استدل من يرى طهارة المني بما روي عن عائشة أنها قالت: قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا رأيت المني يابساً فحتيه وإذا كان رطباً فاغسليه )). وبما روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن المني يصيب الثوب فقال: (( أمطه عنك بإذخرة، إنما هو مخاط أو بصاق )). ولادليل لهم في هذين الخبرين؛ لأن قوله إذا كان رطباً فاغسليه، يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمرها أن تحته إذا كان يابساً مع الغسل؛ لأنه قد كان رطباً قبل كونه يابساً، ولايعلق بالثوب إلا لرطوبته. وأما قوله: (( أمطه عنك بأذخرة )). يدل على أنه لايماط بالأذخر إلا مع الماء، لأن الأذخرة الواحدة لاتميطه، وقوله: (( إنما هو مخاط أو بصاق )) أراد في لزوجته ولصوقه بالثوب.
وأما ما استدلوا به من الحديث المروي عن عائشة أنها أضافت رجلا فأعطته قطيفة فاجتنب فيها، فغسلها ثم ردها عليها، فقالت: أفسدت علينا ثوبنا، لقد كنت أفرك المني من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا أزيد على ذلك. فإن هذا محمول عندنا على وجهين: أحدهما، أن تكون أنكرت غسل القطيفة كلها وترك الاقتصار على غسل موضع المني منها، وقولها: لاأزيد على ذلك. يدل على هذا التأويل، والوجه الثاني: أن القطيفة كانت للنوم لا للصلاة، وقولها: كنت أفركه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أرادت من ثوبه الجاري مجرى القطيفة.
356 ـ خبر: وعن عائشة قالت: كنت أغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه.
357 ـ خبر: وعن رافع بن خديج أن علياً عليه السلام أمر عماراً أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المذي فقال: (( يغسل مذاكيره ويتوضأ )).(1/71)


358 ـ خبر: وعن أبي عبدالرحمن عن علي عليه السلام قال: كنت رجلا مذاء وكانت عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (( توضأ له واغسله )).
359 ـ خبر: وعن علي عليه السلام قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئاً وجف مافي إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحها، ولم يحدث وضوءاً ومضى إلى الصلاة )).
360 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( في دم الحيض حين أمر بغسله فلم يذهب أثره الْطخيه بزعفران )).
361 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن المرأة إذا أمَّت النساء وقفت وسطهن )).(1/72)


من باب صفة الصلاة وكيفيتها
[النية والتكبير]
362 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الأعمال بالنيات وإنما لامريء مانوى )).
363 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم )).
364 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( صلوا كما رأيتموني أصلي )).(1/73)


[قراءة الفاتحة]
365 ـ خبر: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولاتجزي صلاة لايقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقرآن معها )).
366 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لاصلاة إلا بفاتحة الكتاب وشيء معها )). وفي بعض الأخبار: (( وسورة من القرآن )).
367 ـ خبر: وعن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نقرأ فاتحة الكتاب وماتيسر.
368 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في حديث رفاعة بن رافع الأعرابي: (( ثم اقرأ فاتحة الكتاب وماتيسر )).
369 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في حديث رفاعة : (( كل صلاة لايقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خِدَاج )).
ذهب قوم إلى أن التخيير في قول الله تعالى: ?فاقرؤا ماتيسر من القرآن? /32/ عام للفاتحة وغيرها، وقالوا: إذا قرأ شيئاً من القرآن غير الفاتحة فقد أدى الفرض.
قلنا: إن التخيير خاص لما عدا الفاتحة من سائر القرآن، ولتكرار الفاتحة أيضاً بدلالة الأخبار، لأن وأفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيان لمجمل وهو قوله تعالى: ?أقيموا الصلاة?، فحملنا التخيير على الخصوص، لأن من مذهبنا بناء العام على الخاص، ولما كان ما أتى به النببي صلى الله عليه وآله وسلم يجب الأخذ به لقوله تعالى: ?ما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا?، فصح أنه من عند الله، فيكون تقدير الآية: فاقرؤا فاتحة الكتاب وماتيسر من القرآن.
فإن قيل: كيف يكون فرض واحد يكون مخيراً في بعضه وغير مخير في بعضه.(1/74)


قلنا: قد يكون ذلك، مثاله كفارة اليمين، لأن الواحد مخير بين: العتق، والكسوة، والإطعام، والمُعْدِم كفارته مُعَيَّنة، ولاخلاف في أن من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة، فلو كانت القراءة فرضاً في جميع الركعات لكان المدرك للركوع غير مدرك للركعة، إذ لم يدرك القراءة.(1/75)

15 / 152
ع
En
A+
A-