وجه قوقلنا: قول الله تعالى: ?ومن عليه رزقه فالينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا? وقوله الله تعالى: ?فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان? فإن المعسر ممسك بمعروف وأيضا فلا خلاف في أن المفقود عاجز عن نفقة امرأته، فلا يحكم لذلك بافرق بينهما، ولا خلاف أن الزوج إذا عدم المهر بعد الخول أنه لا يفرق بينه وبين امرأته، لذلك والمهر في هذا الباب أكد من النفقة، لأنه في مقابلة البضع، وهو يدله وعوضه، والنفقة ليست تعوض البضع، ولا خلاف أيضا في أنه إن أمسك بغير معروف مع القدرة على النفقة، أنه لا يفرق بينهما، فسقط قوله وبيت قولنا.
452 خبر: وعن أمير المؤمنين على عليه السلام، أنه رفع إليه رجل له ابنت من امرأة عربية، وأخرى من عجمي، فزوج التي هي من عربية من رجل، وأدخل عليه بنت العجمية، فقضى علي على عليه السلام، للتي أدخلت عليه بالمهر، وقضى للزوج على أبيها بالمعروف لتعزيزه، وقضى لزوج بزوجته.
453 خبر: وعن عمر، أنه قال: إنما امرأة تزوجت وبها جنون، أو جذام، أو برص، فدخل بها زوجها، ثم أطلع على ذلك بعد ما مسها، فيريد الخصومة فيها أن لها صداقا لمسيسه إياها، وإن ذلك على وليها.
دل على أن وليا لو دلس نفسه على زوج فدخل بها، أن المهر يلزم الزوج، ويرجع به على الولي إلا أن يكون الولي لم يعلم وكانت هي التي دلست نفسها، رجع به عليها، وبهذا قال مالك، والشافي في قوله القديم، وقال أبو حنيفة: لا يرجع بالمهر، وعلته أنه قد استوفى مافي مقابله المهر، وهو الوباء.
وجه قوقلنا: ما حاء عن علي عليه السلام، وعمر، ولم يخالفهما أحد من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع، فأما علة أبي حنيفة أنه قد استوفى ما في مقابله المهر، فإن المهر وقع لا ستدامة الوطئ، وهذا قد تعذرت عليه الإستدامة من قبل المرأة، فوجب على الغار للمغرور المهر، إذا رجع به عليه.(1/311)
454 خبر: وعن الحسن، مولى بني يوفل، قال: سئل ابن عباس، عن عبد طلق أمة بطليقتين، ثم عتقا فتزوجها بعد ذلك، قال: نعم قيل عمرقال: أفتي بذلك رسول الله صلى الله عليه.
دل هذا الخبر على أن حكم العبد في التطليقات الثلاث حكم الحر، فإذا كان حكمه حكم الحر في الطلاق، فكذلك حكمه في حكم النكح، وعلى هذا له عندنا أن يجمع أربع نسوة كالحروية، قال مال، وأبو ثور، وعند زيد بن علي، والناصر عليهما السلام، وأبي حنيفة، والشافعي أنه يتزوج إثنتين، فأما في الطلاق، فعند الناصر، ومالك، وأبي حنيفة، أنه يطلق ثلاثا، إذا كانت تحته حرة، وقال الشافعي: يطلق إثنتين.
وجه قوقلنا: فانكحو ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، وهذا عام في العيد، والحر، وقول الله تعالى: ?الطرق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان? ولم يخص حرا من عبدا، ولأنه يكلف / 149/ فوجب أن حكمه حكم الحر، إلا حيث خص الدليل، فإن قيل: روي عن علي عليه السلام، أنه قال: تطليق الإمة تطليقتان، وعدتها حيضتان، وروي عن النبي صلى الله عليه، مثله، قلنا يحتمل أن يكون قال ذلك في أمة نفسها، قد طلقت مرة، وانقضت عدتها مرة.
455 خبر: وعن ابن المسيب، أن عليا عليه السلام، قال: في المطلقة، يحل لزوجها الرجعة عليها حتي تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل لها الصلاة، المراد به أن يكون ذلك في وقت الصلاة التي طهرت في وقتها، فإراد وقته الصلاة، ولم تغتسل فلا رجعة عليها، فلم يخص حرة من أمة، وقال تعالى: ?والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء? وقال تعالى: ?والذين يتوفون منكم ويذورون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا? فاستوى حال الحرائر والإماء، إذا لم يخص الحرائر دون الإماء، ولا خلاف أنها إذا كانت حبلى أن عدتها عدة الحرائر، وكذلك إذا لم تكن حبلى.(1/312)
456 خبر: وعن الأسود، عن عائشة، قالت: كان زوج بربرة حرا، فلما اعتقت، خيرها رسول الله صلى الله عليه، فقال: لها ملكت بضعك، فاختاري؟ فاختارت نفسها.
دل هذا الخبر على أن الأمة إذا أعتقت، وهي تحت زوج، أن لها الخيار، إن شاءت فمحت النكاح وإن شاءت تكتب على نكاحها، وقول أبي حنيفة، وأصحابة مثل قولنا، وقال الشافعي: إن كان حرا فر خيار لهه.
