وَأُمُّهُ: هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيْجَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ صِهْرُ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- زَوَّجَهُ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- زَيْنَبَ ابْنَتَهُ، وَهِيَ أَكْبَرُ بَنَاتِ رَسُوْل اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَوَلَدَتْ لَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَأُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ، فَتُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ غُلاَمٌ، وَكَانَ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- قَدْ أَرْدَفَهُ نَاقَتَهُ عَامَ الْفَتْحِ، وَأَبُو الْعَاصِ الَّذِي بَدَا مِنْهُ الْحِوَارُ فِيْ رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِيْنَ أَخَذَهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ بْنُ سُهَيْلٍ، وَأَبُو بَصِيْرٍ وَهُوَ عُتْبةُ بْنُ أُسَيْدٍ، وَأَصْحَابُهُ، فَأُتِيَ بِهِمْ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- أَسَراوَ أَمْوَالَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ فَقَالَ: ((إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- قَدْ أَجَارَتْ زَوْجَها أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيْعِ فِيْ مَالِهِ وَمَتَاعِهِ)) فَأَدَّى إِلَيْهِمْ كُلَّ شَيءٍ كَانَ لَهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي بِالْعِقَالِ مِنْ مَتَاعِهِمْ، وَكَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- اسْتَأْذَنَتْ أَبَا الْعَاصِ وَهُوَ فِيْ مَكَّة أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْمَدِيْنَةِ فَأَذَنِ لَهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَخَرَجَتْ بَعْدَهُ إِلَى الْمَدِيْنَةِ، فَاتَّفَقَ بِهَا هَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ فَكَسَرَ ضِلْعاً مِنْ(1/152)
أَضْلاَعِهَا، وَأَدْرَكَهَا أَبُو سُفْيَانَ وَرَدَّهَا إِلَى بَيْتِهَا، فَلَقِيَتْهَا هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ لَهَا: هَذَا عَمَلُ أَبِيْكِ، فَقَالَتْ: عَمَلُ أَبِي خَيْرٌ مِنْ عَمَلِكِ وَعَمَلِ زَوْجِكِ، ثُمَّ بَعَثَ لَهَا رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِيْنَ فَوَاعَدُوْهَا وَخَرَجَتْ إِلَيْهِمْ تَحْتَ اللَّيْلِ فَخَرَجُوْا، فَأَقْدَمُوْهَا عَلَى رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَمَعَهَا ابْنُهَا عَلِيٌّ وَابْنَتُهَا أُمَامَةُ، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ مِنْ سَفَرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ فَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ وَقَالَتْ: هَلُمَّ إِلَيْنَا نُنْكِحُكَ ابْنَةَ سَعِيْدِ بْنِ الْعَاصِ فَتَزَوَّجَهَا أَبُوالْعَاصِ، فَوَلَدَتْ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: آمِنَةُ، فَتَزَوَّجَتْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ، قَالَ: فَمَا مَكَثَ أَبُو الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيْع مَعَ بِنْتِ سَعِيْدِ بْنِ الْعَاصِ الَّذِي تَزَوَّجَ بِهَا، حَتَّى لَحِقَتْ بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَبِوَلَدِهِ الْمَدِيْنَةَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِيَسِيْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - وَكَانَ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- إِلَى الْيَمَنِ، فَاسْتَخْلَفَهُ عَلِيٌّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- عَلَى الْيَمَنِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَحَجَّ عَامَئِذٍ، وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مَعَ عَلِيٍّ فِيْ الْبَيْتِ يَوْمَ بُوْيِعَ أَبُوْ بَكْرٍ.
وَتُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُوْل اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَهِيَ عِنْدَ أَبِي الْعَاصِ.
(1/153)
الباب السادس:في فضل فاطمة رضوان الله عليها وذكر نكاحها، ووفاتهاوشيء من أخبارها، ومسنداتها وما يتصل بذلك
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الأَجَلُّ شَمْسُ الدِّيْنِ جَمَالُ الْمُسْلِمِيْنَ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِالسَّلاَمِ بْنِ أَبِي يَحْيَى رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَنِّي أَسْعَدَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْفَرْزَاذِي -رَحِمَهُ اللَّهُ- إِجَازَةً.
قَالَ: حَدَّثَنَا السَّيِّدُ الأَجَلُّ الإِمَامُ الْمُرْشِدُ بِاللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْمُوَفَّقِ بِاللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بْنُ هَارُوْنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.
عَنِ الْمُسَوَّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- صَعَدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّمَا ابْنَتِي فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيْبُنِي مَا أَرَابَهَا وُيُؤْذِيْنِي مَا آذَاهَا)).
وَبِهِ قَالَ السَّيِّدُ أَخْبَرَنَا ابْنُ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَوْزَاعِي الأَصْفَهَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيْدِ الطَّيَالِسِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ(1/154)
عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
عَنِ الْمُسَوَّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- : ((فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي مَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي)).
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوْ بَكْرِ بْنِ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُنَيْعٌ (ح).
قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ رَيْذَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْوَلِيْد النّرْسِي، قَالاَ: حَدَّثَنَا مؤَملُ بْنُ هِشَام، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بْنُ عَلِيَّةَ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
(1/155)
عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَلِيًّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - فَقَالَ: ((إِنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِيْنِي مَا آذَاهَا وَيُغْضِبُنِي مَا أَغْضَبَهَا)).
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوْ بَكْرِ بْنِ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِي، الْمَدَنِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْسِي، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِي.
عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمُسَوَّرِ، عَنْ أَبِيْهَا أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((إِنَّ فَاطِمَةَ شِجْنَةٌ مِنِّي يُغِيْظُنِي مَا يُغِيْظُهَا وَيُنْشِطُنِي مَا يُنْشِطُهَا)).
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ رَيْذَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوْ بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَحْوَصُ بْنُ خُوَاتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَدَمٍ، عَنْ هَارُوْنَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حَرَّةَ.
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: خَطَبَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَبَلَغَ ذَلِكَ فَاطِمَةَ فَأَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنَّ أَسْمَاءَ مُتَزَوِّجَةٌ عَلِيّاً فَقَالَ: ((مَا كَانَ لَهَا أَنْ تُؤْذِيَ اللَّهَ وَرَسُوْلَهُ)).
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُومَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّوَّاقِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْن مَالِكٍ الْقُطَيْعِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ(1/156)