الباب الأول في ذكر معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن أبي الحسن الكني -أسعده الله-، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد فخر الدين أبو الحسين زيد بن الحسن بن علي البيهقي بقراءتي عليه: قدم علينا الري والشيخ الإمام الأفضل مجد الدين عبد المجيد بن عبد الغفار بن أبي سعد الأستراباذي الزيدي رحمه الله تعالى، قالا: أخبرنا السيد الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن جعفرٍ الحسني النقيب بأستراباذ في شهر الله الأصم رجب سنة ثمان عشرة وخمسمائة، قال: أخبرنا والدي السيد أبو جعفرٍ محمد بن جعفر بن علي خليفة الحسني، والسيد أبو الحسن علي بن أبي طالبٍ أحمد بن القاسم الحسني الآملي الملقب بالمستعين بالله، قالا: حدثنا السيد الإمام أبو طالبٍ يحيى بن الحسين الحسني.
o قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سلامٍ، قال: أخبرني أبي، قال: حدثني أبو سعيد سهل بن صالحٍ، عن إبراهيم بن عبد الله، عن موسى بن جعفرٍ، عن أبيه، عن جده.(1/9)
عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال يهودي لأمير المؤمنين عليه السلام: إن موسى بن عمران عليه السلام قد أعطي العصا فكان ثعباناً، فقال له علي عليه السلام:(لقد كان ذلك، ومحمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا؛ إن رجلاً كان يطالبٍ أباجهلٍ بن هشامٍ بدينٍ كان له عنده، فلم يقدر عليه، واشتغل عنه وجلس يشرب، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ فقال: عمرو بن هشامٍ -يعني أباجهلٍ-، ولي عنده دينٌ، قالوا: فندلك على من يستخرج حقك؟ قال: نعم، فدلوه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أبوجهل يقول: ليت لمحمدٍ إلي حاجةً فأسخر به وأرده، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: يا محمد، بلغني أن بينك وبين أبي الحكم حسباً فأنا أستشفع بك إليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاه فقال له: قم فأد إلى الرجل حقه، فقام مسرعاً حتى أدى حقه إليه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: كل ذلك فرقاً (أي خوفاً) من محمدٍ! قال: ويحكم أعذروني، إنه لما أقبل إلي رأيت عن يمينه رجالاً ثمانيةً بأيديهم حرابٌ تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بطني بالحراب ويبتلعني الثعبانان، فهذا أكثر مما أعطى موسى عليه السلام، ثعبانٌ بثعبان موسى، وزاد الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ثعباناً وثمانية أملاكٍ).
o وبه قال: أخبرني أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا جعفر بن بشير البجلي قال: حدثنا أبان بن عثمان، قال: حدثني محمد بن مروان الذهلي، عن محمد بن سنان، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جده.(1/10)
عن علي عليه السلام قال: (تراءى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبريل بأعلى الوادي وعليه جبةٌ من سندسٍ، فأخرج له درنوكاً من درانيك الجنة فأجلسه عليه، ثم أخبره أنه رسول الله إليه، وأمره بما أراد أن يأمره به، فلما أراد جبريل عليه السلام أن يقوم أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطرف ثوبه قال له: ((ما اسمك؟ قال: جبريل، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلحق بالغنم فما مر بشجرةٍ ولا مدرةٍ إلا سلمت عليه وقالت: السلام عليك يا رسول الله))، وكان يرعى غنماً لأبي طالبٍ عمه.
o وبه قال: أخبرنا أبي رحمه الله، قال: أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: أخبرنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمدٍ بن عيسى الأشعري، عن الحسين بن سعيدٍ، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار.(1/11)
عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جده، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم بدرٍ عن أن يقتل أحدٌ من بني هاشمٍ فأبشروا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام فقال: من هاهنا من بني هاشمٍ فمر علي عليه السلام على أخيه عقيل بن أبي طالبٍ،فحاد عنه، فقال له عقيل: يا ابن أمي، أما والله لقد رأيت مكاني، قال: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: هذا أبو الفضل (أي العباس رضي الله عنه) في يد فلانٍ، وعقيلٌ في يد فلانٍ، وهذا نوفل بن الحارث في يد فلانٍ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى انتهى إلى عقيلٍ فقال: ((يا أبا يزيد قتل أبوجهلٍ، فقال: إذاً لا تنازعون في تهامة فإن كنتم أثخنتم القوم وإلا فاركبوا أكتافهم، قال: فجيء بالعباس فقال له: ((افد نفسك وافد ابن أخيك، فقال: يا محمد تتركني أسأل قريشاً؟ فقال: أعط مما خلفت عند أم الفضل فقلت: إن أصابني شيءٌ في وجهي هذا فانفقيه على ولدك ونفسك، فقال: يا ابن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني به جبريل من عند الله، قال: ومحلوفه ما علم بها أحدٌ إلا أنا وهي، أشهد أنك رسول الله))، قال: فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيلاً ونوفلاً، وفيهم نزلت هذه الآية: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ?[الأنفال:70]...إلى آخرها.
o وبه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني إملاءً، قال: أخبرنا الحسن بن محمدٍ بن أوسٍ الأنصاري الكوفي، قال: حدثنا نصر بن وكيعٍ، قال: حدثنا أبي عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه.(1/12)
عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاه أعرابي على ناقةٍ له فنزل ودخل فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمامه، ثم قال: ((حدث الناس بما كان من أمر ثعلبك)) قال: يا رسول الله، أنا رجلٌ من أهل نجران جئت أحطب من وادٍ يقال له: وادي السيال، فبينما أنا في الوادي أحطب الحطب على راحلتي هذه إذا أنا بهاتفٍ يهتف من جانب الوادي:
هل لك في أجٍر وفي نوال
أنقذك الله من الأغلال
فامنن فدتك النفس بالإفضال
يا حامل الجرزة من سيالٍ
وحسن شكرٍ آخر الليالي
ومن سعير النار والإنًكال
وحلني من وهق الحبال
فالتفت فإذا ثعلبٌ إلى شجرةٍ، فقال الثعلب:
عجبت من شأني ومن كلامي
مستقسمٍ للكفر بالأزلام
نبي صدقٍ جاء بالإسلام
وبالصلاة الخمس والصيام
مهاجرٌ في فتيةٍ كرام
يا حامل الجرزة للأيتام
إعجب من الساجد للأصنام
هذا الذي بالبلد الحرام
وبالهدى والدين والأحكام
والبر والصلات للأرحام
غير معازيبٍ ولا لئام
فذهبت لأحله فإذا بهاتفٍ آخر يقول:
أما ترى وأنت شيخٌ منحدب
أن الذي ينبئ زورٌ وكذب
يا حامل الجرزة من جرز الحطب
وفيك علمٌ ووقارٌ وأدب
محمدٌ أفسد ديوان العرب
فأنشأ الثعلب يقول:
ملعون جن أيما ملعون
يغريك بي عمداً لكي ترديني
من على أخٍ مضطهدٍ مسكين
إن الذي تسمعه يتبعني
يدين في الله بغير ديني
فامنن فدتك النفس بالتهويل
إن لم تغثني غلقت رهوني
قال: فأتيته فحللته.
o وبه قال: أخبرنا أبو الحسين (ع) علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن عمرو بن القاسم، عن مسلمٍ الملائي.(1/13)