509 ـ خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال في صلاة الخوف في المغرب يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة.
قلنا: ولأن الطائفة الأولى لو صلوا مع الإمام ركعة وسلموا لكانوا قد خرجوا من الصلاة لغير عذر، وتركهم الآخرة لعذر وهو لأن تلحق الطائفة الثانية صلاة الإمام.
510 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن أن يرفع المؤتم رأسه قبل الإمام من الركوع والسجود.
ذهب قوم إلى أن صلاة الخوف تجوز في الحَضَر، واستدلوا /53/ بما روي عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم صلاة الخوف، وصلى بطائفة منهم ركعتين ثم انصرفوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين، فصلى رسول الله صلى الله عليه أربعاً وكل طائفة ركعتين، قالوا: وهذا يدل على أنه كان مقيماً.
قلنا: هذا خلاف الظاهر لقول الله تعالى: ?وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا?، فعلق تعالى وجوبها بحصول شرطين أحدهما: السفر، والثاني: الخوف.
511 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمران بن حصين: (( صل قائماً فإن لم تستطع فجالساً فإن لم تستطع فعلى جنب توميء إيماء )).
وهذا يدل على أن لمسايف إذا خاف فوات الصلاة وخاف إن هو صلى قائماً وراكعاً وساجداً، أنه يصلي كيف ما أمكنه، فإن لم يمكنه ذكر الله وكبر وأومى بقدر ما يمكنه، وقول الله تعالى: ?وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركباناً? يؤيد ماذكرنا.(1/111)


من باب صلاة الجمعة والعيدين
512 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( فرضت عليكم الجمعة في مقامي هذا )) إلى آخر الخبر.
513 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كتب وهو بمكة قبل الهجرة إلى مصعب بن عمير وهو في المدينة، فأمره أن يصلي الجمعة بعد الزوال ركعتين، وبأن يخطب قبلهما، فجمع مصعب في دار سعد بن أبي خيثمة وهم اثنا عشر رجلا. وروي أنه أول من جمع.
وذهب الشافعي إلى أن الجمعة لاتجب إلا باجتماع أربعين رجلا، واستدل بما روي أن أول جمعة جمعت في المدينة أربعون رجلا. وبما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جَمَّعَ في المدينة وهم أربعون رجلا. ولا حجة للشافعي بهذين الخبرين؛ إذ لاخلاف أن الجمعة تنعقد بأربعين وبأكثر من أربعين، ونحن نرجح خبرنا بأن نقيس مادون الأربعين على الأربعين، وبقول الله تعالى: ?يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله..? الآية، ففيه ذكر الجمع، وأقل الجمع الحقيقي ثلاثة سوى الإمام، وذهب أبو يوسف إلى أنها تجب باثنين سوى الإمام والإجماع على أن أقل الجمع الحقيقي ثلاثة بحجة القياس على حد الزنا.
514 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الجمعة تجب على كل مسلم )).
515 ـ خبر: وعن مالك أن سعد بن دارم أول من جَمَّع بنا في حرة بني بياضه.
516 ـ خبر: وعن ابن عباس: إن أول جمعة في الإسلام بجواثا قرية من قرى البحرين.
هذان الخبران يدلان على أن الجمعة تجب في القرى والمناهل إذا كان هناك جماعة من المسلمين مستوطنين لها ومسجد يجمع فيه.(1/112)


