ذكر المؤيد بالله قدس الله روحه أن كل مال اشتري للتجارة فإنه يصير بنية الفتية خارجاً من التجارة ويكون للفتية وكلما اشترى للفتية فلا مدخل للنية في أن يكون مالا للتجارة فإن.... للتجارة كان..... من مال التجارة وقاسه بالمسافر أنه يصير مقيماً بنية الإقامة ولايكون المقيم مسافراً بنية السفر، ويحكى ذلك عن أبي العباس الحسني رحمه الله /82/.(1/166)
من باب مايؤخذ من أهل الذمة
148 خبر: وعن أنس أن عمر جعل على أهل الذمة نصف العشر، وعلى أهل الشرك ممن لاذمة له يعني المستأمنين من أهل الحرب العشر بمشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومعلوم أن المراد به إذا اتجروا وسافروا.
149 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام أنه قال: إذا اتجر أهل الذمة يؤخذ منهم نصف عشر مما يأتون به من أموالهم ويتجرون فيه على المسلمين في أرض الإسلام إذا أتوا من بلد شاسع إلى بلد شاسع. قال عليه السلام: وعلى ذلك وقعت المصالحة.
قلنا: ويقال عمر ذلك بمشورة من الصحابة يجري مجرى السنة والواحد من الصحابة إذا قال قولا بمحضر الصحابة ولم ينكر ذلك أحد جرى مجرى السنة. يؤيد ذلك أن يحيى عليه السلام احتج في باب الرجم بأن قال: وقد رجم عمر وهو في وفارة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبين أن قول الصحابي إذا لم ينكر عليه أحد من الصحابة كان كالمتفق عليه.
150 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس على المسلمين عشور وإنما العشور على اليهود والنصارى )).
قلنا: دل على أنه لم يرد عشور الزرع وإنما أراد ماذكرنا مما يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا سافروا بها إلى بلد شاسع واسم العشور ينطلق على العشير وينطلق أيضاً على نصف العشير ألا ترى أن مايسقى بالسواني يؤخذ منه نصف العشر ولايمتنع أن يسمى عشوراً.
151 خبر: وعن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل أن خذ من أهل الكتاب من كل رجل من عشرين ديناراً ديناراً فإني سمعت ذلك ممن سمع النبي صلى الله عليه يقول ذلك.
قلنا: دل على أنه عنى به مايؤخذ منهم إذا سافروا من نصف العشر، ودل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد أمر بذلك.
152 خبر: وعن علي عليه السلام أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وارادين وعلى الأوساط أربعة وعشرين درهماً وعلى الفقراء اثني عشر درهماً.(1/167)
153 خبر: وعن عمر أنه وضع الجزية على أهل السواد وجعلهم ثلاث طبقات على ماقد ذكرنا، وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير منهم.
قلنا: قول أبي حنيفة مثل قولنا في هذا، وذهب الشافعي إلى أن المأخوذ منهم دينار على كل حالم. واستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخذ من أيلة وهم ثلاثمائة ثلاثمائة دينار. وبما روي أنه قال لمعاذ: (( خذ من كل حالم ديناراً )). ونحن نحمل هذين الخبرين على أنه علم أن هؤؤلاء المأخوذ منهم كانوا فقراء، وكانت قيمة الدينار اثني عشر درهماً، ويحتمل أيضاً أن يكون أخذ ذلك منهم صلحاً لأن في الحديث الذي احتج به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض على أهل اليمن في كل عام على كل حالم ذكراً أو أنثى أو عبد ديناراً أو قيمته من /83/ المعافرية ومعوم أن المرأة والعبد والصبي لايؤخذ منهم إلا على سبيل الصلح فمن هاهنا قلنا أنه يحتمل أن يكون أخذ منهم على سبيل الصلح.
154 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قتل النساء والولدان.
قلنا: وهذا يدل على أنه لاجزية على النساء والولدان. قال أبو العباس الحسني رحمه الله: وكذلك الشيخ الهرم وهو مروي عن محمد بن عبدالله عليه السلام في سيره. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: فأما العبيد فإنهم مال لمواليهم ولو أوجبنا عليهم الجزية لكنا قد أوجبنا عليهم في أموالهم شيئاً لم يجب.
155 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام أنه قال: إن بني تغلب نصارى الجزيرة يؤخذ منهم ضعفا مايؤخذ من المسلمين من ركابهم، قال: إن ذلك مما وقعت عليه المصالحة بدلا من الجزية.
156 وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صالح نصارى بني تغلب نصارى الجزيرة على أن يؤخذ منهم ضعفا مايؤخذ من المسلمين.
157 خبر: وعن عمر أنه صالح نصارى بني تغلب على أن يأخذ منهم ضعفي ماعلى المسلمين فإنهم أنفوا من الجزية وهموا.... لانتقال إلى دار الحرب وإن ذلك كان بمحضر من الصحابة.(1/168)
158 خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال في بني تغلب نصارى الجزيرة لأن مكن الله وطأتي لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم فإني كتبت الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن لايصبغوا أولادهم.(1/169)
من باب كيفية أخذ الزكاة
159 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( من أدى زكاة ماله أدى الحق الذي عليه )).
160 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لايحل مال امرء مسلم إلا بطيبة من نفسه )).
161 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( مابال أقوام نبعثهم فيجيئون فيقولون هذا لي وهذا لك أفلا جلس في بيت أبيه )).
162 خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال: هدايا الأمراء غلول.
قلنا: دلت هذه الأخبار على أن الهدايا إلى العمال والقضاة لاتجوز، وأنها تعود إلى بيت مال المسلمين إلا أن يجيزها الإمام لهم لضرب من الصلاح، وعلى هذا أنه لاينزل العامل على من يأخذ منه الصدقة وأن القاضي لايحضر الولائم.
163 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: (( إياك وكرائم أموالهم )).
164 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لاتحل الصدقة )) يعني إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله أو أهديت له، أو عامل عليها، أو غاز في سبيل الله، أو غارم.
165 خبر: وعن عبدالله بن يزيد، عن أبيه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة وأنها ماتت وتركت تلك الوليدة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث )).
دل هذان الخبران على أن لصاحب المال أن يشتري من المصدق مايأخذه من الصدقة، وذهب قوم إلى أنه لايجوز واستدلوا /84/ بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمر: (( لاتعد في صدقتك )) حين أراد ابتياع فرس كان حمل عليه في سبيل الله ونحن نحمل هذا الخبر على أنه قال ذلك خشية المحاماة التي ربما تقع لمشتريها وإذا جاز بيعه من سائر الناس جاز بيعه من المتصدق لأنه قد خرج عن ملكه.(1/170)