191 خبر: وعن ابن عمر، أن عمر أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه، فقال: إني أصبت أرضا لم أصب مالا قط أحسن منها فكيف تأمرني؟ قال: إن شئت حبست أصلها، لا تباع ، ولا توهب، قال الرواي: وهو أبو عاصم، وأراه، قال: لا تورث، قال: فتصدق بها في الفقراء والقربى إلى آخر الحديث.
192 خبر: وعن ابن عمر، أن عمر إستشار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، في مال له ذكر موضعة، فقال صلى الله عليه: تصدق به تقسمم ثمره، وتحبس أصله، لا يباع ولا يوهب.
193 خبر: وعن عثمان، أنه اشترى بيرا، ووقفها على جميع المسلمين، وجعل دلوه فيها كبعض دلا المسلمين.
194 خبر: وعن عبدالرحمن بن عوف، أنه وقف.
دلت هذه الأخبار على جواز الوقف، إذا كان ............ إلى الله تعالى، وبه قال أكثر العلماء، وقال أبوحنيفة: لا يصح الوقوف المواقف الرجوع فيه إن شاء أو لو رد هتبه إن شاء.
ووجه قولنا، ما تقدم من الأخبار والإجماع فإن قيل روي عن شريح أنه قال: جاء محمد بتبع الحبس.
قلنا: المراد بذلك حبس الجاهلية/52/ الشائبة والوصيلة والحام، وعلى هذا يحل ما روي عن ابن عباس لا حبس بعد سورة النساء.
فإن قيل: روي أن عبدالله بن زيد الأنصاري جعل حائطا له صدقة، وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى أبواه إلى النبي صلى الله عليه، فجعلها لهما، ثم ماتا فورثها.(6/11)


قلنا: يجوز أن يكون المراد أن النبي صلى الله عليه، جعل عليها لأبويه، ثم صرفها بعد ذلك إلى الواقف، وذلك مما يجوز عندنا إذ ليس في الخبر أنه صلى الله عليه، ملكهما، ولا أنه ملكه بعد أبويه الأصل ويجوز أن يكون معناه أنه جعلها صدقة للفقراء على وجه التمليك لا على وجه الوقف، ثم ورثهما بعد موتهما عبدالله بن زيد كما روي أن رجلا أعطى أمه حديقة، ثم ماتت الأم فقال رسول الله صلى الله عليه وأهله: وخنت صدويك ورجعت إليك حديقتك، لا خلاف بين المسلمين إذ من جعل أرضه مسجد أيصلى فيه لم يجز الرجوع فيه، وكذلك من جعل أرضه مقابر المسلمين، وأبو حنيفة قد أجاز الوقف في الوصية، فيجب أن تقاس عليه ما خالف فيه.

195 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال:<الخيل ثلاثة، لرجل أجر، ولأخر ستر، على آخر.... فأما الذي له أجر فالذي يحمل عليها في سبيل الله>.
دل على أنه يقتضى جواز حبسها للحمل عليها في سبيل الله.
196 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <فأما خالد فقد حبس أدراعة وأفراسه في سبيل الله>.
197 خبر: وعن علي عليه السلام، وابن عباس جوز وقف الخيل في سبيل الله.
دلت هذه الأخبار على جواز وقف الأعتار من الجمادات والحيوان، وبه قال: الشافعي، وعند ابي يوسف ومحمد لا يجوز إلا في الخيل تحبس في سبيل الله، وكذلك البقر، والعبيد يوقف مع الضعة لمصلحتها، والوجه ما قدمنا، وقد اشتهر بين المسلمين، وقف المصاحف والكتب، فكذلك غيرها.
198 خبر: وعن علي عليه السلام، وعمر، وغيرهما من الصحابة، أنهم كانوا يلون صدقة أنفسهم، ولم يروا أنهم أخرجوها من أيديهم.
دل على أن الوقف يجوز، وإن لم يخرجه الإنسان من يده، وبه قال الشافعي، وأبو يوسف، قال محمد: لا يجوز إلا أن يخرجه من يده وهو مذهب الإمامية.
وجه قولنا، ما تقدم وقول النبي صلى الله عليه، لعمر حبس أصلها وسبل ثمرتها، ولم يأمره بإخراج أصلها من يده(6/12)


