قلنا: دلت هذه الأخبار على أن المعمول عليه صاع من حنطة كسائر الأصناف، وذهب قوم إلى أنه نصف صاع من الحنطة، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( أو نصف صاع من بر ))، وبحديث ابن عمر، وقد قيل: إن أ×بارهم ضعيفة ومتأولة على حال الضرورة، ذكر ذلك المؤيد بالله قدس الله روحه.
205 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( زكاة الفطر صاع من شعير أو صاع من زبيب أو صاع من تمر أو صاع من إقط )).
206 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( إذا أعطيتم صدقة الفطر فاعطوا نصف صاع من بر أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من ذرة )).
207 خبر: وعن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن من السنة أن يطعم يوم الفطر ولو لقمة أو تمرة )).
208 خبر: وعن أنس قال: (( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لايصلي حتى يفطر ولو على شربة ماء )).
209 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يفطر قبل أن يصلي صلاة العيد.
دل على أنه يستحب أن يفطر قبل إخراج صدقة الفطر ولو بشربة من ماء وقد ندب الله تعالى إلى ذلك قال عز من قائل: ?أولئك يسارعون في الخيررات وهم لها سابقون?.
210 خبر: وعن ابن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم /89/ بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
211 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق إلا صدقة الفطر )).
212 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( أدوا زكاة الفطر عن كل إنسان صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، غني أو فقير )). وفي بعض الحديث: (( أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله إليه خيراً مما أعطى )).(1/181)
قلنا: دلت هذه الأخبار على أن زكاة الفطر واجبة على من يعلم قوت عشرة أيام وإنما قوت عشرة أيام لأن من لايعلم قوت عشرة أيام يكون إخراجها مسرفاً باسطاً ليده كل البسط وقد نهى الله عن ذلك بقوله: ?ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط? ومن البسط أن يخرج ماعنده ويقعد بغير شيء.......
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( إنما الصدقة من ظهر غنى ))، وقدرنا قوت عشرة أيام لأنا وجدنا في أكبر الأصول الفرق بعشرة كأقل المهر وأقل مايقطع فيه وأقل الإقامة وأقل الطهر. وذهب أبو حنيفة إلى أنها لاتلزم إلا من كان له مائتا درهم بعد الدار والأثاث مع أنه يقول: أن لمن له عشر باذنجانات أنه يخرج باذنجانة واحدة. وذهب الشافعي إلى أن صدقة الفطر تجب على من يعلم قوت يوم وصاعاً يخرجه وقد قدمنا الاحتجاج عليها. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: التبست لفظة ليحيى عليه السلام على بعض أصحابنا في المنتخب حيث سأله السائل عمن يأخذ زكاة الفطر ولايخرجها فأجابه على الذي يجمع الأمرين أنه من لايملك قوت عشرة أيام ولم يقل أحد من العلماء أن من يعلم قوت عشرة أيام لايأخذ صدقة الفطر فصح أنه أراد به من لايعلم قوت عشرة أيام أنه لايخرجها وله أن يأخذها ولو كان لايأخذها إلا من لايجد قوت عشرة أيام لما كاد يوجد من يأخذها في بلاد الريف وكان هذا مؤدياً إلى تكليف مالايطاق.(1/182)
من كتاب الخمس
وباب مايجب فيه الخمس
213 خبر: وعن عبدالله بن سفيان، عن رجل من قومه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوادي القرى فقلت: يارسول الله لمن المغنم؟ فقال: (( لله سهم، ولهؤلاء الأربعة )). قلت: فهل أحد أحق بالمغنم من أحد؟ فقال: (( لا، حتى السهم ياخذهم أحدكم من جنب أخيه فليس به أحق من أخيه )).
214 خبر: وعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الركاز الخمس.
قلنا: دل هذا الخبر على أن جميع مايغنم يجب فيه الخمس قل أو كثر وأنه يجب عندمايغنم وأنه لايملكه الغانم وإن باعه استحق على المشتري ورجع بالثمن على البائع ولم يختلف في هذه.... وإنما الخلاف فيما يغنم من أهل البغي فذهب قوم إلى أنه لايغنم والآية والرواية تحجهم.
215 خبر: وعن القاسم بن محمد، قال: كنت جالساً عند ابن عباس فأقبل رجل من العراق فسأله عن السلب فقال: السلب من النفل وفي النفل الخمس.(1/183)
قلنا: دل هذا الخبر على أن السلب يجب فيه الخمس إذ لم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، وعلى هذا لو قال الإمام: من قتل /90/ قتيلا فله سلبه فإنه يجب فيه الخمس. وذهب قوم إلى أنه لاخمس فيه، واستدلوا بماروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاهم سلب القتلى ولم يرو أنه أخذ منها الخمس، وبما روي عن عوف بن مالك قال: قلت لخالد بن الوليد يوم مؤتة: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخمس السلب. فقال: نعم. وبما روي أن البراء بن مالك لما قتل المرزبان بلغ سلبه ثلاثين ألف درهم فقال عمر: إنا كنا نخمس الأسلاب وإن سلب البراء مالا ولا أرانا إلا خامسيه فقوم..... ألف درهم، ودفع إلى عمر ستة آلاف قالوا: إن قول عمر إنا كنا لانخمس الأسلاب دل على أن أخذ الخمس غير واجب ولاحجة لهم في هذه الأخبار. فأما خبر عمر فلولا أنه واجب ما أخذه وأما خبر عوف بن مالك وماروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطاهم سلب القتلى، ولم يررو أنه أخذ منها الخمس فإنه محمول عندنا على أنه صلى الله عليه وآله وسلم ترك الخمس تنفلا على القاتل ولم يررد أنه أخذ منها الخمس. ويحتمل أيضاً أن يكون الراوي ترك ذكر الخمس وذكر ماسواه وقول الله تعالى: ?واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه? وهذا يجمع كلما يغنم وعلى هذا إن مايجبى من أرض الخراج والأرض الصلحية يجب فيه الخمس.
216 خبر: وعن أبي هرريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الركاز الذي ينبت مع الأرض )).
217 خبر: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( في الركاز الخمس )). قالوا: يارسول الله وما الركاز؟ قال: (( الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت )).
218 خبر: وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما يوجد في دار الخراب العادي. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( فيه وفي الركاز الخمس )).(1/184)
قلنا: دل هذا الخبر على أن الركاز هو المعدن لأنه لافرق بينه وبين مايوجد في الخراب العادي والركاز كلما يغيب في الأرض ومن ذلك الركز وهو الصوت الخفي، ويقال: ركز فلان وضحه في التراب.
219 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام إيجاب الخمس في المعادن.
220 خبر: وعن أبي الحارث الأزدي أن أباه كان اشترى معدناً استخرجه رجل بمائة شاة فقال علي عليه السلام: ما أرى الخمس إلا عليك فخمس المائة الشاة.
قلنا: دل على أن كل ما استخرج من الأرض ويغنم يجب فيه الخمس. وذهب قوم إلى أنه لايجب فيما يستخرج من الحجر الخمس، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس في الحجر زكاة )) وقال أبو حنيفة: كلما ينطبع إذا غنم ففيه الخمس. وقال أبو يوسف: مثل قولنا في الدر واللؤلؤ وكلما يخرج من البحر من الحلية أنه يجب فيه الخمس، وعلتنا التمول وعلة أبي حنيفة الإنطباع.
221 خبر: وعن علي عليه السلام أنه وضع على أجمة فرس أربعة آلاف كل سنة.
قلنا: دل هذا على أن كلما يصطاد يجب فيه الخمس في بر أو بحر.(1/185)