من باب صلاة الكسوف والاستسقاء
572 ـ خبر: وعن أبي بن كعب، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بالناس، فقرأ في الركعة الأولى بسورة من الطوال، وركع خمس ركوعات، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية فقرأ سورة من الطوال، وركع خمس ركوعات، وسجد سجدتين، ثم جلس كماهو مستقبل القبلة، يدعو حتى انجلى كسوفها.
573 ـ خبر: وعن علي عليه السلام أنه كان إذا صلى بالناس صلاة الكسوف بدأ فكبر، ثم قرأ الحمد وسورة من القرآن يجهر بالقراءة ليلا كان أو نهاراً ثم يركع، نحواً مما قرأ، ثم يرفع رأسه، وفعل في الثانية كما فعل في الأولى، يكبر كلما رفع رأسه من الركوع الأربع، ويقول في الخامس: سمع الله لمن حمده، فإذا قام لم يقرأ، ثم يكبر فيسجد سجدتين، ثم يرفع رأسه فيفعل في الثانية كما فعل في الأولى، يكبر كلما رفع رأسه من الركوع الأربع، ويقول: سمع الله لمن حمده في الخامس، ولايقرأ بعد الركوع الخامس.
وروى مخالفونا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربع ركعات وأربع سجدات، وروي ست ركعات وأربع سجدات، وروي أنه صلى ركعتين كسائر التطوع، وأجمع أهل البيت عليهم السلام على خبر أبي.
574 ـ خبر: وعن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم عليه السلام، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لاتنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى تنجلي )).(1/121)
575 ـ خبر: وعن أبي موسى قال: كسفت الشمس في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقام فزعاً، فخشي أن تكون الساعة قد قامت، حتى أتى المسجد، فقام فصلى أطول قيام وركوع وسجود، مارأيته يفعله في صلاته قط، قال: ثم قال: إن هذه الآيات التي يرسلها الله لاتكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يرسلها الله يخوف بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً منها فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره. وفي حديث أبي: أنه جلس صلى الله عليه وآله وسلم مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها.
576 ـ خبر: وعن سمرة بن جندب، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه صلاة الكسوف ولم يسمع /52/ له صوتاً.
577 ـ خبر: وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بالقراءة في كسوف الشمس.
قلنا: دل هذان الخبران على جواز الجهر والمخافتة والتخيير بينهما، واختار يحيى بن حسين عليه السلام أن يقرأ: ?قل أعوذ برب الفلق? في الكسوف، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( كان يعوذ بها الحسن والحسين عليهما السلام ))، لما كانت حالة الكسوف حالة الاستعاذة، هذا لمن لايحفظ السور الطوال، لأن محمد بن سليمان حكى أنه صلى بهم صلاة الكسوف فأطال. قال: فسألته عما قرأ؟ قال: قرأت الكهف، وكهيعص، وطه، والطواسين.
578 ـ خبر: وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه خرج يستسقي متواضعاً متضرعاً متذللا لم يخطب خطبتكم هذه بل دعا وصلى ركعتين.
579 ـ خبر: وعن عبدالله بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فقلب رداءه.
579 ـ خبر: وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استسقا يوم الجمعة وهو يخطب للجمعة.
580 ـ خبر: وعن مطرف قال: أخبرني من أدرك علياً عليه السلام أنه خرج يستسقي فرجع ولم يصل.(1/122)
581 ـ خبر: وعن الحسين بن عبدالله بن ضميرة عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه كان يقول: إذا استسقيتم فاحمدوا الله واثنوا عليه بما هو أهله، وأكثروا من الاستغفار، فإنه الاستسقاء ولم يذكر الصلاة.
قلنا: دلت هذه الأخبار على أن الصلاة غير مسنونة فيه، وأنها تجري مجرى سائر التطوع، واخترنا أربع ركعات قياساً على صلاة العيدين، لما كانت تصلى جماعة خصت بالزيادة وهو التكبير، كذلك خصت صلاة الاستسقاء بأربع ركعات. وقلنا: يسلم على كل ركعتين، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى )).
