بَكَى هُوَ قَامَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ((مُا يُبْكِيْكُمْ))؟.
فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بَكَيْنَا لِبُكَائِكَ، قَلْنَا: لَعَلَّهُ أَحْدَثَ فِيْ أُمَّتِكَ شَيْئاً لاَ تُطِيْقُهُ.
قَالَ: ((لاَ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُ، وَلَكِنْ نَزَلْتُ عَلَى قَبْرِ أُمِّي فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَأْذَنَ لِي فِيْ شَفَاعَتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لِي فَرَحِمْتُهَا وَهِيَ أُمِّي فَبَكَيْتُ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيْلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقَالَ: ?وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ?[التوبة:114]، قَالَ: فَتَبَرَّأْ أَنْتَ مِنْ أُمِّكَ كَمَا تَبَرَّأَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ أَبِيْهِ، فَرَحِمْتُهَا، وَهِيَ أُمِّي، فَدَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَدْفَعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعَ، فَرَفَعَ عَنْكُمُ اثْنَتَيْنِ، وَأَبَى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمْ اثْنَتَيْنِ: دَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ عَنْكُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْغَرَقَ مِنَ الأَرْضِ، (وَالْقَتْلَ) وَأَنْ لاَ يَلْبِسَهُمْ شِيَعاً، وَأَنْ لاَ يُذِيْقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَرَفَعَ عَنْكُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْغَرَقَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عَنْكُمُ اثْنَتَيْنِ: القَتْلَ وَالْهَرَجَ)) وَإِنَّمَا عَدَلَ إِلَى قَبْرَ أُمِّهِ؛ لأَنَّهَا كَانَتْ مَدْفُوْنَةً تَحْتَ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ عَسَفَانُ لَهُمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوْسَى بْنِ حَمَّادٍ(1/127)


البُرَيْدِي، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو السِّكِّيْنِ الطَّائِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو أَبُو زُحَرَ بْنُ صَخْرَةَ، عَنْ جَدِّهِ حَمِيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَرَفَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أُمِّ رفيقَةَ بِنْتِ أَبِي صَيْفِي بْنِ هَاشِمٍ، وَكَانَتْ لِدِةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (ح).
قَالَ: وأَخْبَرَنَاه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ البَزَّارُ بِقِرَاءَةِ الْخَطِيْبِ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عِيْسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيْسَى بْن دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبِ بْنِ عِيْسَى الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السِّكِّيْنِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ حُضَيْرِ بْنِ حَمِيْدِ بْنِ مَنْهَبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ خُزَيْمِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لامِ الْكُوْفِي بِبْغْدَادَ فِيْ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو رَجْوَى بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُصَيْنِ بْنِ مَنْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّي عَرَفَةُ بْنُ مُضْرِسٍ، قَالَ: تَحَدَّثَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلَ، عَنْ أُمِّهِ رَفيْقَة بِنْتِ أَبِي صَيْفِي بْنِ هَاشِمٍ وَكَانَتْ لِدِةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاتَّفَقَا.
قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُوْنَ أَمْحَلَتِ الضُّرُوْعَ، وَأَرَقَّتِ الْعَظْمَ، فَبَيْنَمَا أَنَا رَاقِدَةٌ اللَّهُمَّ أَوْ مَهْمُوْمَةٌ إِذْ هَاتِفٌ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ صحْلٍ يَقُوْلُ: مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- الْمَبْعُوْثَ قَدْ أَظَلَّتْكُمْ أَيَّامُهُ، هَذَا(1/128)


