قَالَ: الْمَوْتُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِمَّا أَنَا فِيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَ الْكَلْبَتَيْنِ، فَانْتَزَعَهُ، فَسَاعَةُ انْتَزَعَهُ مَاتَ.
فَقَالَ الْقَوْمُ: أَيْنَ نَدْفِنُهُ، وَأَيْنَ نُوَارِيْهُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُلْبِسُهُ دِرْعَيْنِ ثُمَّ نُلْقِيْهِ فِيْ الْمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ، بَلْ نَحْتَزُّ رَأْسَهُ ثُمَّ نُلْقِيْهِ بَيْنَ الْقَتْلَى.
قَالَ: فَقَالَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ: لاَ، وَاللَّهِ لاَ تَأْكُلُ لَحْمَ أَبِي السِّبَاعُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْمِلُهُ إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ فَنُدْفِنُهُ بِهَا.
قَالَ سَلَمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: فَأَشَرْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ نَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى الْحُفْرَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا الطِّيْنَ فَنَدْفِنُهُ فِيْهَا فَقَبِلُوا رَأْيِي.
قَالَ: فَنَنْطَلِقُ فَنَحْفُرُ لَهُ بَيْنَ حَفُرْتَيْنِ وَفِيْهِ يَوْمَئِذٍ مَاءٌ كَثِيْرٌ، حَتَّى إِذَا نَحْنُ مِلْنَا بِهِ دَفَنَّاهُ ثُمَّ أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ وَمَعَنَا عَبْدٌ سِنْدِيٌّ.
قَالَ سَعِيْدُ بْنُ خَيْثَمٍ فِيْ حَدِيْثِهِ: حَبَشِيٌّ، كَانَ مَوْلًى لِحَمِيْدِ الرَّوَاسِي، وَكَانَ مُعَمَّرُ بْنُ خَيْثَمٍ قَدْ أَخَذَ صَفْقَةَ زَيْدٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ صَالِح: كَانَ مَمْلُوْكاً لِزَيْدٍ سِنْدِيٌّ كَانَ حَضَرَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو مَخْنَفٍ: عَنْ كَهْمَشَ، قَالَ: كَانَ نَبَطِيٌّ يَسْقِي زَرْعاً لَهُ حَيْثُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَرَآهُمْ حَيْثُ دَفَنُوْهُ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى الْحَكَمَ بْنَ الصَّلْتِ فَدَلَّهُمْ عَلَى مَوْضِعِ قَبْرِهِ فَتَسَرَّحَ إِلَيْهِ يُوْسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ سَعْدٍ الْمَرِّيَّ، قَالَ أَبُو مَخْنَفٍ: بَعَثَ الْحَجَّاجَ بْنَ الْقَاسِمِ فَاسْتَخْرَجُوْهُ وَحُمِلَ عَلَى جَمَلٍ.
قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ قَابُوْسٍ: فَنَظَرْتُ وَاللَّهِ(1/607)


إِلَيْهِ حِيْنَ أُقْبِلَ بِهِ عَلَى جَمَلٍ يُشَدُّ بِالْحِبَالِ، وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ أَصْفَرُ هَرَوِيٌّ، فَأُلْقِيَ مِنْ الْبَعِيْرِ عَلَى بَابِ الْقَصْرِ فَحُلَّ، كَأَنَهُ جَبَلٌ، فَأُمِرَ بِهِ فَصُلِبَ فِيْ الْكُنَّاسَةِ، وَصُلِبَ مَعَهُ الأَنْصَارِيُّ -يَعْنِي مُعَاوِيَةَ بْنَ إِسْحَاقَ- وَزِيَادُ النَّهْدِي وَنَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ.
قَالَ أَبُو مَخْنَفٍ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ كُلْثُوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بِرَأْسِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ مَعَ زَهْرَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَلَمَّا كَانَ بِمَصْنَعِهِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ ضَرَبَهُ الْفَالِجُ، وَانْصَرَفَ ابْنُهُ بِجَائِزَتِهِ مِنْ هِشَامٍ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الآدَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرٍ الْخَتْلِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَوْقِرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الزُّهْرِيِّ بِالرَّصَافَةِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَ اللاَّعِنِيْنَ، فَقَالَ: يَا وَلِيْدُ، أُنْظُرْ مَا هَذَا؟ فَأَشْرَفْتُ مِنْ كُوَّةٍ فِيْ بَيْتٍ، فَقُلْتُ: رَأْسُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، فَاسْتَوى جَالِساً، ثُمَّ قَالَ: أَهْلَكَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الْعَجَلَةُ.
فَقُلْتُ: أَوَ يَمْلِكُوْنَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ فَاطِمَةَ -عَلَيْهَا السَّلاَمُ- أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: ((الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِكِ)).
وَقَالَ أَبُو مَخْنَفٍ: وَحَدَّثَنِي مُوْسَى بْنُ حَبِيْبٍ أَنَّهُ مَكَثَ مَصْلُوْباً إِلَى أَيَّامِ الْوَلِيْدِ بْنِ يَزِيْدَ، فَلَمَّا ظَهَرَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ كَتَبَ الْوَلِيْدُ إِلَى(1/608)


