غسله لوجهه من أعلى جبهته، وما طلع عليها من شعر رأسه وصدغيه إلى ما ظهر من لحيته كلها على ذقنه، ويجمع لحيته عند ذلك في بطون كفيه، فإذا أتى على ذلك كله، غسل يديه إلى المرفقين، ثم مسح برأسه وأذنيه مقبلاً ومدبراً ببطون يديه. ثم يغسل رجليه الى الكعبين غسلاً منقياً سابغاً، يغسل باطنهما وظاهرهما، ويخلل بالماء بين أصابع رجيله، ويبدأ بيمناهما قبل يسراهما، فإذا فعل ذلك كله فقد تمَّ طهوره وأكمله.
والعرب تقول إذا أمرتْ بالشيء من الأرض وغيرها من ينقيه: نظِّفْ ياهذا ما تعمل ووضه، فإذا أنقاه قيل: قد وضّاه.
وبه قال: أبو جعفر-ر حمه الله-: سألت أحمد بن عيسى عن حد الوضوء الذي قال الله عزَّ وجلَّ ?إِلَى الْكَعْبَيْنِ?[المائدة:6].
قلت: الكَعْبُ: وسط القدم، أو الناتئ في مؤخر القدم؟ فقال: الناتئ في مؤخر القدم أحوط، يعني يبلغ بالوضوء إلى مؤخر القدم والعرقوب.
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: إذا أتى المتطهر على كل عضو من أعضاء الوضوء فغسله، فقد صار في الطهارة إلى ما أمر الله تعالى، والله سبحانه لم يذكر العدد، وإنما ذكر الغسل فجعله للطهارة، وإنما الثلاث سنة من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإذا غسل أكثر أو أقل، فقد أدى ما يجب عليه، وصار إلى ما أمر الله به.(1/15)


وبه قال: أبوجعفر فيمن تمضمض واستنشق من كفٍّ واحد، إنْ فَرَقَ المضمضة من الاستنشاق فهو أبلغ، وإن جمعهما فهو جائز، ويستحب أن يفردهما في الجنابة، وكذلك في تنقية الأنف من الجنابة.
باب مَسْحُ الرَّأسِ وتَخْلِيْلِ الأَصَابِع
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا نسي الرجل مسح رأسه وصلى فليُعِدْ الوضوء ولْيُعِدْ الصلاة.
وبه قال: وحدثنا محمد، وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: جلست أتوضأ وأقبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فمسحت رأسي مرتين، فقال: ((قد يجزيك من ذلك المرة)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تَوَضّأ ومسح على سالفتيهبالماء وقفاه، أمِنَ من الغل يوم القيامة)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص عن ليث، عن طلحة، عن أبيه، عن جده قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- توضأ فمسح بيده مُقَدَّم رأسه، حتى أتى على سالفتيه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني شيخ من ولد علي بن أبي طالب، عن جارية كانت (1/16)


لجعفر بن محمد قالت: تسراني ابنه محمد وولدت، قالت: كنت أُوضّي جعفراً وكان يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ويقول: احصي عليَّ، قالت: وكنت أحصي عليه، فربما قال لي توضأت ثنتين؟
فأقول: نعم، توضأت ثِنتين، قالت: فيغسل أخرى، وكان يبدأ آخرهنَّ من مرفقيه، ويقول آخرهنَّ: من ها هنا، يعني من المرفق إلى الكفَّ.
وبه قال أبو جعفر: وكذلك بلغني عن سفيان أنه قال: آخرهنَّ من المرفق.
وبه قال أبو جعفر: روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ((أنه كان يصبُّ الماء في راحته، ويردُّه إلى مرفقه)).(1/17)


باب في المَسْحِ بالمِنْدِيْلِ بعَدَ الوُضُوء
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر عن الرجل يتوضأ ثم يمسح وجهه ويديه بمنديل؟ قال: لابأس بذلك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا الحكم بن سليمان، عن إسحاق بن نجيح، عن الوضين بن عطاء، عن مكحول، عن ثوبان مولى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((رأيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مسح وجهه بثوبه ثم صلَّى فيه)).
وبه قال محمد: كان عبد الله بن موسى يتوضأ في جُبَّة من صوف، ويصلى فيها، وكان يمسح وجهه بالمنديل، وكان أحمد بن عيسى يمسح وجهه ويديه بالمنديل عند كل وضوء، وكان له منديل مُعَدُّ للوضوء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من قال إذا فرغ من وضوئه: اللهمَّ، اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واغفر لي إنك على كل شيء قدير، وجبت له الجنة، وغُفِرَت له ذُنوبه ولو كانت مثل البحر)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (ما من مسلم يتوضأ، ثم يقول عند وضوئه مرة: سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب اليك، اللهم، اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واغفر لي إنك على كل شيء قدير. إلا كتبت في رَقّ، ثم ختم عليها، ثم وضعت تحت العرش، حتى تدفع إليه بخاتمها يوم القيامة).(1/18)


باب الوضوء بالماء المسخن
قال أبو جعفر محمد بن منصور: كان أحمد بن عيسى يتوضأ للصلاة بالماء المسخن.
وحدثنا محمد قال: أخبرني جعفر بن محمد قال:سألت قاسم بن إبراهيم عن الوضوء بالماء المسخن؟، فقال: لا بأس بالوضوء بالماء المسخن.
باب من قال: لا تقبل صلاة إلا بطهور
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتقبل صلاة إلا بطهور، ولا تقبل صلاة إلا بقرآن، ولا تتمُّ صلاة إلا بزكاة، ولاتقبل صدقة من غلول)). وحدثنا محمد، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (بينما أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالسان في المسجد، إذ أقبل رجل من الأنصار حتى سلَّم، وقد تطهر وعليه أثر الطَّهور، فتقدم في مُقَدَّم المسجد ليصلي، فرأى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جانباً من عقبه جافاً، فقال لي: يا علي، أترى ما أرى؟(1/19)

4 / 184
ع
En
A+
A-