلني عما أحببت، فقال أبو هاشمٍ: ففتح أبو جعفر الكتاب وجعل يسأله ويجيبه زيدٌ بجواب علي عليه السلام كما في الكتاب، فقال له أبو جعفرٍ عليه السلام: بأبي أنت وأمي يا أخي أنت والله نسيجٌ وحدك، بركة الله على أم ولدتك، لقد أنجبت حين أتت بك شبيه آبائك (صلوات الله عليهم) أجمعين.(1/94)
- وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضوان الله عليه إملاءً، قال: أخبرني محمد بن منصور، عن يحيى بن محمدٍ، عن موسى بن هارون، عن سهل بن سليمان الرازي، عن أبيه، قال: شهدت زيد بن علي (عليهما السلام) يوم خرج لمحاربة القوم بالكوفة فلم أر يوماً كان أبهر، ولا رجالاً أكثر قراءةً ولا فقهاً ولا أوفر سلاحاً من أصحاب زيد عليه السلام فخرج على بغلةٍ شهباء وعليه عمامةٌ سوداء، وبين يدي قربوسٍ سرجه مصحفٌ فقال: أيها الناس أعينوني على أنباط الشام فوالله لا يعينني عليهم أحدٌ إلا رجوت أن يأتي يوم القيامة آمنًا حتى يجوز على الصراط ويدخل الجنة، والله ما وقفت هذا الموقف حتى علمت التأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام بين الدفتين، وقال: نحن ولاة أمر الله وخزان علم الله، وورثة وحي الله وعترة نبي الله، وشيعتنا رعاة الشمس والقمر.
- قال الناصر للحق عليه السلام: معنى رعاة الشمس والقمر المحافظة للصلاة بالليل والنهار؛ لأن الشمس آية النهار ودليله، والقمر آية الليل ودليله.
- وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سلامٍ رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الواحد، قال: حدثنا يوسف بن كليبٍ، قال: حدثنا عياض الثمالي، عن المنهال، عن أبي الزناد مورج [بن علي] قال: لما خفق اللواء على رأس زيدٍ بن علي عليه السلام، قال: الحمد لله الذي أكمل لي ديني، أما والله لقد كنت أستحي أن أقدم على محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ولم آمر في أمته بمعروفٍ ولم أنه عن منكرٍ.(1/95)
- وبه قال: أخبرنا أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سلامٍ، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الله بن عبد الواحد، قال: حدثنا حمدويه بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدثنا بشر بن حمزة، قال: مررنا مع زيدٍ بن علي عليه السلام وأنا غلامٌ ومعي قباءٌ، فأشرف عليه رجلٌ من سطحٍ، فرماه فدعا زيدٌ عليه السلام عليه فقال: اللهم أفقره ولا ترزقه على ذلك الصبر، فرأيته بعد ذلك أعمى يسأل فإذا سئل قال: دعا علي العبد الصالح.
- وبه قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي الآبنوسي، قال: حدثنا عبد العزيز بن إسحاق الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن حمدان بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي، قال: حدثنا عبد الله بن الجراح، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمدٍ بن علي عليه السلام، قال: بشر أبي عليه السلام بزيد بن علي حين ولد فأخذ المصحف ففتحه ونظر فيه فإذا قد خرج في أول السطر: ?إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ? إلى قوله عز وجل:? وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ?[التوبة:111] فأطبقه طبقةً، ثم فتحه فخرج: ?وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ?[آل عمران:169] فأطبقه، ثم فتحه فخرج: ?وَفَضَّلَ الله الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا?[النساء:95]، ثم أطبقه، ثم قال: عزيت والله عن هذا المولود وإنه لمن الشهداء المرزوقين.(1/96)
- وبه قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمدٍ البغدادي، قال حدثنا عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثني أحمد بن أبي الماندج الحربي، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم بن مشكان، قال: حدثنا الواقدي، قال: سمعت سفيان الثوري ذكر زيد بن علي فقال: قام مقام الحسين بن علي رضي الله عنه وكان أعلم خلق الله بكتاب الله، ما ولدت النساء مثله، قال الواقدي: كان سفيان زيدياً.
- وبه قال: حدثني أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: حدثنا عبد الله بن محمدٍ التيمي، قال: حدثنا ابن أبي حمادٍ، عن علي بن مجاهدٍ، عن علي بن الزبير، عن عمرو بن سالم البجلي في حديثٍ ذكر فيه قدوم زيد بن علي (عليهم السلام) على هشامٍ فخرج من عنده وهو يقول: من استشعر حب البقاء استدثر الذل إلى الفناء.
o وبه قال: أخبرنا محمد بن علي العبدكي، قال: حدثني أبو جعفرٍ محمد بن جعفر الموسوي، قال: حدثني أبو محمدٍ علي بن أحمد، عن أبيه أحمد بن موسى، عن موسى بن جعفرٍ.(1/97)
عن أبيه جعفر بن محمدٍ (عليهما السلام)، قال: كان جدي علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا ترعرع ولده اشترى لهم الجواري، فقيل له في ذلك فقال: يمرنون عليهن فلا يستخفون الحراير، فقال: فقدمت إلى بعض ولده جاريةٌ ليعترضها فلم تعترض فسئلت عن امتناعها فقالت: أريد الشيخ تعني علي بن الحسين (عليهما السلام) فقيل لها: وما تصنعين به فإنه صوامٌ نهاره، وقوامٌ ليله متى يتفرغ إليك؟! فقالت: قد رضيت لأني سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((كل حسبٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة إلا حسبي ونسبي)) فأحببت ذلك من مثله فلما سمع علي بن الحسين (عليهما السلام) بذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعر لونه، ثم قال لها ماذا يعجبك مني؟ فقالت: حسن عينيك، فقال: أما إنهما أسرع شيءٍ إلى البلاء فكيف لو رأيتيهما بعد ثلاثٍ من دفني وقد انشقتا وسالتا على خدي، وأكل الدود لحمي ومص الثرى صديدي، هناك تنكرين ما استحسنت مني فقالت: بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا اشتريتني فاشتراها فولدت له زيد بن علي عليه السلام.
- وبه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا علي بن الحسين بن الحارث الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم الأسدي، قال: حدثنا أحمد بن راشدٍ [الهلالي]، عن سعيد بن خثيمٍ، عن أخيه معمرٍ، قال: قال لي زيد بن علي عليه السلام: كنت أماري هشام بن عبد الملك وأكابده في الكلام فدخلت عليه يوماً فذكر بني أمية، فقال: هم أشد قريشٍ أركاناً وأشيد قريشٍ مكاناً، وأشد قريشٍ سلطاناً، وأكثر قريشٍ أعواناً كانوا رؤوس قريشٍ في جاهليتها وملوكهم في إسلامها.(1/98)