يُوْسُفَ: أَمَّا بَعْدُ.
فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْظُرْ عِجْلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَاحْرِقْهَ وَاَنْسِفْهُ فِيْ الْيَمِّ نَسْفاً، وَالسَّلاَمُ.
فَأَمَرَ بِهِ يُوْسُفُ عِنْدَ ذَلِكَ خِرَاشَ بْنَ حَوْشَبٍ فَأَنْزَلَهُ مِنْ جِذْعِهِ، فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِيْ قَوَاصِرَ، ثُمَّ حَمَلَهُ فِيْ سَفِيْنَةٍ، ثُمَّ ذَرَاهُ فِيْ الْفُرَاتِ.
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الأَوْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أُخْتِ خُلادٍ الْمُقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْمَلائِي.
عَنْ سُمَاعَةَ بْنِ مُوْسَى الطَّحَّانِ، قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- مَصْلُوْباً بِالْكُنَّاسَةِ، فَمَا رَأَى أَحَدٌ لَهُ عَوْرَةٌ، اسْتَرْسَلَ جِلْدُهُ مِنْ بَطْنِهِ مِنْ قُدَّامِهِ وَخَلْفِهِ حَتَّى سَتَرَ عَوْرَتَهُ.
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعِتْكِيُّ.
عَنْ جَرِيْرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فِيْ الْمَنَامِ وَهُوَ مُتَسَانِدٌ إِلَى جِذْعِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَهُوَ مَصْلُوْبٌ، وَهُوَ يَقُوْلُ لِلْنَّاسِ: ((هَكَذَا تَفْعَلُوْنَ بِوَلَدِي))، (ح).
وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: قُتِلَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ-عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيْ صَفَرَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمِائَةٍ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عًبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ(1/609)


عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِيُّ الْبَطْحَانِيُّ بِالْكُوْفَةِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حَاجِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ أَنَّهُ رَأَى زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- مَصْلُوْباً بِالْكُنَّاسَةِ حَيْثُ تُبَاعُ الْغَنَمُ وْالْحَمَامُ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ جَاءُوا بِالطّرفِ فَرَبَطُوْهَا عَلَيْهِ بِحَبْلٍ ثُمَّ أُشْعِلَ فِيْهَا النَّارُ، فَمِنْ شِدَّةِ النَّارِ كَانَ النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ مِنْ بَعِيْدٍ، ثُمَّ جَاءُوا بِالْمُتَرَّسَاتِ، ثُمَّ جَاءُوا بِأَرْبَعَةِ جَوَالِيْقَ وَكَبَسُوْا رَمَادَهُ فَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْهُ شَيْئاً ثُمَّ حَمَلُوْهُ، وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى أَخَذُوا عَلَى الْبَكْرِ، حَتَّى أَتَوا الْعَاقُوْلَ، وَقَدِمُوا الْمَعْبَرَ، وَتَقَرَّبْتُ مِنْهُمْ حَتَّى تَوَسَّطُوْا بِهِ الْفُرَاتَ فَذَرُّوْهُ، وَإِنَّ شَبِيْباً وَاضِعٌ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْقُرْبُوْسِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لَنُحْرِقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِيْ الْيَمِّ نَسْفاً.
وَبِهِ قَالَ:أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ الْكِنْدِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعَلاَّفُ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الْجَرِيْرِيُّ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بْنِ يَزِيْدَ الْبَجْلِيِّ، قَالَ: قِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ الْهَمْدَانِيِّ، وَقَدْ أُمِرَ بِإِنْزَالِ زَيْدٍ حِيْنَ صُلِبَ، قَالَ: كَلاَّ!! وَاللَّهِ حَتَّى تُحْرِقُوْهُ ثُمَّ(1/610)


تُنْسِفُوْهُ فِيْ الْيَمِّ نَسْفاً.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حَاجِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلاَّنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالسَّلاَم، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُُ عَبْدالْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ بْنُ يَعْقُوْبَ الطَّهَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوْبَ الْبُرْجُمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَدْ جِيئَ بِهِ إِلَى ظُلَّةِ التَّمَّارِيْنَ، يَعْنِي الْغَافُوْرَاءَ، فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، ثُمَّ جَاءُوا بِالْهَنوطَاتِ وَضُرِبَ بِهَا حَتَّى صَارَ رَمِيْماً، ثُمَّ عُقِدَتِ الْمَعَابِرُ.
(1/611)

121 / 134
ع
En
A+
A-