أَحْمَدَ بْنِ رَيْذَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ الطَّوْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخَرَجَ سَرِيْرَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَرَاَد أَنْ يَدْفِنَهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- فَخَافَ أَنْ يَمْنَعَهُ بَنُوْ أُمَيَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَوا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ قَامَتْ بَنُوْ أُمَيَّةَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِنْ مَنَعُوْكُمْ فَادْفُنُوْنِي مَعَ أُمِّي.
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوبَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
عَنْ رُقَيَّةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْرِجُوْنِي إِلَى الصَّحْرَاءِ لَعَلِّي أَنْظُرُ فِيْ مَلَكُوْتِ السَّمَوَاتِ -يَعْنِي الآيَاتِ-، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ فَإِنَّهَا أَعَزُّ الأَنُفْسِ عَلَيَّ، وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ)).
وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي يُوْسُفُ بْنُ رَبَاحٍ الْحَنَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِيْ جَامِعِ الأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بَنْدَارٍ(1/522)


الأَذُنِيُّ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الأَنْطَاكِيُّ بِأَنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الكِلاَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو قَالَ: نُعِيَ الْحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِبَابِ مُعَاوِيَةَ، فَحَجَبَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ حَتَّى أَخَذَ النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ!! يَا أَبَا عَبَّاسٍ.
قَالَ: فِيْمَنْ؟ قَالَ: فِيْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؟ قَالَ: إذاً لاَ يَزِيْدُ مَوْتَهُ فِيْ عُمُرِكَ، وَلاَ يُدْخِلُ عَمَلَهُ عَلَيْكَ فِيْ قَبْرِكَ، فَقَدْ فَقَدْنَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ قَدْراً وَأَجَلُّ مِنْهُ أَمْراً، فَأَعْقَبَ اللَّهُ عُقَبْى صَالِحَةً، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَقُوْلُ: ظَاهِرُ النَّخْوَةِ أَنْ مَاتَ الْحَسَنْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ ابْنُ هِنْدٍ شَامِتاً مِثْلُ رَضْوَى وَثُبَيْرٍ وَحَضَنْ وَلَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ دَهْرُهُ إِنَّمَا يُقْبَضُ بِالْعَيْرِ السّمَنْ فَارْتَعِ الْيَوْمَ ابْنَ هِنْدٍ آمِنَاً إِنَّمَا كَانَ كَشِيءٍ لَمْ يَكُنْ فَاتَّقِ اللَّهَ وَأَظْهِرْ تَوْبَةً وَبِهِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاضِي أَبَا الْقَاسِم عَلِيَّ بْنَ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِي يَقُوْلُ: نَرْوِي لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يُرْثِي أَخَاهُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ-: وَخُدُّكَ مَعْفُوْرٌ وَأَنْتَ سَلِيْبُ أَلاَ كُلُّ مَا أُدْلِي إِلَيْكَ جَنِيْبُ أَأُدْهِنُ رَأْسِي أَمْ تَطِيْبُ مَجَالِسِي أَمْ اسْتَمْتِعِ الدُّنْيَا بِشَيءٍ أُحِبُّهُ وَإِلاَّ لَدَمْعِي فِيْ الإِنَاءِ غُرُوْبُ عَلَيْكَ وَمَا هَبَّتْ صِبَا وَجَنُوْبُ أَمْ أَشْرَبُ مَاءَ الْمُزْنِ(1/523)


