دل على أنه ليس للرجل أن يهب أكثر من ثلث ماله وهو قول الهادي إلى الحق عليه السلام، في المنتخب وقال في الأحكام له أن يفعل في مالها ما شاء وجه قوله في المنتخب الخبر وقول الله تعالى: {والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} وقوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك...الأيه} فنهى عز وجل عن الإسراف فوجب القصد في ذلك وهو الثلث لئلا يحق جوار العصيه ولإن النبي صلى الله عليه نهى عن أخراج ما زاد على الثلث لئلا يلحق الورثه ضررا ...... ولا فصل بين أن يذهب المال في حياة الإنسان وبعد وفاته للضرر الواقع ووجه قوله في الأحكام إن كثيرا من الصالحين آثروا التخلى من أموالهم فلم ينكره منكر وقول الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} وهذا فإنما يكون فيما يقرب إلى الله تعالى فأما من لم يقصد القربه وقصد مضآرة بعض الورثه فقد نهى الله تعالى عن الإضرار. قال تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضآر} وقال تعالى: {لا تضآر والدة بولدها ولا مولود له بولده}.
177 خبر: وعن النعمان بن بشير، أنه أتاه نحلة غلاما فأنطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله، يشهده عليه فقال: <أكل ولدك نحلته> فقال: لا فأمتنع. وقال رسول الله صلى الله ، في بعض الأخبار: <أرتجعه> وفي بعضها : <اشهد عليه غيري> وفي بعض الأخبار إني لا أشهد إلا على حق.
دل على أنه لا يجوز إلا التسويه بين الأولاد في الهبه إلا أن يكون فيهمم من يره أكثر فيكون الزياده مكافأه له عليهم
ودل على صحة مما قاله يحيى في المنتخب ومما قاله السيدان أحمد ويحيى ابنا الحسين عليهما السلام من أن الصحيح عندهما ما قاله في الأحكام والمراد به إذا كان قربة ولم يكن فيه مضارة الوارث وإذا وهب للذكر وهو قوي وترك الأنثى وهي ضعيفه كان هذا خلاف لقول رسول الله صلى الله عليه: <إني لا أشهد إلا على حق>.(6/6)


178 خبر: وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله/50 / عليه: <ساووا بين أولادكم في العطيه فلو كنت مفضلا فضلت البنات>.
دل على ما قلنا ولا خلاف في هذا بين العلماء وإنما اختلفوا في كيفية التسويه فذهب أبو يوسف إلى أنه يساوي بين الذكر والأنثى في العطيه وقال محمد : يجب أن تساوي بينهم على حسب المورايث للذكر مثل حظ الأنثيين ولا نص ليحيى عليه السلام، في هذا إلا أن مسائله تدل على أن التسويه بحسب المواريث كما ذهب إليه محمد وفعله عليه السلام، يدل على المساواه بين الذكر والأنثى لإنه ساوى بينهم في صنعته بصعدة ووجهه أن لو مات ولم يعط لأستحقوا المال على هذا السبيل.
179 خبر: وعن جابر، قال: قالت إمرأه بشير لبشير: انحل ابني غلامك واشهد لي رسول الله صلى الله عليه، فأتى رسول الله صلى الله عليه، وحكى قول زوجته فقال صلى الله عليه: <أله أخوة> فقال: نعم. قال: <فكلهم أعطيته> قال: لا. فقال: <فإن هذا لا يصلح وإني لا أشهد إلا على حق> وفي بعض الأخبار: <لا أشهد على جور> قال: <أيسرك أن تكونوا في البر سواء>.
قال المؤيد بالله قدس الله روحه مؤكدا لما في الأحكام وقد ثبت عن عدة من أصحابه أنهم فاضلوا بين أولادهم في العطايا ولم ينكر ذلك أحد. فقال: وإنما يكره له أن لا يساوي بين أولاده ويؤمر فيما بينه وبين الله بالمساواه بينهم وبه قال أبو حنيفه وأصحابه والشافعي وحكى عن قوم متقدمين من أصحاب الحديث مثل ابن زاهويه ومن جرى مجراه إبطال ذلك وانهم يتعلقون بالروايات التي وردت في قصة النعمان بن بشير ولم يختلف في الخبر وإنما اختلف في تفسيره فقال قوم هو على وجه الكراهه وقال قوم ببطلان الزياده على ما تقدم.(6/7)


