باب من قال غسل النفساء مثل الحيض
وبه قال محمد:سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: إنما أوجبنا الغسل من النفاس كما أوجبناه من الحيض؛ لأن النفاس حيض، وإن خالف اسمه اسم الحيض.
وذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنه كانت معه امرأة من نسائه في فراش فطمثت فوثبت، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: مالك؟ أنفست؟)).
وفصحاء العرب يَدعون الطمث باسم النفاس.
وقد أوجب الله الغسل من الحيض في كتابه، فأوجبناه في النفاس إن كان حيضاً، اتباعاً لأمر الله عز وجل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي -عليه السلام- قال: (إذا جاوزت النفساء أربعين يوماً اغتسلت وصلت).(1/70)
باب ما تؤمر به المستحاضة
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، قال: أتت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة، فزعمت أنها تستفرغ الدم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لعن الله الشيطان.. هذه ركضة من الشيطان في رَحِمِكِ فلا تَدَعِي الصلاة لها)). فقالت: كيف أصنع يارسول الله؟
قال: ((اقعدي أيامك التي كنت تحيضين فيهنَّ كل شهر، فلا تصلين فيهنَّ، ولا تصومين، ولا تدخلين مسجداً، ولا تقرئين قرآناً، فإذا مضت أيامك التي كنت تجلسين فيهن، فاجعلي ذلك أقصى أيامك التي كنت تجلسين فيهنَّ، فاغتسلي للفجر، ثم استدخلي الكرسف، واستذفري استذفار الرجل، ثم صلي الظهر، وقد دخل أول وقت العصر، ثم صلي العصر، ثم أخِّري المغرب لآخر وقته ثم اغتسلي، واستدخلي الكرسف، واستذفري استذفار الرجل ثم صلي المغرب، وقد دخل وقت العشاء فصلي)).
قال: فولت وهي تبكي وتقول: يارسول الله، لا أطيق ذلك، فرق لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال: ((اغتسلي لكل طهر كما كنت تفعلين، واجعليه بمنزلة الجرح في جسدك كلما حدث دم أحدثت طهوراً، ولا تتركي الكرسف والاستذفار، فإن طال ذلك بها، فلتدخل المسجد ولتقرأ القرآن، ولتصل الصلوات، ولتقض المناسك)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد(1/71)
بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: كنَّا جلوساً عند أبي جعفر فسأله رجل فقال: إن لي ذات قرابة تستحاض منذ سنين.
قال: ومالها؟
قال: تستفرغ الدم.
قال: ادركها، فإنها إن تَمُت تَمُت مشركة.
قال: كيف تصنع؟
قال: تجلس أيامها التي كانت تجلس فيها إن ستاً فستاً، وإن سبعاً فسبعاً، وإن ثماناً فثماناً، ثم تغتسل للفجر، ثم تستدخل الكرسف، ثم تستذ فر استذفار الرجل، ثم تصلي الفجر، ثم تؤخر الظهر لآخر الوقت، ثم تصلي الظهر، وقد دخل أول وقت العصر فتصلي العصر، وتؤخر المغرب لآخر الوقت وتقدم العشاء لأول الوقت، ثم تغتسل وتستدخل الكرسف، وتستذفر استذفار الرجل، ثم تصلي المغرب، وقد دخل أول وقت العشاء فتصلي العشاء.
قال: أتقرأ القرآن؟
قال: نعم.
قال: أتقضي المناسك؟
قال: نعم.
قال: أفتدخل المسجد؟
قال: نعم.
قال: أتصوم رمضان؟
قال: نعم.
قال: أيأتيها زوجها؟
قال: نعم، إلا أن يقذر ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: امرأة طال بها حيضها.
قال: إذا جاءت حيضتها فلتدع الصلاة إلى أقصى ما كانت تجلس، فإنها تنقص وتزيد، ثم تغتسل وتصلي، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هذه ركضة من الشيطان)). ثم قال: والله، لقد عذبتموها إن اغتسلت(1/72)
بين كل صلاتين غسلاً، يجزيها الغسل الأول، وتوضأ عند كل صلاة، فإن كان كما تقولون فلتستدخل الكرسف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم، قال: المستحاضة تقدِّر أيام إقرائها، ثم تغتسل، وتوضأ لكل صلاة كما كانت توضأ، ويغشاها زوجها، وتستنقي من الدم إذا أراد أن يغشاها، فإن غلب حيضها، فهو كدم جرح أو عرق كان بها، وأكثر الحيض عندنا على ما تعرف المرأة، وعلى ما جربت من نفسها، فإن كانت ممن لم تحض قبل ذلك قط، ثم نفست أو استحاضت، فعلى قدر أكثر ما في نسائها، وليس عندنا فيه وقت معلوم، كما قال غيرنا، ولسنا نوقت وقتاً، حديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنه أفتى فاطمة ابنة أبي حبيش أن تقعد أيام إقرائها، ولم يوقت لها وقتا))، والقياس في هذا لا يمكن إلا أن يقتحم فيه مقتحم فيقول برأيه.
وبه قال أبو جعفر: سمعنا عن محمد بن علي، وعن زيد بن علي، وعن عبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وعثمان بن أبي العاص أن أكثر الحيض عشرة أيام، وهو قول أحمد بن عيسى.
وقال أحمد بن عيسى: أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرةأيام.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا سويد بن سعيد الحديثي، قال: حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، قال: حدثنا عبد الملك رجل من أهل الكوفة قال: سمعت العلاء يقول:(1/73)
سمعت مكحولاً يحدث عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال:((أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب ثلاث، وأكثر ما يكون من الحيض عشرة أيام، فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة)).
باب في الصفرة والكدرة
قال أبوجعفر محمد بن منصور: قلت لأحمد بن عيسى: معي مسائل أحبُّ أن أعرضها عليك، فقال: هاتها، فنظر فيها، فقال: هذه المسائل إن كنت ترويها عن أبي جعفر، أوكان لها عندك أسناد سمعتها منك. قلت: لست أرويها، فقال: قد سأل وقد أجيب فأعْجَبَتْه.
قلت: المستحاضة هل تطوف بالبيت؟
قال: هي بمنزلة الطاهر في جميع أمرها كله من الصوم والصلاة، والقراءة في المصحف، والطواف بالبيت، وإتيان زوجها إياها، وغير ذلك، إلا أنها توضأ لكل صلاة.
قلت: وما المستحاضة؟
قال: هي التي ترى الدم والصفرة والكدرة مثل غسالة اللحم في غير أيام حيضها.(1/74)