لأَقْتُلَهُ.
قَالَ: فَغَضِبَ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا أَنْفَهُ ضَرْبَةً ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَسَرَهَا، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَاللَّهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَكْرَهُ هَذَا مَا سَأَلْتُكَ.
قَالَ: أَتَسْأَلُنِي أَنْ أُعْطِيَكَ رَسُوْلَ رَجُلٍ يَأْتِيْهِ النَّامُوْسُ الأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوْسَى لِتَقْتُلَهُ.
قَالَ: قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَكَذَا هُوَ؟ قَالَ: وَيْحَكَ يَا عَمْرُو!! أَطِعْنِي وَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ وَاللَّه لَعَلَى الْحَقِّ، وَلَيَظْهَرَنَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ كَمَا ظَهَرَ مُوْسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنُوْدِهِ.
قَالَ: قُلْتُ: أَفَتُبَايِعُنِي لَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي وَقَدْ حَالَ رَأْيِي عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَكَتَمْتُ بِأَصْحَابِي إِسْلاَمِي.
ثُمَّ خَرَجْتُ عَائِداً إِلَى رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَلَقِيْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيْدِ وَذَلِكَ قُبَيْلُ الْفَتْحِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ يَا أَبَا سَلْمَانَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقَامَ الْمَيْسَمُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَنَبِيٌّ، اَذْهَبْ وَاللَّهِ أَسْلِمْ فَحَتَّى مَتَى؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّه مَا جِئْتُ إِلاَّ لأُسْلِمَ.
قَالَ: فَقَدِمْنَا الْمَدِيْنَةَ إِلَى رَسُوْلِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَتَقَدَّمَ خَالِدٌ فَأَسْلَمَ وَبَايَعَ، وَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا السَّيِّدُ الأَجَلُّ الإِمَامُ الْمُرْشِدُ بِاللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ الْمُوَفَّقِ بِاللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ(1/102)


عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأصَفْهَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِي فِيْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التَّسْتُرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الشَّامِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوْسَى الإِسْكَنْدَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي سَعِيْدِ الْمَقْبَرِي.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ حُزَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، أَلاَ أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ بِدْؤُ إِسْلاَمِي؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَطُوْفُ فِيْ طَلَبِ نِعَمٍ لِي إِذَا أَنَا مُهَيَّأٌ عَلَى أَثْرَادِ أَجَنَّنِي اللَّيْلُ بِـ(أَبْرَقِ الْعُزَّافِ) .
.
.
فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَعُوْذُ بِعَزِيْزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ: وَيْحَكَ عُذْ بِاللَّهِ ذِي الْجَلاَلِ، وَالْمَجْدِ وَالنَّعْمَاءِ وَالإِفْضَالِ، وَاقْتَرِء آيَاتٍ مِنَ الأَنْفَالِ، وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلاَ تُبَالِ، فَذُعِرْتُ ذُعْراً شَدِيْداً، وَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي قُلْتُ: أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيْلُ يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُوْلُ بَيِّنْ لَنَا هُدِيْتَ مَا الْحَوِيْلُ قَالَ: بِيَثْرِبَ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ وَيَمْنَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَّاتِ هَذَا رَسُوْلُ اللَّهِ ذُوْ الْخَيْرَاتِ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلاَةِ قَالَ: فَاتَّبَعْتُ رَاحِلَتِي وَقُلْتُ: لاَ جُعْتَ وَلاَ عَرِيْتَ وَلاَ تُؤْثِرَنَّ عَلَى الْخَيْرِ الَّذِي أُوْتِيْتَ أَرْشِدْنِي رُشْداً هُدِيْتَ وَلاَ بَرِحْتَ سَعِيْداً مَا(1/103)