إِبَّانُ نُجُوْمِهِ فَحَيْهَلا بِالْحِبَاءِ وَالْخَصْبِ، أَلاَ فَانْظُرُوا رَجُلاً مِنْكُمْ وَسَطاً، عِظَاماً، حَيَّاماً، أَبْيَضَ بَضًّا، أَوْطَنَ الأَهْدَابِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، أَنْشَمَ الْعِرْنِيْنِ، لَهُ فَخرُ لكَظْمِ عَلَيْهِ، وَسَنَةٌ تُهْدَى إِلَيْهِ فَلْيَخْلُصْ هُوَ وَوَلَدُهُ وَلْيُهْبِطَنَّ اللَّهُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلاً فَلْيَمُسُّوا مِنَ الْمَاءِ وَلَيَمُسُّوا مِنَ الطِّيْبِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
ثُمَّ وَفِيْ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِي: وَلْيَسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ لْيَرْقُوا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لِيَرْتَقُوا.
بِأَبِي قُبَيْسٍ، ثُمَّ لْيَدْعُ الرَّجُلُ وَلْيُؤَمِّنِ الْقَوْمُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَلاَ، وَاتَّفَقَا.
بَغِيْتُمْ مَا شِئْتُمْ فَأَصْبَحَتُ عَلِمَ اللَّه مَذْعُوْرَةً.
زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَدْ، وَاتَّفَقَا.
اقَشَعَرَّ جِلْدِي، وَوَلِهَ عَقْلِي، وَاقْتَصَصْتُ رُؤْيَايَ، وَصِرْتُ فِيْ شِعَابِ مَكَّةَ وَاْلحرمةِ.
زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِهَا، وَاتَّفَقَا.
مَا بَقِي أَبْطَحِيٌّ إِلاَّ قَالُوا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ، الطَّبَرَانِي: قَالَ، فَاتَّفَقَا.
هَذَا شَيْبَةُ الْحَمْدِ وَتَنَاهَتْ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَتَنَاهَتْ إِلَيْهِ، وَاتَّفَقَا.
رِجَالاَتُ قُرَيْشٍ وَهَبَطَتْ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَهَبَطَ، وَاتَّفَقَا.
إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنِ رَجُلٌ فَسَنُّوْا وَمَشُوا وَاسْتَلَمُوْا، ثُمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قُبَيْسٍ وَاصْطَفُّوا حَوْلَهُ مَا يَبْلُغُ سَعْيُهُمْ مُهْلَةً حَتَّى اسْتَوَى.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتَوَوا.
لِذُرْوَةِ الْجَبَلِ، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- غُلاَمٌ قَدْ أَيْفَعَ أَوْ كَرِبَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ.
(1/129)


وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لاَهُمَّ.
سَادَّ الْخِلَّةِ، وَكَاشِفَ الْكَرْبَةِ، أَنْتَ مُعَلِّمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَمَسْؤُلٌ غَيْرُ مُبَخَّلٍ، وَهَذِهِ عِبَادُكَ وَإِمَاؤُكَ بِعذراتِ حَرَمِكَ، شَاكُوْنَ عَلَيْكَ سَنَتَهُمْ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بِسَنَتِهِمْ، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: اللَّتِي، وَاتَّفَقَا.
أَذْهَبَتِ الْخُفَّ وَالظُّلْفَ، اللَّهُمَّ فَاسْمَعَنْ، اللَّهُمَّ وَأَمْطِرْ عَلَيْنَا غَيْثاً مُغْدِقاً مَرِيْئاً، فَوَرَبِّ الْكَعَبَةِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَوَالْكَعْبَةِ.
مَا رَامُوا حَتَّى تَفَجَّرَتِ السَّمَاءُ بِمَا فِيْهَا.
(1/130)


قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بِمَائِهَا، وَاتَّفَقَا.
فَأَطَّ الْوَادِي بِثَجِيْجِهِ، فَسَمِعْتُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَتَسَمَّعْتُ، وَاتَّفَقَا.
شِيْخَانَ قُرَيْشٍ وَجُلَّتَهَا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جِدْعَانَ، وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَهِشَامَ بْنَ الْمُغِيْرَةِ، يَقُوْلُونَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: هَنِيْئاً لَكَ أَبَا الْبَطْحَاءِ!! أَيْ عَاشَ لَكَ أَهْلُ الْبَطْحَاءِ، وَفِيْ ذَلِكَ تَقُوْلُ رَفِيْقَةُ بِنْتُ أَبِي صَيْفِي: وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَا وَاجلوز الْمَطَرُ سَحًّا فَعَاشَتْ بِهِ الأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْماً بِهِ مُضَرُ مَا فِيْ الأَنَامِ لَهُ عَدْلٌ وَلاَ خَطَرُ بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتنَا فَجَادَ بِالْمَاءِ جوني لَهُ سَبُل مَنًّا مِنَ اللَّه بِالْمَيْمُوْنِ طَلْعَتُهُ مُبَارَكُ الأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَارِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيْدَ النَّهْشَلِيُّ الْغَفَّارِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِيْ جَامِعِ الْكُوْفَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ الْمَعْرُوْفُ بِابْنِ النَّحَّاسِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ العَبَّاسِ الْبَجْلِي الْمَقَانِعِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوْبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ الأَحْوَصِ أَبُو الْيَقْظَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَارُوْنَ الْعَبْدِي، عَنْ رَبِيْعَةَ السَّعْدِي، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: دَعَا رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- بِلاَلاً، فَقَالَ: ((يَا بِلاَلُ أَذِّنْ فِيْ هَذَا الْيَوْمِ قَبْلَ وَقْتِ الَّذِي كُنْتَ تُؤَذِّنُ فِيْهِ قَبْلَ الْيَوْمِ)) يَعْنِي الظُّهْرَ، فَلَمَّا زَالَتْ الشَّمْسُ قَامَ بِلاَلٌ فَأَذَّنْ وَاجْتَهَدَ فِيْ(1/131)

26 / 134
ع
En
A+
A-