دل على أنما الواو من حروف القسم، والأصل قول الله تعالى: {فوربك} وحروف القسم، الباء، والتاء، والواو، لا خلاف في ذلك وهو موجود في القرآن، قال الله تعالى: {فيقسمان بالله} وقال: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}، وحكى عن إبراهيم عليه السلام، قال: {وبالله لأكيجن أصنامكم} وعن أولاد يعقوب عليهم السلام، بالله تفتؤ تذكر يوسف} أما العهد/64/ والعهد يمين لقول الله تعالى: {وأفوا بعهد الله إذا عاهدتم}وقوله: {أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} وكذلك المشاق يمين قال الله تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم}وذهب الشافعي إلى أن العهد والمشاق لنا يمين إلا إذا نواهما الحالف وجه قولنا، ما تقدم.
250 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى آله، أنه قال حين طعن الناس في أمر أسامه بن زيد: <وأيم الله إن كان حليقا بالإمارة>.(6/31)
دل على أن قول الحالف وأيم الله يمين والقسم بأيم الله كثير في خطب أمير المؤمنين عليه السلام وبه قال أبو حنيفه وهيم الله يمين بمعنى وأيم الله وأمها أقيمت مقام الألف كما تقول العرب أزفت لما وهومته والأصل في القسم بأيم الله أن أيمن الله جمع يمين وحذف النون للإستحقاق وكثرة الإستعمال واعلم أن الإيمان مصروفة إلى البنات إذا كان اللفظ مطالعا للمعنى في حقيقة أو مجاز وإلى العرف وإلى صريح اللغه وإلى العرف أولى من صريح اللغه إذا كانت اليمين مهمه والدليل على ذلك أن من حلف أن لايشتري دآبة فأشترى هرة أنه لايحنث والهره في صريح اللغه من الدواب لقول الله تعالى: {وما من دابة في الأرض...الأيه}. فكان ردّ الثمن المبهمه إلى العرف أولى واختلف قول أبي حنيفه في هذا فقال: ليس العنب والرطب والرمان من الفاكهه واستدل بقول الله تعالى: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} وقال: ليس الشئ يعطف على نفسه وبقوله تعالى: {فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا...إلى قوله تعالى: وفاكهة وأباً} وقال: ليس اللؤلؤ من الحلي ويعتبر قول الله تعالى: {ويستخرجون منه حلية تلبسونها} وقوله: {يحلون فيها من أساور من دهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير} وهو أيضا في العرف من الحلية عند كل الناس فصح فساد قول أبي حنيفة وأما في الفاكهه فهي أيضا في العرف ما كان .....به من الثمار التي تأتي وقتا من الرمان وتفقد وقتا وكذلك العنب والرمان وأما قول الله تعالى: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} فإنه عطف بعض تفسير المجمل على بعض فالمجمل قوله: {فيهما فاكهة} والفاكهه مجمله والنخل والرمان من بعض تفسير المجمل ومثل ذلك قول الله تعالى: {من كان عدو الله وملائكته ورسلة وجبريل وميكائيل... الأيه} وقوله تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} فصح ما ذكرنا.
251 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، قال: <سيد الإدام اللحم> وروي عنه أنه وضع تمره فوق لقمه وقال: <هذه إدام لهذه>.(6/32)
دل على أن كل ما يؤكل به الخبر فهو إدام إلا الملح والماء وبه قال محمد. قال أبو حنيفه وأبو يوسف: الإدام ما يصطبغ به واللحم والشواء ليس بإدام والملح إدام. وجه قولنا، في الماء والملح أن من قال: اشتر لي إداما فأشترى له ماء وملحا أنه يكون مخالفا عرفا وإذا اشترى/65 /ما يؤكل به الخبز غالبا كان ممتثلا.
252 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال لرجل من أصحابه: <لا أخرج من المسجد حتى اعلمك سورة لم تنزل على أحد قبلى الأعلى أخي سليمان>. قال: فأخرج إحدى رجليه من المسجد. وقال: <بم تفتح صلاتك>؟ فقال: <بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين} فقال: <هية هيه أنها السبع المثاني والقوات العظيم>.
253 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه سئل عن آية من كتاب الله عز وجل فقال: <لاأخرج من المسجد حتى أخبرك بها> فقام صلى الله عليه وعلى أهله، فلما أخرج إحدى رجليه من المسحد أخبر بالآية.
