فَإِذَا صَلَّيْنَا أَتَيْنَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ: صَدَقَ دَعْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُسْرِعاً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا جَاءَ بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: دَيْنٌ عَلَيَّ.
قَالَ: قَدْ أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ.
قَالَ: وَمَا أَسْتَعِيْنُ بِهِ عَلَى الزَّمَانِ.
قَالَ: وَذَلِكَ لَكَ، وَبَقِيَتْ لَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: لاَ.
قَالَ: ادْخُلْ بَيْتَ الْمَالِ وَاحْمِلْ مِنْهُ مَا بَدَا لَكَ.
قَالَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ نَدْخُلُ نَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِيْنَ إِلاَّ مَا احْتَجْنَا إِلَيْهِ.
قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا فَعَلْتَ.
قَالَ: فَدَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَيْتَ الْمَالِ، فَتَلَفَّتَ يَمِيْنَاً وَشِمَالاً فَرَأَى بِرِنْساً مِنْ خَزٍّ أَدْكَنٍ فَتَدَرَّعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِ.
قَالَ: قَدْ أَخَذْتَ حَاجَتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: الْحَقْ بِبِلاَدِكَ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، إِنَّكَ حَيْثُ نَعَيْتَ إِلَيَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ آلَيْتُ أَنْ لاَ أَسْكُنَ الْمَدِيْنَةَ بَعْدَهُ أَبَداً، وَلاَ أَجِدُ مَكَاناً أَجْمَلُ مِنْ جِوَارِ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِيْهَات!! لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيْلٌ.
قَالَ: فَبَقِيَتْ لِي حَاجَةٌ هِيَ أَهَمُّ الْحَوَائِجِ إِلَيَّ، وَهِيَ دُوْنِي.
قَالَ: فَإِنَّ حَاجَةً لَكَ هِيَ لَنَا دُوْنَكَ إِنَّا نَخَافُ أَنْ تُسَارِعَ إِلَيْهَا.
قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَدْ كَفَاكَ اللَّهُ مُؤْنَتَهُ وَمَضَى لِسَبِيْلِهِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَتَهُ وَمَكَانَهُ فَكُفْ عَنْ شَتْمِهِ عَلَى الْمَنَابِرِ.
قَالَ: إِيْهَاتَ!، لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيْلٌ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَذَا مَوْضِعُ(1/527)
دِيْنٍ، إِنَّهُ غَشَّ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ وَسَمَّ أَبَابَكْرٍ، وَذَمَّ عُمَرَ، وَقَتَلَ عُثْمَانَ، فَلَيْسَ إِلَى الْكَفِّ عَنْهُ سَبِيْلٌ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّه حَسِيْبُكَ فِيْمَا قُلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَلْتَقِيَا.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُوالْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزَبَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيْلٍ الْعَنْزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى الْحَرْشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا السّكنُ بْنُ هَارُوْنَ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ قُتَادَةَ.
عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ أَمُعَاوِيَةُ كَانَ أَحْلَمُ أَمِ الْحَسَنُ؟ قَالَ: لاَ، بَلِ الْحَسَنُ.
قَالَ: إِنَّمَا أَعْنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي كَانَ أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: الْحَسَنُ؛ وَهَلْ كَانَ ذَاكَ إِلاَّ حِمَاراً نَهَّاقاً.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِيْنِيُّ نسقهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ.
عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: وَفِيْهَا مَاتَ الْحَسَنُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
(1/528)
[دعاء محمد بن الحنفية للحسن على قبره]
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِيْ جَامِعِ الأَهْوَازِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْن الْبنْدَارِ الآذُنِيُّ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الأَنْطَاكِيُّ بِأَنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُطَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ كَامِلٍ.
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قَرَّةَ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- قَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَبْرِهِ، وَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا مُحَمَّدٍ لَئِنْ عَزَّتْ حَيَاتُكَ لَقَدْ هدَّتْ وَفَاتُكَ، وَنِعْمَ الرُّوْحُ رُوْحٌ عُمِرَ بِهِ جَسَدُكَ، وَتَضَمَّنَهُ كَفَنُكَ، وَكَيْفَ لاَ يَكُوْنُ كَذَلِكَ وَكُنْتَ سَلِيْلُ الْهُدَى، وَحَلِيْفُ أَهْلِ التُّقَى، غَذَّتْكَ كَفُّ الإِيْمَانِ، وَرَضَعَتْكَ ثَدْيُ التَّقْوَى، فَطِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا، وَإِنْ كَانَتْ أَنْفُسُنَا غَيْرَ طَيِّبَةٍ بِفِرَاقِكَ، فَإِنَّهَا غَيْرَ شَاكَّةٍ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ خَارَ لَكَ، ثُمَّ بَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ.
(1/529)
[متاع الحسن لإحدى نسائه بعشرة آلاف]
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيْدٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْن الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ خَلِيْفَةَ الْخَثْعَمِيَّةُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَلَمَّا أُصِيْبَ عَلِيٌّ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَبُوْيِعَ لِلْحَسَنِ بِالْخِلاَفَةِ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: لِتَهْنَكَ الْخِلاَفَةُ، فَقَالَ لَهَا: أَتُظْهِرِيْنَ الشَّمَاتَةَ بِقَتْلِ عَلِيٍّ انْطَلِقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثلاثاً، وَتَقَنَّعَتْ بِسَاجٍ لَهَا وَجَلَسَتْ فِيْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، فَأَقَامَتْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَحَوَّلَتْ عَنْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِبَقِيَّةٍ بَقِيَتْ لَهَا مِنْ صِدَاقِهَا وَبِمُتْعَة عَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْرَّسُوْلُ بِذَلِكَ قَالَتْ: مَتَاعٌ قَلِيْلٌ مِنْ حَبِيْبٍ مُفَارِقٍ، فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُوْلُ إِلَى الْحَسَنِ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ بَكَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- وَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ جَدِّي رَسُوْلَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ-، وَسَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّي أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثاً عِنْدَ الأَقْرَاءِ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثاً مُبْهَمَةً لَمْ تَحِلْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)) لَرَاجَعْتُهَا.
(1/530)
[أولاد الحسن]
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوطَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوطَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُخْلِصُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطَّوْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: فَوَلَدُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأُمُّ الْحَسَنِ بِنْتُ الْحَسَنِ، وَأُمُّ الْخَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُوبَكْرٍ لاَ عَقِبَ لَهُمْ، وَحُسَيْنُ الأَثْرَمِ انْقَرَضَ، وَطَلْحَةُ بْنُ الْحَسَنِ دَرَجَ، وَأُخَتَاهُ لأُمِّهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَآمِنَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْمَعْرُوْفُ بِابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ، وَفَاطِمَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَرُقَيَّةُ بَنَاتُ الْحَسَنِ.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُوالْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِي الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ المْحُسْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُوبَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جُلَّيْن الدّوْرِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَرْقَوَيْهِ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: فَوَلَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:(1/531)