واستدل من رأى وجوب الوتر بما روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال: (( إن الله زادكم صلاة وهي الوتر )). وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( فاجعلوها بين العشاء والفجر )). وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أوتروا يا أهل القرآن )). وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا )).
قلنا: إن هذه الأخبار وردت على وجه الندب، أما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الله زادكم صلاة )) فالزيادة لاتكون إلا نافلة، ولافرق بين النافلة والزيادة عند أهل اللغة، قال الله تعالى في قصة إبراهيم: ?ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة? بمعنى زيادة. وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا )) فلاخلاف في أنها حق، وقد يكون الحق فرضاً ونفلا، وقوله: (( فمن لم يوتر فليس منا )) يريد أنه من تركها استخفافاً بها فذلك تارك السنة، ومن ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لغير عذر فليس من الرسول، وأما قوله: (( أوتروا يا أهل القرآن )) فقد جاء في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه مايدل على أنها غير فرض، أما من كتاب الله فقوله تعالى: ?حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى?، ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الشفع لاواسطة له وأن الوتر له واسطة ومن السنة قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( صلوا خمسكم )).
296 ـ خبر: وعن ابن عباس قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بثلاث، قرأ في الأولى بـ?سبح اسم ربك الأعلى?، وفي الثانية بـ?قل يا أيها الكافرون?، وفي الثلاثة بـ?قل هو الله أحد? )).
297 ـ خبر: وعن عائشة قالت: (( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لايسلم في ركعتي الوتر )).
298 ـ خبر: وعن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه كان يوتر بثلاث.
299 ـ خبر: وعن علي عليه السلام مثله.
300 ـ خبر: وعن أبي إسحاق قال: كان أصحاب علي وعبدالله لايسلمون في ركعتي الوتر.(1/61)


301 ـ خبر: وعن محمد بن كعب قال: (( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البتراء، وهي أن يوتر الرجل بركعة واحدة )).
302 ـ خبر: وعن ابن عمر قال: (( الوتر ثلاث كصلاة المغرب )).
303 ـ خبر: وعن ابن مسعود: ما أجزت ركعة قط.
304 ـ خبر: وعن علي عليه السلام أنه كان يقنت في الوتر بعد الركوع.
305 ـ خبر وعن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم /27/ يقول: (( من صلى ثماني ركعات من الليل والوتر يداوم عليهن حتى يلقى الله بهن، فتح الله له اثني عشر باباً من الجنة يدخل من أي باب شاء )).(1/62)


[أوقات الكراهة]
306 ـ خبر: وعن عقبة بن عامر الجهني، قال: ثلاث ساعات (( نهانا رسول الله أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن، موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضَيَّفَت الشمس للغروب حتى تغرب )).
307 ـ خبر: وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها )).
قلنا: دل هذا الخبر على أن النهي عن الصلاة في هذه الأوقات خاص فيما عدا المكتوبات، وعلى أنه يجوز فيه القضاء للفريضة والنافلة لعموم الخبر، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها )). يدل على أنه أراد بالنهي من لم يكن له عذر في الفرض والنوافل خصوصاً.
308 ـ خبر: وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( من أدرك ركعة من صلاة الغداة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها ركعة أخرى )).
309 ـ خبر: وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( من أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد تمت صلاته )).
310 ـ خبر: وعن عمران بن الحصين قال: أسرى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعَرَّسنا معه فلم نستيقظ إلا بِحَرِّ الشمس، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: يارسول الله ذهبت صلاتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لم تذهب صلاتكم، ارتحلوا من هذا المكان، فارتحل قريباً فنزل وصلى )).
311 ـ خبر: وعن أبي قتادة مثله. وليس فيه ذكر الارتحال، وفي بعض الأخبار: لما خرج عن الوادي انتظر حتى استقلت الشمس، وفي بعضها فقعد هنيهة ثم صلى.(1/63)


استدل من يرى العموم في النهي عن الصلاة في هذه الأوقات بهذه الأخبار. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: الكلام في هذا من وجهين: أحدهما أن التعارض قد وقع في كيفية فعله صلى الله عليه وآله وسلم فلايمكن التعويل عليه، والثاني أن يكون التأخبر وقع للتوضي، ولأن يجتمع الناس، فصادف ذلك ارتفاع الشمس. وأما الارتحال فإن صح فيجوز أن يكون لأن الموضع كان فيه شيطان على ماورد في الخبر، فكره صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة في الموضع لافي الوقت، قال: ولاخلاف بيننا وبينهم في أن الفوائت تقضى بعد العصر وبعد الفجر، وإن كان النهي عن الصلاة في هذين الوقتين وارداً فيجب أن تكون الأوقات الثلاثة واردة كذلك، في أن النهي عن الصلاة وفيها يرجع إلى التطوع.(1/64)


من باب التوجه والبقاع التي يصلى عليها وإليها
312 ـ خبر: وعن جابر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية كنا فيها، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هاهنا قِبَل الشمال وخطوا خطوطاً. وقال بعضهم: القبلة هاهنا قِبَل الجنوب وخطوا خطوطاً. فلما أصبحنا وطلعت الشمس أصبحت الخطوط إلى غير القبلة /28/ فسألنا رسول الله صلى الله عليه عما فعلنا، فأنزل الله تعالى: ?فأينما تولوا فثم وجه الله?.
313 ـ خبر: وعن عامر بن ربيعة مثله.
314 ـ خبر: وعن علي عليه السلام أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يارسول الله هل أصلي على ظهر بعيري؟ قال: (( نعم حيث توجه في النوافل بك بعيرك إيماءً، ويكون سجودك أخفض من ركوعك، فإذا كانت المكتوبة فالقرار القرار )).
315 ـ خبر: وعن أنس أن النبي صلى الله عليه كان إذا سافر فأراد أن يتطوع بصلاة، استقبل بناقته القبلة فكبر وصلى حيث توجهت الناقة به.
316 ـ خبر: وعن علي عليه السلام قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه عَنَزَة يتوكأ عليها ويغرزها بين يديه إذا صلى، فصلى ذات يوم وقد غرزها بين يديه، فمر بين يديه كلب، ثم مَرَّ حمار، ثم مرت امرأة، فلما انصرف قال: (( رأيت الذي رأيتم، وليس يقطع صلاة المسلم شيء ولكن ادرؤا ما استطعتم )).
317 ـ خبر: وعن الفضل بن العباس قال: (( زارنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بادية لنا، ولنا خلية وحمار يرعيان فصلى العصر وهما بين يديه، فلم يزجرا ولم يؤخرا )).
واستدل مخالفونا بما روي عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه قال: (( لايقطع الصلاة شيء إذا كان بين يدي الرجل حاجز )). وقال: (( تقطع الصلاة المرأة والكلب الأسود والحمار )).(1/65)

13 / 152
ع
En
A+
A-