وجه قوقلنا: الخبر، وقول رسول الله صلى الله عليه: ملكت بضعك، فذر الحكم السبب، فوجب أن يكون الحر والعبد في ذلك سواء.
فإن قيل: روي عن عائشة، أنها قالت: كان زوج بربرة عبدا، ولو كان حرا لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه.
قلنا: قد كان عبدا قبل ذلك، لكن الحرية تطرى على الرق، وليس الرق يطرا على الحرية، في دار الإسلام، فهو يكون حرا عند عتق بربرة، وعبد قبل ذلك، فيكون جمعا بين الخبرين، وأما ما روي، لوكان حراما خبرها، فيتحمل أن يكون هذا من الراوي أدخله في الكلام، حيث وقع في ظنه ذلك.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه، أنه قال: لها بعد عتقها إن شئت تمكثين مع هذا العبد فسماه عبدا بعد عتق بربرة؟(1/313)
قلنا: يحتمل أن يكون صلى الله عليه، سماه عبدا بعد الحرية، على معنى أنه كان عبد، كما قال صلى الله عليه: لبلال حين أذن قبل طلوع الفجر، عد فناذ إن العبد نام، وكان بلال حرا في ذلك الوقت، وكما قالك روي عن على عليه السلام، أنه قال: لشريح ما تقول أيها العبد الأيضر، وشريح كان حرا، وإنما كان الرق جرى عليه في الجاهلية، فسماه بذلك، وعلى هذا يناول قول الله تعالى: ? وأتوا اليتامى أموالهم? وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليتيمة تستأمر، ولو بنت أنه كان....... لم يكن للهم فيه حجة)) وذلك إن قضاءء النبي صلى الله عليه، في شخص، قضاء في الجميع، ولا يجوز أن يميز حر من عبد، ولو كان قضاء شخص، لا يكون قضاء الجميعلما به قضى بالخيار بعد بربرة، إلا لمن يعتق، ويكون أسمها بربرة، واسم زوجها مغيث لأنه كان/ 160/لسمي مغيثا، وكذلك لا يرجم في الزناء إلا من كا أسمهما عزا، وهذا باطل فصح أنه لا يتعلق بقولهم.
فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت كان لي غلام تحته جارية لي فأردت أن أعتقها. فقال رسول الله: أتدري بالرجل قبل المرأة، وهذا يدل على أن أنه صلى اله عليه، أمرها بذلك لئلا يكون للمرأة الخيارفي فسيح النكاح.
قلنا: هذا القول أين يحجه علينا، ومتمل أن يكون قالك ذلك تبينا لفضل الرجال على النساء فإراد عتق الرجال، وقال الله تعالى: ?وللرجال عليهن درجة? وكما روي في في حديث القيامة، أن حويصة ومحيضة، لما تقدما إلى رسول الله صلى الله عليه،قال: ((الكبر الكبر فإراد تقديم الأكبر))
457 خبر: وعن ابن عباس، وعن عائشة، قالت: لما خيرت بربرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة، ودموعه تسيل على لحيته، فكلم العباس النبي صلى الله عليه، أن يطلبها، فقال: له النبي صلى الله عليه، زوجك وأبا أولا دك، فقالت: أتأمرني به يا رسول الله، قال: إنما أنا مشافع، قالت: إن كنت شافعا فلا حاجة لي فيه فاختارت نفسها.(1/314)
458 خبر: وعن عائشة أنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه: ((أنت أملك بمنفسك ما لم يمسك))
دلهذا الخبر على أنه إن مسها برضاها، أنها لا خير لها إلا أن أن لا تعلم أن لها الخيار، ودل الخبر الأول على أنه إن لم تختر على الفور ومكثت قليلا أن لها المهلةعلى ما حاء في الخبر.
459 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه، قال: ((لا يجوز أن تتزوج الأمة على الحرة، ويجوز أن تتزوج الحرة على الأمة.
460 خبر: وعن على عليه السلام، مثله، وشرط يحيى عليه السلام، رضى الحرة بدخولها على الأمة، والوجه في ذلك العضاضة يدخل عليها في أن تقاسمها أمة، كما تدخل عليها العضاضة، إذا تزوجها غير الكفؤ بغيير علمها، لا خلاف في هذه الحملة إلا في قول الهادي إلى الحق عليه السلام: إذا رضيت الحرة، ولا خلاف في أن ورد الملك على النكاح يبطل النكاح سواء ملكة الزوج الزوجة، أو ملكت الزوجة الزوج، وعلى هذا إن ملك الزوج زوجتهإنفتح النكاح بينهما فإن كان قد دخل بها فالمهر لسيدها الأول وأن لم يجخل بها سقط المهر لسقوط النكاح لأن فسخ النكاح يتعلق بمولاها الأول، وصار مانعا من البضع، أن يوطئ بحق النكاح...........، أو من ترضع زوجها في الحولين.(1/315)