كتاب الزكاة
باب من حث على الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبدة بن عبد الرحمن المروزي، عن إسحاق بن راهويه، عن بقية ابن الوليد، عن الضحاك بن حمزة، عن حطان بن عبد الله، عن أبي الدرداء قال: قال النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- ((الزكاة هي قنطرة الإسلام)).
وبه قال: أخبرني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: أوصى أمير المؤمنين إلى الحسن ابنه فقال: (أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي، ومن بلغه كتابي هذا، من المؤمنين، بتقوى الله ربكم، والله الله في الزكاة فإنه تطفئ غضب ربكم).
وبه قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: بلغني أن علي بن أبي طالب -عليه السلام- دعا الحسن بن علي، حين حضرته الوفاة فقال: (أوصيك بإيتاء الزكاة عند محلّها، فإنها لاتُقبل الصلاة ممن منع الزكاة).(1/255)
باب ماجاء في مانع الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتتم صلاة إلا بزكاة، ولاتقبل صدقة من غُلول)) قال محمد: الغلول: هو أخذ الشيء من غير حقه.
وبه قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سأله رجل عن مانع الزكاة؟
قال: كآكل الربا، وقال: مانع الزكاة، وآكل الربا حرباي في الدنيا والآخرة.
وبه قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إنَّ لله بقاعاً يُدعَين المنتَقِمات، يُصبّ عليهنَّ من منع ماله من حقه، فيُنفِقُهُ فيهنّ)).
وبه قال أبوالطاهر: كان جعفر بن محمد، أوغيره إذا رأى القصر -يعني الذاهب- قال: أي فلان هذا من المنتقمات.(1/256)
وبه قال: حدّثني عقبة بن مكرم الضبّي، قال: حدّثني نعيم بن خُشْني التيمي، عن خالد، عن نفيع بن الحارث، عن عبد الله بن أبي أوفى، أن رجلاً قال: يارسول الله، قول الله: ?وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآْخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ?[فصلت:6،7] ماهم؟
قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لايعاتب الله المشركين، أما سمعت ماقال الله تعالى:?فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ?[الماعون:4-7] ألا إن الماعون الزكاة.
ثم قال: ((والذي نفس محمد بيده، ماخان الله أحد شيئاً من زكاة ماله إلا مشرك)).
وبه قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لاصلاة لمن لازكاة له، ولازكاة لمن لاورع له)).(1/257)
باب من لا يصلح له المسألة ومن تصلح له
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت، أو يكون عَيالاً على المؤمنين)).
وقال: ((لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي، ولا لذي مرة سوي)).
قال محمد: لا تحل الصدقة لقوي إذا وجد ما يحل له اكتسابه، وإذا لم يجد ما يحل له اكتسابه صلح له أن يأخذ الصدقة.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه أتاه رجل يسأله صدقة.
فقال علي -عليه السلام-: لا تحلّ الصّدقةُ إلاّ لثلاثة: لذي دم مفظع، أو لذي غرم موجع، أولذي دَين مدقع. فذكر أنه أحد الثلاثة فأعطاه ديناراً.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مرة سويّ))...عنى به -عليه السلام-: المسألة لا تحل لهما.
وروى عبد الله بن مسعود، عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من سأل وله ما يغنيه، كان خُدُوشاً في وجهه يوم لقيامه)).
قالوا: يا رسول الله، وما غناه؟
قال: ((خمسون دِرهماً، أو قيمتها من الذهب)).(1/258)
وروي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: أن رجلاً من بني هلال سأله فقال: يارسول الله، إني كنت تحمّلت حمالة.
فقال له رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-:((إن المسألة لاتحلّ إلاّ لثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ورجل أصابته جائحة فذهب ماله فحلّت له المسألة، ورجل أصابته فاقة شديدة حتى يقول ذو الحجى من قومه قد حلت له المسألة)).
وذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((لاتحل المسألة إلاّ لذي فقر مدقع، أودم موجع، أو غرم مفظع)).
فهذا عندي معنى ما قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- في قوله: ((لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مرة سويّ)).
قال محمد: الحُمالة التي تكون عليهم الدم من قِبَل الخطأ أو قِبَل صلح، فلا يكون عنده مال فيسأل.(1/259)