199 خبر: وقول النبي صلى الله عليه، <فأما خالد فوقف أدراعة، وأفراسه في سبيل الله>.
يدل على وجهين أحدهما أنه يستوى لفظ الحبس، ولفظ الوقف، والوجه الثاني أنه لا يصح إلا أن يقصد بها القربة، قول النبي صلى الله عليه، لا تباع ولا توهب، يدل على أن الوقف لا يرجع فيه، ولو كان مؤقتا، وقول يحيى عليه السلام، وأجازه أبو يوسف، وأبطله محمد، واختلف قول الشافعي فيه.
والوجه في جواز ذلك ان الوقف يستقر، ويصير وفقا لقول الواقف حبست لله أو وقفت لله وإن لم يذكر المصرف، وكذلك إذا ذكره، لأنه قد استقر بقوله حبست لله، وحديث عبدالله بن زيد الأنصاري يدل على أن رجلا لو وقف مالا على رجل مدة معلومة/54/ أنه يكون للموقوف عليه تلك المدة، لإإذا انقضت عاد المال إلى الواقف، ويكون وقفا، فإن وقفه على قوم بأعيانهم، أو رجل يعينه، وعلى أولاده، ولم يذكر فيه مصرفا، فإنه يكون للموقف عليه، ولوورثه، قال أبو يوسف: إذا انقرض أنه لا وقف رجعت إلى الله سبحانه مصروفه في وجوه القرب، قال الشافعي: يرجع إلى أقر الناس بالذي يصدق به، يفرق بذلك على أقاربه الغني والفقير، وقال في موضع آخر: يفرق على الفقير منهم، وقال: في حديث عبدالله بن زيد، قال لرسول الله مات أبواي فهل يحل لي؟ فقال صلى الله عليه: نعم فكلها هنيئا.
ودل الخبر على أن ورثه الواقف، إذا انقرضوا رجع الوقف إلى الواقف أوورثته ويكون وقفا.
200 خبر: وفي حديث آخرعن ابن عمر، أن عمر لما وقف أرضه بخيبر، قال: لا جناح على من دلها إن يأكل منه غير متمول وري غير متؤثل، ولم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه، ولا أحد من الصحابة، في حديث عثمان أنه اشترى بئر رومة، فوقفها على اليأس واشترط أن يكون دلوه كدلاء المسلمين وروي أنه استثنى بقعته ومونه عماله.(6/13)


دل على أن الواقف إذا استثنى لنفسه في الوقف شيئا جاز، قال القاسم عليه السلام: يجوز أن يقف الرجل ماله على نفسه وولده إذا كان في سبيل من سبل الله، وهو قول الهادي إلى الحق عليه السلام، وبه قال أبو يوسف، قال محمد والشافعي: لا يجوز والوجه ما قدمنا.
201 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، قال: الإكتساب من حلال جهاد وإنفاقك إياه على عيالك وأقاربك صدقة.
دل على أنه لو وقف على نفسه وعياله وقصد به القربة ولم .......... عن وارث جاز الوقف وكان صدقة.
قال المؤيد بالله قدس الله روحه: قوله سبيل من سبل الله.
دل من مذهبه على أنه لا يصح الوقف على مالا يجوز أن يتقرب به لأنه كالوقف على المعاصي أو ما يعين عليها، أو المباح المحض الذي لا يتقرب به، وليس كذلك وقف الإنسان على نفسه وولده إذا قصد به القربة.
قال المؤيد بالله قدس الله روحه: واختلف العلماء في وقف المشاع فأجازه أبو يوسف، وأبطله محمد، ولا نص فيه لأصحابنا والذي يصح عندي أنه يصح في المشاع ما تتأتى به القسمة، فإنه لا يصح وللشريك فيه الخيار في فسخه لأنه يؤدي إلى إبطال القسمة عليه، وذلك حق له إلا ترى أن الشفيع يبطل الوقف على المشتري لثبوت حقه في باب الشفعة فكذلك هذا.
قال المؤيد بالله: ويجوز بيع كل ما لا يجوز الإنتفاع به على الوجه الذي قصد إليه الإستهلاك عينه. وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والوجه فيه أنه لا خلاف في جواز بيع ثمن الأصول الموقوفة.
من باب العارية/55/
202 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <العارية موداة>.
203 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه استعار من صبوان بن أميه دروعا.(6/14)


دل على جواز العارية، ولا خلاف في ذلك ، وفائدة العارية أباحة النافع إلا أن تكون العارية جارية لا يجوز وطئها، ويجوز استخدامها ، وهذا مما لا خلاف فيه، ويدل على ذلك قول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظين إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}الأية.
204 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه قال: لا ضمان غير مستعير إلا أن يخالف.
دل على أن العارية لا تضن إلا....... يتعدى المستعير، وإذا ضن المعير المستعيرفتلفت ضمنها على كل حال، وهو قول القاسم عليه السلام، والناصر، وجعفر بن محمد عليه السلام، والظاهر أنه إجماع أهل البيت عليهم السلام، قال أبو حنيفة وأصحابه: هي غير مضمونة إلا بالتعدى، وقال الشافعي: هي مضمونة على كل حال، والوجه ما قدمنا، ولا خلاف في أن من استعار ثوبا للبس صلى أنه لا يضمن البلا كذلك إذا لم يبعد في الأمثل ولم يضمن .
205 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه استعار من صفوان بن أميه دروعا، فقال صفوان: أعارية أم غصبا، فقال النبي صلى الله عليه، عارية مضمونة.
دل على أن اشتراط الضمان فوجب الضمان ولو قيل أنه لا يوجب الضمان لكان تغريرا.
فإن قيل: روي العارية مضمونة.(6/15)

95 / 146
ع
En
A+
A-