يُدْرِكَهُ الآخِرُوْنَ، فَقَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْهِ الرَّايَةَ فَيُقَاتِلُ جِبْرِيْلُ عَنْ يَمِيْنِهِ وَمِيْكَائِيْلُ عَنْ يَسَارِهِ فَمَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ قَبِضَهُ اللَّهُ فِيْ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيْهَا وَصِيُّ مُوْسَى، وَعُرِجَ بِرُوْحِهِ فِيْ اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيْهَا بِرُوْحِ عِيْسَى، وَفِيْ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيْهَا الْقُرْآنُ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً إِلاَّ شَيْئاً عَلَى صَبِيٍّ لَهُ، وَمَا تَرَكَ فِيْ بَيْتَ الْمَالِ إِلاَّ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِرْهَماً فَضُلَتْ مِنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِماً لأُمِّ كُلْثُوْمٍ.
ثُمَّ قَالَ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ تَلَى هَذِهِ الآيَةَ قَوْلَ يُوْسُفَ: ?وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ?[يوسف:38]، ثُمَّ أَخَذَ فِيْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْبَشِيْرِ، وَأَنَا ابْنُ النَّذِيْرِ، وَأَنَا ابْنُ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ بِإذِنْهِ، وَأَنَا ابْنُ السِّرَاجِ الْمُنِيْرِ، وَأَنَا ابْنُ الَّذِي أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِيْنَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، وَأَنَا مِنَ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ جِبْرِيْلُ يَنْزِلُ فِيْهِمْ، وَمِنْهُمْ يَعْرُجُ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِيْنَ افْتَرَضَ اللَّهُ وِلاَيَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ، فَقَالَ فِيْمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(1/457)
وَآلَهُ وَسَلَّمَ-: ?قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا?[الشورى:23] وَاقْتِرَافُ الْحَسَنَةِ مَوَدَّتُنَا.
وَبِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنِ الْبَغْدَادِي، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ فِيْ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ أُنَاساً يَزْعُمُوْنَ أَنَّ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-يَرْجِعُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَضَحِكَ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ وَلاَ سَهَمْنَا مِيْرَاثَهُ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوطَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ الْمُقْرِي الْمَعْرُوْفُ بِابْنِ الْعَلاَّفِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ الْقُطَيْعِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَصْبَغِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ الشِّيْعَةَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَبْعُوْثٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا(1/458)
هَؤُلاَءِ بِالشِّيْعَةِ لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوْثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ وَلاَ قَسَمْنَا مَالَهُ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمُرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ الشِّيْعَةَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ عَلِيًّا يَرْجِعُ، قَالَ: كَذَبَ أُولَئِكَ لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا تَزَّوَّجَ نِسَاؤُهُ، وَلاَ قَسَمْنَا مِيْرَاثَهُ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْنَعِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُوْسَى الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي بِمِصْرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ القَنْطَرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الوَسَّامِ، عَنِ السَّمِيِّ السّرّي ابْنِ يَحْيَى.
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَدِمْتُ دِمَشْقَ غَازِياً فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَإِذَا هُوَ فِيْ قُبَّةٍ عَلَى فَرْشٍ تَفُوْتُ الْقَائِمَ وَالنَّاسُ سُمَاطِيْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَخَذْتُ مَجْلِساً فَقَالَ: يَا ابْنَ شِهَابٍ أَتَعْرِفُ مَا كَانَ فِيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ صَبَاحَ لَيْلَةٍ قُتِلَ فِيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هَلُمَّ فَدُرْتُ خَلْفَ السِّمَاطَ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ خَلْفِ الْقُبَّةِ فَتَحَوَّلَ إِلَيَّ فَوَلَّى رَأْسَهُ(1/459)
وَقَالَ: مَا كَانَ فَقُلْتُ: مَا رُفِعَ حَجَرٌ فِيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلاَّ وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَعْرِفُ هَذَا غَيْرِي وَغَيْرُكَ فَلاَ تَخْرُجَنَّ مِنْكَ قَالَ: فَمَا حَدَّثْتُ بِهِ حَتَّى مَاتَ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَصْرِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِيْ جَامِعِ الأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْبَلْخِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بِنْدَارٌ الآذنِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بْنُ أَحْمَدَ بِأَنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُزَيْغٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوْسَى عَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلاَءِ.
(1/460)
عَنْ حَبِيْبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَالَتْ مُتَمَثِّلَةً: غف كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ الْمُسَافِرُ فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ثُمَّ قَالَتْ: تَصْنَعُ الْعَرَبُ الآنَ مَا شَاءَتْ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الذُّكْوَانِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِأصَفْهَانَ فِيْ جَامِعِهَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ زَيْدِ الْمُعَدّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ الْعَلاءِ عَنْ حَبِيْبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَهَا أَنَّ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَدْ أُصِيْبَ قَالَتْ: تَفْعَلُ الْعَرَبُ مَا شَاءَتْ وَقَالَتْ: كَمَا قَرَّ عَيْنَاً بِالإِيَابِ الْمُسَافِرُ وَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى وَبِهِ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُوالطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرِ الْفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ الطَّبَرِيُّ لِعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ الْخَارِجِي فِيْ ابْنِ مَلْجَمٍ حِيْنَ ضَرَبَ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: إِلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوانَا أَوْفَى الْبَرِيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيْزَانَا لَمْ يَخْلُطُوا دِيْنَهُمْ إِثْماً وَعُدْوَانَا يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا إِنِّي لأَذْكُرُهُ يَوْماً وَأَحْسِبُهُ أَحْلِفْ بِقَوْمٍ بُطُوْنُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ وَبِهِ قَالَ: وَأَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لِنَفْسِهِ فِيْ الْجَوَابِ(1/461)