وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو عًبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاجِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ-، قَالَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كِتَاباً كَانَ لأَبِيْهِ.
قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: نَعَمْ، ثُمَّ نَسِيَ فَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِ، فَمَكَثَ سَنَةً ثُمَّ ذَكَرَ فَلَقِيَ زَيْداً، فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أَلَمْ أَسْأَلْكَ كِتَابَ أَبِيْكَ؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلاَّ النِّسْيَانُ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: قَدِ اسْتَغْنَيْتُ عَنْهُ.
قَالَ: تَسْتَغْنِي عَنْ كِتَابِ أَبِيْكَ.
قَالَ: نَعَمْ، اسْتَغْنَيْتُ بِكِتَابِ اللَّهِ.
قَالَ: فَأَسْأَلُكَ عَمَّا فِيْهِ؟.
قَالَ لَهُ زَيْدٌ: نَعَمْ.
قَالَ: فَبَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْكِتَابَ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَسَأَلُهُ عَنْ حَرْفٍ حَرْفٍ، وَأَقْبَلَ زَيْدٌ يُجِيْبُهُ حَتَّى فَرِغَ مِنْ آخِرِ الْكِتَابِ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَاللَّهِ، مَا حَرَّفْتَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُوعَبْدِاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ النَّجَّارِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ التَّمَّارِ الْمُقْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّه(1/592)


بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِي الْبَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ الأَزْدِي يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشَّامِ أَيَّامَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِالْمَلِكِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّه مِنْهُ، وَلَقَدْ حَبَسَهُ هِشَامٌ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَعَهُ فِيْ الْحَبْسِ بِتَفْسِيْرِ الْحَمْدِ وَسُوْرَةِ الْبَقَرَةِ يَهُذُّ ذَلِكَ هَذًّا، وَذَكَرَ الْكِتَابَ، قَالَ فِيْهِ: وَاعْلَمُوْا رَحِمَكُمُ اللَّهَ! أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ بِهِ يَهْدِي الَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، إِنَّ اللَّهَ شَرَّفَهُ، وَكَرَّمَهُ، وَرَفَعَهُ، وَعَظَّمَهُ، وَسَمَّاهُ رُوْحاً، وَرْحَمَةً، وَشِفَاءً، وَهُدًى، وَنُوْراً، وَقَطَعَ مِنْهُ بِمُعْجِزِ التَّأْلِيْفِ أَطْمَاعَ الْكَائِدِيْنَ، وَأَبَانَهُ بِعَجِيْبِ النَّظْمِ عَنْ حِيَلِ الْمُتَكَلِّفِيْنَ، وَجَعَلَهُ مَتْلُوًّا لاَ يُمَلُّ، وَمَسْمُوْعاً لاَ تَمُجُّهُ الآذَانُ، وَغَضًّا لاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ التَّرَدُّدِ، وَعَجِيْباً لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَمُفِيْداً لاَ تَنْفَدُ فَوَائِدُهُ.
وَالْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: حَرَامٌ، وَحَلاَلٌ لاَ يَسَعُ النَّاسُ جَهَالَتُهُ، وَتَفْسِيْرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَعَرَبِيَّةٌ تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ وَتَأْوِيْلٌ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ، وَهُوَ مَا يَكُوْنُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ.
وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ لِلْقُرْآنِ: ظَهْرًا، وَبَطْناً، وَحَدًّا، وَمَطْلَعاً.
فَظَهْرُهُ: تَنْزِيْلُهُ، وَبَطْنُهُ: تَأْوِيْلُهُ، وَحَدُّهُ: فَرَائِضُهُ وَأَحْكَامُهُ، وَمَطْلَعُهُ: ثَوَابُهُ وَعِقَابُهُ.
وَبِهِ قَالَ:(1/593)


أَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُوعَبْدِاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُالْعَزِيْزِ إِجَازَةً، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِالْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ بَعْضِ الْهَاشِمِيِّيْنَ، قَالَ: دَخَلَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَقَدْ هَيَّأَ خُطَباً وَمَدِيْحاً وَشِعْراً، فَخَطَبَ وَمَدَحَ وَرَوَىَ، فَلَمَّا فَرِغَ، قَالَ لَهُ أَبُوجَعْفَرٍ: أِئْتِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ فَاعْرِضْ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْكَ.
قَالَ: فَخَرَجَ الْكُمَيْتُ، وَقَامَ مِنْ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ لِيَخْتَبِرُوا عَقْلَهُ فِيْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَأَنْشَدَ الْكُمَيْتُ وَرَوَى وَخَطَبَ وَمَدَحَ، فَأَجَابَهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِجَوَابٍ اسْتَحْصَرَ فِيْهِ، يَقُوْلُ: أَطَالَ الْكَلاَمَ.
فَلَمَّا خَرَجَ الْكُمَيْتُ مِنْ عِنْدِ زَيْدٍ، قَالَ لَهُ النَّاس: كَيْفَ رَأَيْتُ عَقْلَ هَذَا الشَّابِّ؟.
فَقَالَ الْكُمَيْتُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَجْمَعَ لِكَثِيْرٍ فِيْ قَلِيْلٍ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطّ أَبْلَغَ مِنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-.

[ذكرُ مقتل زيد بن علي عليهما السلام](1/594)


وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُوالْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِي إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِي الْعَدْلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَصْفَهَانِي الْقُرَشَي الْكَاتِبُ، قَالَ: ذِكْرُ مَقْتَلِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ .
حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رُشْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو مُعَمَّرٍ سَعِيْدُ بْنُ خُثَيْمٍ، قَالَ أَبُوالْفَرَجِ: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ العَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ الْنُّمْرِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الطَّيَالِسِي، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ زَمَانَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ-، قَالَ أَبُوالْفَرَجِ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَخْنَفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِيْ كِتَابِهِ بِإِجَازَتِهِ: أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيْثٍ، دَخَلَ بَعْضُهُمْ فِيْ حَدِيْثِ الآخِرِيْنَ، وَذَكَرَ الاِتِّفَاقَ بَيْنَهُمْ مُجْمَلاً، وَسَبَبَ مَا كَانَ مِنْ خِلاَفٍ فِيْ رِوَايِةٍ إِلَى رِوَايَةٍ.
قَالُوا: كَانَ أَوَّلُ أَمْرِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْقَسْرِي ادَّعَى مَالاً قِبَلَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ(1/595)


عَبَّاسٍ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَوْثٍ، وَأَيُّوْبَ بْنِ سَلَمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْوَلِيْدِ بْنِ الْمُغِيْرَةِ الْمَخْزُوْمِي، وَكَتَبَ فِيْهِمْ يُوْسُفُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَامِلُ هِشَامٍ عَلَى الْعِرَاقِ إِلَى هِشَامٍ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ يَوْمَئِذٍ بِالرَّصَافَةِ، وَقَدْ تَخَاصَمَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ فِيْ صَدَقَةِ رَسُوْلِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ-.
فَلَمَّا قَدِمَ كُتُبُ يُوْسُفَ إِلَى هِشَامٍ بَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَذَكَرَ مَا كَتَبَ بِهِ يُوْسُفُ، فَأَنْكَرُوا، فَقَالَ لَهُمْ هِشَامٌ: فَإِنَّا بَاعِثُوْنَ بِكُمْ إِلَيْهِ يَجْمَعُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ.
قَالَ زَيْدٌ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ تَبْعَثَ بِنَا إِلَى يُوْسُفَ.
فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: وَمَا الَّذِي تَخَافُ مِنْ يُوْسُفَ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَتَعَدَّى عَلَيْنَا.
فَدَعَا هِشَامٌ كَاتِبَهُ، فَكَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ زَيْدٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَاجْمَعْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَإِنْ هُمْ أَقَرُّوْا بِمَا ادَّعَى إِلَيْهِمْ فَسَرِّحْ بِهِمْ إِلَيَّ، وَإِنْ هُمْ أَنْكَرُوا فَسَلْهُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا اسْتَحْلَفْتَهُمْ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا اسْتَوْدَعَهُمْ وَدِيْعَةً وَلاَ لَهُ قِبَلَهُمْ شِيءٌ، ثُمَّ خَلِّ سَبِيْلَهُمْ.
(1/596)

118 / 134
ع
En
A+
A-