مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ حَجَرٍ الشَّامِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَنْصُوْرٍ الأَنْبَاوِي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَقَّاصِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَعْبٍ الْقُرَضِي، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَاعِدٌ فِيْ الْمَسْجِدِ، إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فِيْ مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَارَّ؟ قَالَ: لاَ، فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ لَهُ فِيْهِمْ شَرَفٌ وَمَوْضِعٌ، وَهُوَ الَّذِي أَتَاهُ رَبُّهُ بِظُهُوْرِ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِهِ، فَدُعِيَ بِهِ.
قَالَ: أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَبُّكَ بِظُهُوْرِ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-؟.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ؟.
فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيْداً، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ!! وَاللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ لأَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ، أَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَبُّكَ بِظُهُوْرِ رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: نَعَمْ، يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، قَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ؛ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِب يَدْعُو إِلَى اللَّهِ(1/107)


عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ: وَشِدَّتِهَا الْعِيْسَ بِأَحْلاَسِهَا مَا خَيِّرُو الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَجْسَاسِهَا تَهْوِيْ إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ قَالَ: فَلَمْ أَرْفَعْ لِقَوْلِهِ رَأْساً، وَقُلْتُ: دَعْنِي أُتِمْ فِإِنَّنِي أَمْسَيْتُ نَاعِساً.
فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِيْ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُوْلٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُوْلُ: وَشدّهَا الْعِيْسَ بِأَقْتَابِهَا مَا صَادِقُو الْجِنِّ كَكُذَّابِهَا لَيْسَ قُتَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلاَبِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ قَالَ: فَلَمْ أَرْفَعْ لِقَوْلِهِ رَأْساً.
فَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ افْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُوْلٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُوْلُ: وَشَدَّهَا العِيْسَ بِأَكْوَارِهَا مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا بَيْنَ زَوَايَاهَا وَأَحْجَارِهَا عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَحْبَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِْن هَاشِمٍ فَوَقَعَ فِيْ نَفْسِي حُبُّ الإِسْلاَمِ وَرَغِبْتُ فِيْهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى(1/108)


رَاحِلَتِي فَانْطَلَقْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا كُنْتُ فِيْ بَعْضِ الطَّرِيْقِ أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ الْمَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ لِي: فِيْ الْمَسْجِدِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَعَقَلْتُ نَاقَتِي، فَإِذَا رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: اسْمَعْ مَقَالَتِي يَارَسُوْلَ اللَّهِ.
فَقَالَ أَبُوْ بَكْرٍ: ادْنُه ادْنُه، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: ((هَاتِ فأَخْبِرْنِي بِإِنْبَائِكَ رَبُّكَ)) فَقُلْتُ: وَلَمْ يَكُ فِيْمَا قَدْ تَلَوْتُ بِكَاذِبِ أَتَاكَ رَسُوْلٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بِي الدّعْلُبُ الوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ وَأَنَّكَ مَأْمُوْرٌ عَلَى كُلِّ غَالِبِ إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الأَكْرَمِيْنَ الأَطَايِبِ وَإِنْ كَانَ فِيْمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ بِمُغْنٍ فَتِيلاً عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ أَتَانِي نَجِيِّي بَيْنَ هُدْءٍ وَرَقْدَةٍ ثَلاَثُ لَيَالٍ قَوْلُهُ كَلَّ لَيْلَةٍ فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِ الإِزَارَةِ وَوسطتْ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِيْنَ وَسِيْلَةً فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيْكَ يَاخَيْرَ مَنْ مَشَى وَكُنْ لِي شَفِيْعاً يَوْمَ لاَ ذُو شَفَاعَةٍ قَالَ: فَفَرِحَ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ بِإِسْلاَمِهِ فَرَحاً شَدِيْداً، حَتَّى رُؤيَ فِيْ وُجُوْهِهِمُ البُشْرَ.
قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَالْتَزَمَهُ، قَالَ: قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْكَ.
حَدَّثَنَا السَّيِّدُ الأَجَلُّ(1/109)


الإِمَامُ الْمُرْشِدُ بِاللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُوَفَّقِ بِاللَّهِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأصَفْهَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيْزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُوْدِي، عَنْ نُفَيْلِ بْنِ هِشَام بْنِ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلَ وَزَيْدُ بْنُ عَمْرِو يَطْلُبَانِ الدِّيْنَ، حَتَّى مَرَّا بِالشَّامِ فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُهُ أَمَامَكَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْمَوْصِلَ فَإِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ صَاحِبُ الْمَرْحَلَةِ؟.
(1/110)


قَالَ: مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
قَالَ: مَا تَطْلُبُ؟.
قَالَ: الدِّيْنَ؛ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ.
قَالَ: أَمَا إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ سَيَظْهَرُ بِأَرْضِكَ، فَأَقْبل وَهُوَ يَقُوْلُ: لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعْبُداً، ورقا الْبَرَّ أَبْغِي لاَ الْحَالَ، وَهُوَ مَهْجَرٌ كَمْنَ قَالَ مِنَ الْقَيْلُوْلَةِ عُذْتُ بِمَا عَاذَ بِهِ إِبْرَاهِيْمُ وَهُوَ قَائِمٌ يَقُوْلُ وَأَنْفِي لَكَ رَاغِمٌ، مَهْمَا تَخْشَمِيني فَإِنِّي خَاشِمٌ، ثُمَّ خَرَّ فَسَجَدَ لِلْكَعْبَةِ.
قَالَ: فَمَرَّ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَزَيْدِ بْنُ حَارِثَةَ وَهُمَا يَأْكُلاَنِ مِنْ سُفْرَةٍ لَهُمَا، فَدَعَيَاهُ.
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لاَ آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ.
قَالَ: فَمَا رَأُيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ مَنْ يَوْمِهِ ذَاكَ حَتَّى بُعِثَ.
قَالَ: وَجَاءَ سَعِيْدُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُوْلَ اللَّهِ إِنَّ زَيْداً كَانَ كَمَا رَأَيْتَ أَوْ كَمَا بَلَغَكَ فَأَسْتَغْفِرُ لَهُ.
قَالَ: ((نَعَمْ؛ فَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ)).
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْنِعِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُوْسَى الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوعَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيْدٍ الْمَدَائِنِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِ(1/111)

22 / 134
ع
En
A+
A-