أخذ من ذلك العشر، وشبهه بما رُوِي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الأوساق: ((ليس في أقل من خمسة أوساق صدقة)).
قال أبوجعفر: ولم يُحَدّ لنا في حد القِرَب التى ذُكرت عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حَد، فقد يمكن أن يكون والله أعلم أن الخمسة أفراق التي قال بها بعض الفقهاء على مقدار العشر قرب التي ذكر فيها عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وذُكِر عن أبي يوسف، ومحمد بن الحسن -رحمهما الله- أنهما قالا: ليس في العسل صدقة حتى يبلغ خمسة أفراق.
قال أبوجعفر: وقال قوم: ليس في العسل صدقة كان في أرض عشر، أو في أرض خراج، على أن الحديث لم يثبت عندهم عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فيلزم به الحجة.
قال أبو جعفر: وإذا زرع الزعفران في أرض العشر فقد اختلف أهل العلم في مقدار ماتؤخذ منه الصدقة.
فعلى قول ابن عباس، ومجاهد، و إبراهيم النخعي، وأبي حنيفة، ومن قال بقولهم: ففيما أخرجت الأرض من قليل أوكثير، العشر أونصف العشر، وكذلك على قولهم هؤلاء في جميع ما أخرجت الأرض العشر من الأقطان والسماسم وجميع الخضر، من المقاثي والبطيخ والبقول وغير ذلك، العشر ونصف العشر، من قليله أو كثيره.
وقال آخرون: ليس في الزعفران يكون في أرض العشر صدقة تؤخذ، حتى يكون خمسة أمنا فصاعداً، فيكون فيه العشر ونصف العشر على حسب ما ذكرنا من الأفراق في العسل، وشبّهه بالأوساق، فيما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.(1/290)


وكذلك قالوا في القطن والكتان يكونان في أرض العشر ليس فيهما صدقة، حتى يكون كل صنف منها خمسة أحمال، فيكون فيه حينئذ العشر ونصف العشر.
وقال من قال بهذا القول في الأفراق والأمنا والأحمال بخلاف قول ابن عباس، ومن قال بقوله في الخضر، قال: ليس في الخضر في أرض العشر صدقة تؤخذ.
وأما ما رُوِي عن علي -عليه السلام-، فإنه كان لا يوجب الصدقة في أرض العشر إلاّ في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، ولم يُذكر عنه في شيء من الخضر كلها صدقة.
وكذا بلغنا عن معاذ حين بعثه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى اليمن، أنه كان لا يأخذ من الخضر صدقة، وهو في ذلك الوقت حاكمٌ من حكّام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووالٍ من ولاته -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب زكاة الحلي
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن الحلي هل فيه زكاة؟
قال: لا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم في زكاة الحلي والمِنطَقَةِ، والسيف المحلّى وأشباهه. قال: قد اختلف في هذا أهل العراق أبو حنيفة وغيره قالوا: يزكيه، ورووا أحاديث. قال أبو جعفر في زكاة الحُليّ: الاحتياط في أن يزكى ما كان من ذهب أو فضة تجب في مثله الزكاة من مائتي درهم أو عشرين مثقالاً، وقد قال جماعة من أهل العلم: لا زكاة في الحلي.(1/291)


باب زكاة مال اليتيم
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن مال اليتيم فيه زكاة؟
فقال: قد رُوِي عن علي -عليه السلام- أنه كان يزكّي مال بني أبي رافع. قلت: وبه نأخذ.
قال: قد رُوِي أنه كان لايزكيه.
قلت: فمن قال لا يزكيه، جعله بمنزلة مالم يجب من الفرائض من الصوم والصلاة وما أشبه ذلك؟
فقال: لا. هذا عليه في نفسه، وذاك عليه في ماله.
قلت: فمن قال يزكيه جعله بمنزلة ما أخرجت الأرض من الثمار، وغير ذلك، أن الإمام يأخذ صدقته، وإن لم يكن مالكه مدركاً؟ قال: قد قال قوم.
وسألته عمَّا يأخذ به في مال اليتيم؟ قال يزكيه.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم لا توجب في مال اليتيم زكاة. يجعله بمنزلة مالا يجب من الفرائض.
قال أبوجعفر: وأخبرني بعد ذلك عنه جعفر بن محمد أنه قال: تجب الزكاة في مال اليتيم كما تجب الزكاة فيما يخرج من أرضه من الحنطة والشعير، فهم لايختلفون أن على أرضه عشر ما أخرجت، فكذلك على جميع ماله من الذهب والفضة وغير ذلك الزكاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد بن يعقوب، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي -عليه السلام-، أنه كان يزكي مال بني أبي رافع، وكانوا أيتاماً في حجره.(1/292)


وبه قال: وحدثنا محمد، عن علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن أبي رافع قال: باع علي -عليه السلام- أرضاً لنا بثمانين ألفاً، فلما دفع إلينا المال وجدناه ناقصاً، فقلنا له، فقال: إني كنت أُزكّيه.
قال أبو جعفر في زكاة مال اليتيم أقاويل عدة: منها أن قال قوم: فيه الزكاة، وقال قوم: لازكاة فيه.
وروي عن ابن مسعود، وعن غيره قال: يحصي الوصي ما يجب على اليتيم في ماله من السنين، ثم يخبره به عند بلوغه، والذي أُحِبّ من ذلك لنفسي هذا.
[حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل قال: حدثنا أشعث، عن حبيب، عن الصلت المكي، عن ابن أبي رافع، قال: كنَّا أيتاماً في حجر علي بن أبي طالب-عليه السلام- وكان يزكي أموالنا، فلما دفعها إلينا وجدناها ناقصة، فقلنا له: يا أبا الحسن، ما بال مالنا ناقصاً؟ فقال: احسبوا زكاته، فحسبناه، فوجدناه كاملاً.
فقال: أترون أنه كان عندي مال يتيم لا أزكيه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده عن علي -عليه السلام-، قال: يزكّي مال اليتيم].(1/293)


باب من لم ير في مال اليتيم زكاة
وبه قال: حدثنا محمد، عن عمار بن أبي مالك، عن أبيه، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر، قال: ليس في مال اليتيم زكاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا عباد، عن ابن الأصبهاني، عن جعفر بن محمد قال: ليس في مال اليتيم زكاة.
قال: قلت: إنه يروى عن علي-عليه السلام- أنه زكى مال بني أبي رافع.
قال: كان أبي ينكر هذا.
باب من قال في الركاز الخمس
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((العجمى جبار، واْلهَدَم جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس)).
قال أبو جعفر: معنى الجبار: هدر، والعجمى الدابة المنفلتة، تصيب أوتقتل أو تجرح أو تفسد، فما أصابت من ذلك فهو هدر لا يؤخذ به أحد، والبير جبار، يحفر الرجل البير في ملكه، فيعنت فيها عانت، فهو هدر لا يؤخذ به أحد. والمعدن جبار، وهو الجبل أو الموضع من الأرض يخلق الله فيه الذهب والفضة، فيعمل فيه القوم، فيقع عليهم فهو هدر لا يؤخذ به أحد، وفي الركاز: الخمس، الركاز هو الكنز العادي من ضرب الأعاجم من الذهب والفضة، يصيبه الرجل في ملكه أو في ملك غيره، فأربعة أخماسه للذي أصابه وخمسه للإمام.(1/294)

59 / 184
ع
En
A+
A-