وذهب قوم إلى أنها لاتجب إلا في الأمصار، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لاجمعة إلا في مِصْر جامع )). ونحن نرجح خبرنا بالآية والرواية، ونتأول خبر أصحاب أبي حنيفة بأن يكون المراد به نفي الكمال والفضل كما روي: (( لاصلاة لجار المسجد إلا في المسجد )). ويحتمل أن يكون المراد بقوله: مصر: موضع الاستيطان. وقوقلنا: إذا كان هنالك مسجد يجمع فيه، فلأن عادة المسلمين التي /54/ ورثها الخلف عن السلف أنهم لايجمعون إلا في المساجد، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أقام الجمعة إلا في المساجد.
517 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى الجمعة في وقت الظهر.
518 ـ خبر: وعن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا مالت الشمس. ـ يعني الجمعة ـ.
519 ـ خبر: وعن جابر قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة، ثم نرجع فنريح نواضحنا. قال جعفر وهو راوي الحديث عن أبيه ذلك عند زوال الشمس.
ذهب قوم إلى أنها تصلي قبل زوال الشمس واستدلوا بما روي: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فَيْءٌ.
قلنا: فقد روي في بعض الأخبار: وليس للحيطان فَيء نستظل به. وهو محمول عندنا على الكثير الذي يسع المستظل ويكون المراد به أول الزوال.
520 ـ خبر: وعن جابر بن سمرة قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبتان يجلس بينهما.
521 ـ خبر: وعن جعفر، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب خطبتين.
521 ـ خبر: وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب يوم الجمعة قائماً ثم يقعد ثم يقوم فيخطب.
522 ـ خبر: وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه مثله.(1/113)


قلنا: دلت هذه الأخبار على أن الخطبتين واجبتان، لأن فعال النبي صلى الله عليه هذا مبين لمجمل، وهو قول الله تعالى: ?فاسعوا إلى ذكر الله?.
523 ـ خبر: وعن جابر قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم جمعة، فقال: (( اعلموا أن الله تبارك وتعالى فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي استخفافاً بها أو بحقها وجحوداً لها وله إمام عادل أو جائر؛ فلا جمع الله شمله ولابارك له في أمره )).
قلنا: دل هذا الخبر على أن الإمام شرط في صحة الجمعة ووجوبها، وذهب قوم إلى أنها تجب بالإمام الجائر، واستدلوا بهذا الخبر، وعندنا أن الجائر في الباطن والظاهر ليس من شروط الجمعة ولاتنعقد به حقوق الناس، وهم أحوج إليها كالشهادة والحكم، فكيف تنعقد به الجمعة وهي من أكبر حقوق الله، ونحن نتأول قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إمام عادل أو جائر. على أن المراد به لو كان جائراً في الباطن وظاهره سليم، انعقدت به الجمعة ووجبت. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وليس علينا مراعاة باطن الإمام سواء كان في الباطن عادلا أو جائراً، فإمامته صحيحة والجمعة معه واجبة إذا كانت أحواله في الظاهر سليمة.
524 ـ خبر: وعن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن عليهم السلام أنه سئل عن الجمعة هل تجوز مع الإمام الجائر؟ فقال: إن علي بن الحسين (ع) وكان سيد أهل البيت لايعتد بها معهم.
525 ـ خبر: وعن ابن شهاب قال: أخبرني ابن يزيد أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النببي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان في ولاية عثمان أمرنا بالأذان الثالث.
526 ـ خبر: وعن السائب /55/ بن يزيد قال: كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة.(1/114)


527 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( أنه كان يصلي الجمعة ركعتين )). ولاخلاف في ذلك.
528 ـ خبر: وعن محمد بن منصور بإسناده، عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: اجهروا بالقراءة في يوم الجمعة فإنها سنة.
قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وقوله: فإنها سنة. يجري مجرى أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
529 ـ خبر: وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون )).
530 ـ خبر: وعن عبدالله بن أبي رافع قال: صلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة، وفي الثانية إذا جاءك المنافقون. فقلنا: إنك قرأت سورتين كان علي يقرأهما في الكوفة، فقال أبو هريرة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأهما يوم الجمعة. وهذا دليل أيضاً على الجهر بالقراءة.
531 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقرا في الجمعة بسورة سبح اسم ربك الأعلى، والغاشية.
532 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الجمعة تجب على كل حالم إلا أربعة: الصبي، والمرأة، والعبد، والمريض )).
533 ـ خبر: وعن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة، إلا على امرأة، أو صبي، أو مملوك، أو مريض )).
534 ـ خبر: وعن طارق بن شهاب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله.
535 ـ خبر: وعن الحسن عليه السلام قال: كُنَّ النساء يجمعن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
536 ـ خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( النساء عِيّ وعورات، فاستروا عيهن بالسكوت، وعوارتهن بالبيوت )).
537 ـ خبر: وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزاه العيد عن الجمعة، وإنا مجَمِّعون )).(1/115)

23 / 152
ع
En
A+
A-