باب زكاة ما أخرجت الأرض
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتجري صدقة على تمر ولا زبيب، ولاذرة، حتى يبلغ الشيء منها خمسة أوساق والوسق ستون صاعاً فإذا بلغ ذلك، جرت فيه الزكاة، وما سقت السماء،أو سقت الأنهار كان فيه العشر، وما سُقيَ بالغرب، كان فيه نصف العشر)).
وبه قال محمد: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صدقة تؤخذ)).
قال أبو جعفر: والوسق ستون صاعاً بصاع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، والصاع كيلجةٍ مرسلة.
قال جماعة فقهاء الكوفيين: ابن أبي ليلى، وحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وأبو حنيفة وأصحابه جميعاً: أبو يوسف، وزفر، وحسن بن زياد، و محمد بن حسن: الوسق ستون صاعاً، والصاع ثمانية أرطال بالرطل العراقي، خلا شريك بن عبد الله فإنه قال: الصاع أقل من ثمانية أرطال وأكثر من سبعة أرطال.
وقال بعض هؤلاء الفقهاء: هذا الصاع على صاع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، والمعروف عند فقهاء أهل الكوفة، أن هذا الصاع إنما هو صاع عمر بن الخطاب.
وذُكرَ عن الحجاج، أنه قال: قد عملت لكم صاعاً على صاع عمر،(1/275)


فأما ما يذكر عن بني هاشم، وأهل المدينة، فإن صاع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هو هذا الصاع الذي بالمدينة يكتالون به، وبه يتبايعون، وهو ثلث مكوك بالمكوك العراقي الملجم لا نعلمهم يعرفون غير ذلك.
قال أبو جعفر: وبصاع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نأخذ الذي قاله أهل المدينة في زكاة الفطر وغيره.
وبه قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلا، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي -عليه السلام- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((فيما سقت السماء أوسقي فيحاً العشر، وما سُقي بالغرب نصف العشر)).
وبه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: تجب الصدقة في البر، والشعير، والتمر، والزبيب، والذرة، إذا بلغ كل صنف خمسة أو ساق.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ليس فيما دون خمسة أوساق من الطعام صدقة، والوسق ستون صاعاً، قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وما زاد على خمسة أوساقٍ أُخذ منه بالكيل بحساب الأوساق.
وقال في العشر في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وكل شيء من الأطعمة، والحبوب مثل الأرز، والعدس، والحمص، والباقلا، وأشباهها. هل فيها العشر أم لا؟
قال: أما الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، فلا اختلاف بين الناس فيها، وأما ما سقت السماء والسيح والعيون. ففيه العشر، وما سُقي بالدوالي ففيه نصف العشر، وما سوى ذلك فقد اختُلِفَ فيه.(1/276)


قال أبو حنيفة وغيره: كل ماخرج من الأرض من نابتةٍ زُكّي، وهذا أحب القول إليّ فيه، لقول الله تبارك وتعالى:? خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا?[التوبة:103].
قال محمد: وقال غير قاسم: لا يزكى غير هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
قال محمد: البقول، والسماسم، والمقاثي، والبطيخ، والأقطان، وما أشبه ذلك، وإن عظم قدره، فلا زكاة فيه إذا كان في أرض العشر، وإن كان في أرض خراج أوأرض صلحٍ فعلى الأرض من الصلح، بقدر ما صولحوا عليه، ومن الخراج بقدر ما يرى الإمام.
بلغنا عن علي -عليه السلام-، وعن غيره قال: (ليس في الخضر زكاة).
وقال علي -عليه السلام-: (إنما الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. إذا بلغ النوع من ذلك خمسة أوساق، والوَسْق ستون صاعاً).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في بلادٍ بها أعناب كثيرة تُزَبّبْ.
هل عليهم فيها العشر؟ أو في العصير أو في أثمانها؟
قال: يزكى ذلك إذا كثر فيأخذون منه على قدر خرصة، وما أكله أهله من ذلك ولم يكن كثيراً فلا يحتسب به عليهم، وما تركوه حتى يصرم زكّوه يوم صرامه، كما قال الله تبارك وتعالى:?وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ?[الأنعام:141].(1/277)


قال محمد: إذا عقد البُسْرُ وصار فيه النوى، فقد وجب فيه العشر، وكذلك العنب والزرع من الحنطة والشعير وغير ذلك مما يجب فيه العشر، إذا عقد الحب فقد وجب فيه العشر، فما أكل منه صاحبه أواستهلكه قبل أن يجب فيه العشر، فليس فيه عليه شيء من قِبَل أنه إنما استهلكه وأكله من قبل أن يجب فيه العشر.
وما أكل بعد ما وجبت فيه الزكاة، فأحبّ إلينا أن يزكيه، وإن تركه الخارص فلم يخرصه فعلى صاحبه أن يزكيه، لا يسعه إلاّ ذلك.
وقد ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه أمر الخارص بتليين الخرص لمكان العرية والوصية)... فكأنه موضع رخصة أن يأكل أهلها منها ويطعموا ويزكوا ما بقي.
وقال بعض أهل العلم: ليحتسب الذي يجب عليه الزكاة، ما يأكلون من قليل أوكثير، لأن الزكاة قد وجبت على جميعه.(1/278)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الزيتون والتين، والفاكهة هل فيها زكاة؟
القول في هذا كله وما يجب عليه قد فسرته.
قال محمد: يعني بقوله: إن الزكاة على كل نابتة أخرجتها الأرض؛ لقول الله تعالى: ? خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً?[التوبة:103].
قال محمد: إذا كان الكرم في أرض العشر، فباعه صاحبه عنباً أو استهلكه وهو عصير، فيلزمه في ذلك ما أوجبه رسو ل الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: في الزبيب إذا بلغ خمسة أوساق ففيه العشر، فإن كان الكرم الذي باعه صاحبه عنباً أو باعه عصيراً، يبلغ لو تركه حتى يصير زبيباً خمسة أوساق فصاعداً، ففي ثمنه العشر أو نصف العشر، إلاّ أن يكون وكس في ثمنه وكساً يعرف ذلك فإن المصدق يأخذه بالقيمة في صدقته، وأما إذا استهلكه عنباً أو عصيراً ولم يبعه، فإنه يؤخذ في الصدقة بالقيمة.
قال أبو جعفر محمد: وأما الزيتون فمن أوجب فيه الصدقة في أرض العشر فهو على حسب ما ذكرنا في الكرم: إن باعه صاحبه زيتوناً أوعصره فباعه زيتاً أو استهلكه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في الرجل تكون له الحنطة والشعير وأنواع الطعام كل واحد منها لا يبلغ خمسة أوساق، فإذا جمعها كانت خمسة أوساق. هذا فيه اختلاف في أقاويل الناس، ولست أرى أن يجمع الرجل حنطته إلى شعيره.(1/279)

56 / 184
ع
En
A+
A-