دل على أن من حلف على شئ فلم يستكمل فعله أنه لا يحنث وليس كذلك من كانت له ثياب أو جواد فحلف أن لا يلبس الثياب وأن لا يطأ الحواري فلبس ثوبا ووطئ جارية فإنه عندنا يحنث وبه قال مالك وذهب الشافعي وأبو حنيفه إلى أنه يندفع قولهما بأن يقول إن الخروج فعل يتعلق يحمله الخارج ولايتعلق بإتعاضه وليس كذلك مايتبعض لإن الخارج ما يتبعض قد استكمل الخروج فوجب الحنث بإستكمال الخروج.
254 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <من حلف على أمر ثم رأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه>.
دل على أن الإستثناء في اليمين لايكون بعده مده طويله لما أمر النبي صلى الله عليه وعلى أهله، بالكفاره ولقال فليستثن ولاخلاف بين العلماء في أن الإستثناء لايكون إلا قبل إنقطاع كلام الحالف إلا ما يحكى عن ابن عباس أنه قال: له أن يستثني ولو بعد نيته وقيل أنه لم يرد التحديد وإنما أراد أن طويل المده فيه كقصرها.(6/33)
255 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه>.
دل على أن يمين المكره لا يلزمه فيها حنث إلا أن يكون في يمينه ظالما وهو قول القاسم وأحمد بن عيسى والناصر وكثير من أهل البيت عليهم السلام،وبه قال الشافعي قال أبو حنيفه: يلزمه الحنث والوجه ما قدمنا من الخبر. وقول الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} فللم يجعل للنطق بالكفر على سبيل الإكراه حكما فكذلك اليمين فعلى هذا أن من أكره على الطلاق فطلق ونوى الطلاق وقصده عند لفظه به يكون طلاقه واقعا لإن من اعتقد فعليه الكفر عند الإكراه ولفظه به يكون كافرا وإذا لم يعتمد الطلاق فعليه لم يكن لفظه به عند الإكراه طلاقا ويؤيد ذلك أنه إذا أكره على اللفظ فلم يكره على نية القلب لإن النية في القلب لايعلمها أحد غيره إلا الله تعالى.
256 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <رفع القلم عن ثلاثه: الصبي حتى يحتلم، وعن المغمى عليه حتى/66 / يفيق وعن النائم حتى يستيقظ.(6/34)
دل على أن يمين الصبي وطلاقه وعتقه وأشباه ذلك لاحكم له ولاخلاف في ذلك، قال القاسم عليه السلام: من حلف أن يزن الفيل وما أشبهه لم يلزمه شئ والوجه فيه أنه إن حلف وهو يعلم أنه لايقدر على وزن الفيل فإنه حلف على الكذب واشبهت يمينه الغموس وإن ظن أنه يمكنه أن يزنه اشبهت يمينه اللغو وقد ذكر الله الأيمان الثلاث فلم يوجب في اللغو ولا في الغموس شيئا وأوجب في المعقد الكفاره وذهب الشافعي إلى أن الكفاره لازمه في الغموس وكتاب الله يحججه.قال الحسني عليه السلام: ولو أن رجلا حلف ليقتل فلانا وفلان ميت ولم يعلم به الحالف لم يلزمه شئ. قال المؤيد بالله قدس الله روحه : وسواء علم بموته أو لم يعلم لايلزمه شئ والوجه ما قدمنا وعند أبي حنيفه أنه إن حلف ليقتل فلانا وهو ميت ولم يعلم الحالف لم يلزمه شئ وإن كان عالما حنث وعلى هذا لو حلف ألا يكلم عبدالله حتى يأذن زيد فمات زيد قبل الإذن أنه لايحنث وإن كلمه بعد ذلك وهو قول أبي حنيفه ومحمد وقال أبو يوسف : صارت يمينه مطلقه ويحنث متى كلمه قال المؤيد بالله قدس الله روحه : والأقرب على مذهب يحيى بن الحسين أنه لايحنث إذا كلمه لإن العرف إذا كان زيد يصح منه الإذن فإذا لم يصح منه الإذن كان بموت سقطت اليمين.
257 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه>.
دل على أن من حلف ألا يفعل بعض الطاعات أن له أن يفعلها ويكفر وإن كانت من الواجبات لزمه قيامها وعليه الكفاره وبه قال أبو حنيفه والشافعي وذهب الناصر عليه السلام، إلى أنه لاكفارة عليه. والوجه ما قدمنا ولإنها يمين معقده فوجب فيها الكفاره.
فإن قيل: من حلف يمين على شئ فرأى غيره خيرا منه فليأته فإنه كفارته.(6/35)