بَقِيْتَ قَالَ: فَاتَّبَعَنِي وَهُوَ يَقُوْلُ: وَبِلِّغِ الأَهْلَ بِوَادِي رَحْلِكَا وَانْصُرْهُ عَزَّ رَبِّي نَصْرَكَا صَاحَبَكَ اللَّهُ وَسَلِّمْ نَفْسَكَا آمِنْ بِهِ تُفْلِحْ، رَبِيِّ حَثَّكَا قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَدِيْنَةَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَاطَّلَعْتُ فِيْ الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيَّ أَبُوْبَكْرٍ الصِّدِّيْقُ فَقَالَ: أُدْخُلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا إِسْلاَمُكَ.
قُلْتُ: لاَ أُحْسِنُ الطَّهُوْرَ فَعَلِّمْنِي، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ رَسُوْلَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ، وَهُوَ يَقُوْلُ:((مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوْءَ ثُمَّ صَلَّى صَلاَةً يَحْفَظُهَا وَيَعْقِلُهَا إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ))، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَتَأْتِينِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لأَنْكِلَنَّ بِكَ، فَشَهِدَ لِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَسْنِيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيْفَةَ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ يَوْمٍ لابْنِ عَبَّاسٍ: حَدِّثْنِي بِحَدِيْثٍ تُعْجِبُنِي بِهِ.
قَالَ: حَدَّثَنِي حُزَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ الأَسَدِيُّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِيْ بِغَاءِ إِبِلٍ لِي فَأَصَبْتُهَا بِالأَبْرَقِ العُزَّافِ فَعَقَلْتُهَا وَتَوَسَّدْتُ ذِرَاعَ بَعِيْرٍ مِنْهَا، وَذَلِكَ حَدَثَانِ خُرُوْجِ(1/104)


النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قُلْتُ: أَعُوْذُ بِكَبِيْرِ هَذَا الْوَادِي، أَعُوْذُ بِعَظِيْمِ هَذَا الْوَادِيٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُوْنَ فِيْ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِيْ وَيَقُوْلُ: مُنَزِّلِ الْحَرَامِ وَالْحَلاَلِ مَا هُو أَذَى الْجِنِّ مِنَ الأَهْوَالِ وَفِي سُهُوْلِ الأَرْضِ وَالْجِبَالِ إِلاَّ التُّقَى وَصَالِحُ الأَعْمَالِ وَيْحَكَ عُذْ بِاللَّهِ ذِيْ الْجَلاَلِ وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلاَ تُبَالِ إِذْ يُذْكَرُ اللَّهَ عَلَى الأَمْيَالِ(1/105)


وَصَارَ كَيْدُ الْجِنِّ فِيْ سُفَالِ قَالَ: فَقُلْتُ: أَرَشَدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيْلُ يَا أَيُّهَا الدَّاعِي مَا تَحِيْلُ قَالَ: جَاءَ بِيَاسِيْنَ وَحَامِيْمَاتِ مُحَرِّمَاتٍ وَمُحَلِّلاَتِ وَيَزْجُرُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَّاتِ هَذَا رَسُوْلُ اللَّهِ ذُوْ الْخَيْرَاتِ وَسُوَرٍ بَعْدُ مُفَصَّلاَتِ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلاَةِ قَدْ كُنَّ فِيْ الأَيَّامِ مُنْكَرَاتِ قَالَ: قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا مَالِكُ بْنُ مَالِكٍ بَعَثَنِي رَسُوْل اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ عَلَى جِنِّ أَهْلِ نَجْدٍ.
قَالَ: قُلْتُ: لَوْ كَانَ لِي مَا يَكْفِيْنِي إِبِلِي هَذِهِ لأَتَيْتُهُ حَتَّى أُؤْمِنَ بِهِ.
قَالَ: أَنَا أَكْفِيْكَهَا حَتَّى أُؤَدِّيْهَا إِلَى أَهْلِكَ سَالِمَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَاعْتَقَلْتُ بَعِيْراً مِنْهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ الْمَدِيْنَةَ فَوَافَقْتُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُمْ فِيْ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ: يَقْضُونَ صَلاَتَهُمْ، ثُمَّ أَدْخُلُ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِيْخَ رَاحِلَتِي، إِذْ خَرَجَ إِلَيَّ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ لِي: يَقُوْلُ لَكَ رَسُوْلُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-: ((ادْخُلْ))، فَدَخَلْتُ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: ((مَا فَعَلَ الشَّيْخُ الَّذِي ضَمِنَ لَكَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِبِلَكَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمَةً))، أَمَا إِنَّهُ قَدْ أَدَّاهَا إِلَى أَهْلِكَ سَالِمَةً.
قُلْتُ: رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-: ((أَجَلْ رَحِمَهُ اللَّهُ))، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِي، قَالَ: حَدَّثَنَا(1/106)

21 / 134
ع
En
A+
A-