حَدَّثَنَا عِيْسَى بْنُ سَوَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِيْنَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ عِنْدَ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- وَقَدْ جِيءَ بِرَأْسِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فِيْ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَنُصِبَتْ فِيْ مَؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ عَلَى الرُّمْحِ، وَنُوْدِيَ فِيْ أَهْلِ الْمَدِيْنَةِ: بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِنْ رَجُلٍ بَلَغَ الْحُلْمَ لَمْ يَحْضُرِ الْمَسْجِدَ، فَحُشِرَ النَّاسُ الْغُرَبَاءُ وَغَيْرُهُمْ فَمَكَثْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، يَخْرُجُ الْوَالِي مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُوْمِيُّ، فَيَقُوْمُ الْخُطَبَاءُ الَّذِيْنَ قَامُوا بِالرُّؤُوْسِ فَيَخْطُبُوْنَ فَيَلْعَنُوْنَ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ وَزَيْداً وَأَشْيَاعَهُمْ، فَإِذَا فَرِغَ قَامَ الْقَبَائِلُ عَرَبِيُّهُمْ وَعَجَمِيُّهُمْ، وَكَانَ بَنُو عُثْمَانَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ فَلَعَنُوا، ثُمَّ بُطُوْنُ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارُ وَسَائِرُ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَلَّوا الظُّهْرَ انْصَرَفَ، ثُمَّ عَادَ فِيْ الْغَدِ مِثْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيْ بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَهُوَ أَبُو هَذَا الْقَاضِي قَاضِي أَبِي جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَام: اقْعُدْ، ثُمَّ عَادَ فَقَامَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْعَى فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: اقْعُدْ، فَقَالَ: أَهَذَا مَقَامٌ لاَ نَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلَّ سَاعَةٍ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ فَأَخَذَ فِيْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ تَنَاوَلَ يَلْعَنُ عَلِيًّا وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَالْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَزَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ- وَمَنْ كَانَ يُحِبُّهُمْ، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ(1/622)
خُطْبَتَهُ قَدْ انْقَطَعَتْ، فَلَمْ أَعْلَمْ حَتَّى كَانَ مِنَ اللَّيْلِ انْتَشَرَ خَبَرُهُ، فَرَمَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيْ رَأْسِهِ بِصُدَاعٍ لاَ يَتَمَالَكُ مِنَ الصُّدَاعِ حَتَّى أُذْهِبَ بَصَرُهُ فِيْ تِلْكَ السَّاعَةِ، وَكَانَ رَجُلاً مُسْتَنِداً إِلَى الْقَبْرِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيَّ فَزِعاً، قَالَ: مَا رَأَيْتُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ اشْتَقَّ الْقَبْرُ، فَخَرَجَ مِنْهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيْضٌ، فَاسْتَقْبَلَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَنَكَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُوعَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْحَسَنِيُّ الْكُوْفِيُّ الْبَطْحَانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَاجِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ وَلِيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُخَلَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبُطَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ حَازِمٍ الأَسَدِيِّ.
عَنْ فَاطِمَةَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلاَمَةَ قَالَتْ: مَرَرْتُ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَصْلُوْباً عَرْيَانَاً مَكْشُوْفَ الْعَوْرَةِ فُقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَيُفْعَلُ هَذَا بِابْنِ رَسُوْلِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ-! فَحَلَلْتُ خِمَارِي عَنْ رَأْسِي ثُمَّ تَعْنِي لَفَفْتُهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَى عَوْرَتِهِ فَاسْتَدَارَ حَتَّى انْعَقَدَ فِيْ وَسَطِهِ وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ، فَصَعَدُوا فَحَلُّوْهُ، فَاسْتَرْخَتْ سُرَّتُهُ حَتَّى غَطَّتْ عَوْرَتَهُ، فَمَضَوا عَلَى يُوْسُفَ بْنِ عُمَرَ وَأَخْبَرُوْهُ، فَقَالَ:(1/623)
أَنْزِلُوْهُ فَاذْهَبُوا بِهِ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاحْرِقُوْهُ، فَإِذَا صَارَ رَمَاداً فَاذْرُوْهُ فِيْ الْفُرَاتِ، فَإِنِّي لاَ آمَنُهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوْهُ إِلَهاً كَمَا اتَّخَذُوا بَنُو إِسْرَائِيْلَ الْعِجْلَ، ثُمَّ أَخَذُوا أَمَتَهُ، أَظُنُّهُ يَعْنِي أُمَّ وَلَدِهِ، فَقَطَعُوا ثَدْيَهَا فَمَاتَتْ فِيْ ذَلِكَ رَحَمْةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رَشْدِيْنَ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَعْفَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفَتْحِ سَعِيْدُ بْنُ مَيْمُوْنَ: أَنَّهُ رَأَى زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَصْلُوباً، لَمْ يَبْتَعِرْ بَطْنُهُ، وَلاَ تَمَعَّطَتْ لِحْيَتُهُ وَلاَ رَأْسُهُ، وَلاَ حَالَتْ رَائِحَتُهُ، وَقَالَ كَرَّةٌ أُخْرَى: لَمْ يَنْفَطِرْ بَطْنُهُ وَلاَ تَمَعَّطْ لِحْيَتُهُ.
(1/624)
[كرامة استقبال الخشبة نحو القبلة]
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حَاجِبٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْقَطَّانِ، وَصَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوْسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَبْدِالْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ الْبَجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، لاَ أُحْصِي مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيْثَ، أَنَّ زَيْداً -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَانَ يُوَجَّهُ بِوَجْهِهِ نَاحِيَةَ الْفُرَاتِ، فَيُصْبِحُ وَقَدْ دَارَتْ خَشَبَتُهُ نَاحِيَةَ الْقِبْلَةِ مِرَاراً، وَعَلَتِ الْعَنْكَبُوْتُ حَتَّى نَسَجَتْ عَلَى عَوْرَتِهِ، وَقَدْ كَانُوا صَلَبُوْهُ عَرْيَانَاً.
(1/625)
[كرامة رائحة المسك]
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا: أَبُو سَعِيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْن بِشْرِ بْنِ هِلاَلٍ التَّاجِرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ رُشْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي سَعِيْدُ بْنُ خَيْثَمٍ الْهِلاَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَبِيْبُ بْنُ عَرْقَدَةَ قَالَ: قَدِمْنَا حُجَّاجاً مِنْ مَكَّةَ فَدَخَلْنَا الكُنَّاسَ لَيْلاً، فَلَمَّا أَنْ كُنَّا بِالْقُرْبِ مِنْ خَشَبَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- أَضَاءَ لَنَا اللَّيْلُ، فَلَمْ نَزَلْ نَسِيْرُ قَرِيْباً مِنْ خَشَبَتِهِ، فَنَفَحَتْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: هَكَذَا تُوْجَدُ رَائِحَةُ الْمُصْلَبِيْنَ؟ قَالَ: فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ، وَهُوَ يَقُوْلُ: هَكَذَا تُوْجَدُ رَائِحَةُ أَوْلاَدُ النَّبِيِّيْنَ، الَّذِيْنَ يَقْضُوْنَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُوْنَ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ التَّيْمُلِيُّ قِرَاءَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُمْهُوْرٌ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ مُقْبِلَيْنِ مِنْ بَنِي ضَّبَّةَ، كُلَّ وَاحِدٍ يَدُهُ فِيْ يَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى خَشَبَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ-، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا بِيَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ وَهُوَ يَقُوْلُ: ? إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ(1/626)