أَمْ غَيْرَ مَائِهِ فَلاَ زِلَتُ أَبْكِي مَا تَغَنَّتْ حَمَامَةٌ وَلَكِنَّ مَنْ وَارَىَ أَخَاهُ حَرِيْبُ وَمَا اخْضَرَّ فِيْ دَوْحِ الْحِجَازِ قَضِيْبُ وَلَيْسَ حَرِيْباً مَنْ أُصِيْبَ بِمَالِهِ وَمَا قَطَّرَتْ عَيْنٌ مِنَ الْمَاءِ قُطْرَةً وَأَنْتَ بَعِيْدٌ وَالْمَزَارُ قَرِيْبُ لَهُ لَمْ يُذِقْنِيْهَا مِنْ سِوَاهُ عَرِيْبُ بُكَايَ طَوِيْلٌ وَالدُّمُوْعُ غَزِيْرَةٌ وَلَمَّا مَضَى عَنِّي أَخِي ذُقْتُ حُرْقَةً وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُقْرِي إِمَامُ الْجَامِعِ الْعَتِيْقِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُوْنَ الْحَسَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّاصِرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِالْغَفَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَدِّيٍّ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ.
عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَدِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَمَكَثَ أَيَّاماً لاَ يَأَذْنُ لَهُ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَبْشِرٌ وَمَنْ يُطِيْقُ بِهِ .
.
.
قَبْلُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، أَتْدْرِي مَا حَدَثَ فِيْ أَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا حَدَثَ فِيْ أَهْلِ بَيْتِي غَيْرَ أَنِّي أَرَاكَ مُسْتَبْشِراً وَمَنْ يُطِيقُ بِكَ.
قَالَ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ.
قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، يُكَرِّرُهَا مِرَاراً، ثُمَّ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لاَ يَزِيْدُ مَوْتُهُ فِيْ عُمُرِكَ، وَلاَ سَدُّ حُفْرَتِهُ حُفْرَتَكَ،(1/524)


وَلَقَدْ أُصِبْنَا بِمَنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ رَسُوْلِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-، فَكَفَى بِاللَّهِ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهُ.
قَالَ: فَمَكَثَ أَيَّاماً لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، أَتَدْرِي مَا حَدَثَ فِيْ أَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: وَمَا حَدَثَ فِيْ أَهْلِ بَيْتِي؟ قَالَ: مَاتَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، رَحِمَ اللَّهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهُ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَعَسَّفَ وَكَرِهَ أَنْ يَتَزَيَّا بِزَيِّهِ، فَيُشْهِرَهُ أَهْلُ الشَّامِ، فَيَضْرِبَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ.
(1/525)


فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ: يَا غُلاَمُ هَاتِ ثِيَابِي فَوَاللَّهِ لأَنْ جَلَسْتُ أَنَّا لِهَذَا الْمُنَافِقِ يُنْعِي إِلَيَّ أَهْلَ بَيْتِي وَاحِداً وَاحِداً إِنِّي إِذاً أَحْمَقُ.
قَالَ: فَقَالَ: عَلَيَّ بِالْمُقَطَّعَاتِ فَلَبِسَهَا،[قَالَ]: ثُمَّ[عَلَيَ]، قَالَ: بِعِمَامَةٍ لَهُ اسْمُهَا كَوْنِيَّةٌ فَلَبِسَهَا فَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ أَمَدَّهُمْ جِسْماً وَأَحَسَنُهُمْ شَعَراً وَأَحَسَنُهُمْ وَجْهاً.
قَالَ: ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ دِمَشْقٍ فَدَخَلَ، قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ قَالُوا: مَنْ هَذَا مَنْ هَذَا مَا يُشْبِهُ إِلاَّ الْمَلاَئِكَةَ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ، هَذَا ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ-.
فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ وَتَقَوَضَ إِلَيْهِ الْخَلْقُ، قَالَ: فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيءٍ إِلاَّ أَجَابَهُمْ بِهِ مِنْ تَفْسِيْرٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَلاَ حَلاَلٌ وَلاَ حَرَامٌ، وَلاَ وَقْعَةٌ كَانَتْ فِيْ جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ شِعْرٍ كَانَ فِيْ جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ إِلاَّ أَجَابَهُمْ.
قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ لاَ يَشْعُرُ بِشَيءٍ مِنْ هَذَا فَانْتَبَهَ، فَقَالَ لِلآذِنِ: أذَن لِمَنْ بِالْبَابِ (أَوْ قَالَ: بِالْبَابِ أَحَدٌ).
قَالَ: فَأَيْنَ النَّاسُ؟ قَالَ: ذَهَبُوا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ: هَاهْ! قَدْ فَعَلُوْهَا نَحْنُ وَاللَّهِ أَظْلَمُ مِنْهُ وَأَقْطَعُ لِلرَّحِمِ إِذْهَبْ يَا غُلاَمُ وَقُلْ لَهُ: أَجِبْ أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: فَأَتَاهُ الْرَّسُوْلُ.
قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لاَ نَقُوْمُ مِنْ عِنْدِ جَلِيْسِنَا حَتَّى يَكُوْنَ هُوَ الَّذِي يَقُوْمُ، وَلَكِنْ قَدْ تَقَارَبَتِ الصَّلاَةُ،(1/526)

104 / 134
ع
En
A+
A-