582 ـ خبر: وعن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فاستسقى فقلب رداءه جعل الأعلى الأسفل والأسفل الأعلى. قال: لا، بل جعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر.
قلنا: وهذا يدل على أن قلب الرداء بعد الاستسقاء، لأن الفاء توجب التعقيب.(1/123)
كتاب الجنائز
وباب القول في توجيه الميت
1 خبر: وعن علي عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رجل من ولد عبدالمطلب وهو يجود بنفسه وقد وجهوه إلى غير القبلة، فقال: (( وجهوه إلى القبلة )).
2 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( صوتان ملعونان فاجران في الدنيا والآخرة: صوت رنة عند مصيبة، وشق جيب وخمش وجه ورنة شيطان، وصوت عند نعمة، صوت لهو ومزامير شيطان )).
3 خبر: وعن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( ليس منا من حلق، ولامن سلق، ولامن خرق، ولامن دعا بالويل والثبور )). قال زيد بن علي عليه السلام: الحلق حلق الشعر، والسلق الصياح، والخرق خرق الجيب.
قلنا: ومما يدل على أن السلق الصوت الشديد قول الله تعالى: ?فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد?.
4 خبر: /60/ وعن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النوح.
5 خبر: وعن عبدالرحمن بن عوف قال: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فانطلقت معه إلى ابنه إبراهيم صلى الله عليه وهو يجود بنفسه، فأخذه صلى الله عليه وآله وسلم حتى خرجت نفسه. فوضعه ثم بكى. فقلت: يارسول الله أتبكي وأنت تنهى عن البكاء. فقال: (( إني لم أنه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة لطم وجوه وشق جيوب، وهذا رحمة ومن لايَرحم لايُرحم )).
6 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( اسرعوا بجنائزكم )).
7 خبر: وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من مات بالغداة فلا يمسين إلا في قبره، ومن مات بالعشي فلايصبحن إلا في قبره )).
واستثنى الهادي عليه السلام الغريق وصاحب الهدم، والمبرسم لأنه لايؤمن أن يغشى أحدهم غشوة تشبه الموت، وقد عوين من ذلك كثير.(1/124)
8 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشهداء أنه قال: (( زملوهم بثيابهم ودمائهم، فإنه ليس من كَلِم كُلم في سبيل الله إلا يأتي يوم القيامة بدم لونه لون الدم، وريحه ريح المسك )).
9 خبر: وعن علي عليه السلام قال: لما كان يوم أحد أصيبوا فذهبت رؤوس عامتهم، فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يغسلهم وقال: (( انزعوا عنهم الفرا )).
10 خبر: وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتلى أحد أن ينزعوا عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم )).
11 خبر: وعن علي عليه السلام قال: ينزع الشهيد الخف والمنطقة والقلنسوة والعمامة والفرو والسراويل إلا أن يكون أصابه دم فإن كان أصابه دم ترك.
لاخلاف في وجوب غسل الميت المسلم على المسلمين غير الشهيد، ولاخلاف في أن الشهيد إذا مات في المعركة لايغسل، إلا ماذهب إليه أبو حنيفة أنه يغسل إن كان جنباً، وعندنا أنه يسقط وجوبه كما تسقط الواجبات عنه، وإنما الخلاف فيمن مات في غير المعركة، فعندنا أنه يغسل أن الخبر لم يرد إلا فيمن مات في المعركة، وذهب قوم إلى أنه لايغسل، واستدلوا بما روي في حنظلة لما استشهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( إن صاحبكم غسلته الملائكة )). وهذا لايوجب علينا غسله لأن الملائكة عليهم السلام إذا فعلوا فعلا ولم نؤمر بفعله لايجب علينا فعله.
12 خبر: وعن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد بالقتلى فجعل يصلي عليهم غيررفع سبعاً سبعاً حتى فرغ منهم.
13 خبر: وعن عبدالله بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه أمر يوم أحد بحمزة عليه السلام فسجي ببرده ثم صلى عليه، فكبر سبع تكبيرات ثم أتي بالقتلى يوضعون وصلى عليهم وعليه معهم.
14 خبر: وعن أبي مالك الغفاري مثله.(1/125)