180 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أن رجلا قال له: يا رسول الله إني أعطيت ابنتي حديفه ومات ولا وراث لها غيري. فقال: <وجبت صدقتك ورجعت إليك حديقتك> أجمعت العلماء على أن الصدقه لا رجعة فيها وهي على وجهين: واجبه وغير واجبه. فالواجبه لا يجوز لغني ولا لبني هاشم والتي ليست بواجبه يجوز للغني ولبني هاشم والصدقة ما كان يراد بها وجه الله والتقرب إليه. قال الله تعالى في قصة أولاد يعقوب: {ويصدق علينا> ولم يكونوا فقراء وإنما ...... عطاء على سبيل التقرب فإذا كانت الصدقة لوجه الله ولم يكن فيها ظلم لإحد ولا يجتبي عن وراث فلا رجعة فيها إلا ما يتصدق به الرجل على ولده الصغير فله أن يرتجعها لمكان ولإبنه وعلى هذا يحمل ما روي لا يحل للواجب أن يرجع فيما ذهب إلا الوالد فيما وهب لإبنه ويدل عليه حديث النعمان بن بشير وقول النبي صلى الله عليه: <إرتجعها > وهو دليل أيضا على جواز الرجوع في الهبه قال القاضي شمس الدين رضي الله عنه: الرجوع في الصدقة فيه نظر والأقرب أن لا يصح وإن كان الولد صغيرا وعند المنصور بالله عبدالله بن حمزه يصح الرجوع سواء كان الولد صغيراً أو كبيراً /51 /.
من باب القول في رجوع الواهب في هبته
181 خبر: وعن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: <مثل الذي يسير دما وهب، كمثل الكلب تقئ > فإذا أستردّ الواهب فليوقف وليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب.
دل على أن الرجوع في الهبه مستقبح وليس بحرام لإن الكلب لا يحرم عليه الرجوع في قيئه.
182 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <الواهب أولى بهبته ما لم تثب>.
183 خبر: وعن ابن عمر، مثله وعن فضاله بن عبيد الأنصاري أنه استقبح الرجوع وابنته.
وهو قول زيد بن علي عليهما السلام.(6/8)


قال زيد بن علي عليه السلام: من وهب هبة فله أن يرجع فيها ما لم يكافء عليها وكل هبه لله أوصدقه فليس لصاحبها أن يرجع فيها. قال: ومن الهبه لله عز وجل الهبه للأقارب المحارم والمراد به إذا جعله صلة للرحم.
قال الهادي إلى الحق عليه السلام، في المرأه إذا وهبت لزوجها ما أخذته صداقاً منه: فليس لها الرجوع فيه إن كانت فعلت ذلك صلة للرحم كانت بينهما.
يدل على أن ابن العم، وابن العمة، وابن الخال، وابن الخالة من ذوي الأرحام عنده والرق عند أبي حنيفه رحم ولا أصل له لإن أحدا من المفسرين لم يحمل قول الله تعالى: {وإيتاء ذي القربى} على الزوجين.
من باب العمرى والرقى
184 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: <لاتعمروا ولاترقبوا فمن أعمر شيئاً أو أرقبه بالضم فيهما فهو للوارث إذا مات.
185 خبر: وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه، قال: <أيّما رجل أعمر عمرى له ولعقبة فإنها للذي يعطاها، لأنه أعطىعطاء وقعت فيه الموارث.

دل على أن العمري إذا كانت مطلقة أنه تحكم الهبة، وكذلكالرقبى، وإذا كانت مقيدة بوقت كان حكمها حكم مالعارية، قال أبو حنيفة: أن العمري بمنزلة الهبة، وإن الرقبى باطلة، وحكى عن ابن يوسف أن الرجل إذا قال: داري هذه لك رقبي إنها هبة، ويبطل قوله رقبي وحكى عن الشافعي قولا، قال في القديم يكون العري للمعمر حياته، ثم ترجع إلى المعمر، وقال في الجديد: هي عطيّة صحيحة، وحكى عن مالك مثل قول الشافعي في القديم.
وجه قولنا، ما تقدم من الأخبار.
186 خبر: وعن زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه، فعل العمري مثراثا.
187 خبر: وعن ابي سلمة، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله: <العمري جائزة لمن وهبت له>.
دل على أن العمري المطلقة هبة.(6/9)


فإن قيل: روي عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه، قضى في امرأة من الأنصار أعطاها إبنها حديقة نخل جانت ، وقال ابنها: إنما أعطيتها حياتها، فقال: هي له حياتها، وأموالها، قال: فإني كنت تصدقت عليها، قال: فكذلك أبعد لك ، قلنا هذا الخبر محمول عندنا على أن الخطأ كان مطلقا، وأن الإبن حاول إسقاطه بالدعوى فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم دعواه.
من باب السكنى
188 خبر: وعن البني صلى الله عليه، أنه قال: <العارية مرداة>
دل على أن رجلا لو دفع إلى رجل عرضة ليبني فيها ويسكنها، إلى وقت معلوم فبناها وسكنها إلى ذلك الوقت، فطالب الدافع بقوله العرضة حكم عليه بنقض بيانه وتفريغ عرضته، قال يحيى عليه السلام: فإن دفع إليه العرضة سكنا، ولم يؤقت له وقتا، فساها المدفوع إليه فطالبه الدافع بالعرضة قضى له بذلك وقضى عليه بقيمة بناية إن أحب المدفوع إليه، قال: وكذلك إن دفعها إليه إلى وقت فطالبه..............قبل ذلك الوقت، وهذه المسئلة الأخيرة لا خلاف فيها، قال أبو حينيفة: لا يغرم القيمة في المسلمين الأولتين، قال الشافعي: أنه يغرم في الوجوه الثلاثة، إلا أن يكون اشترط عليه القطع والدفع المؤقت عند انقضاء الوقت، وحكى مثل قولنا عن المربي.
وجه قولنا، أنه إذا دفع إليه سكنا مطلقا جرى ذلك مجرى الهبة، فإإذا طلبه بتفريغة، وجب أن يقوم بمالزمه من الضرر لضرورة، وأيضا فلم يكن الباني يمتعديا فوجب أن يضمن له كالبيع.
من باب الوقف
189 خبر: وعن النبي يصلى الله عليه، أنه وقف.
190 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، أنه وقف من ماله ببيع ووادي القرى وغيرهما، وإنه يصدق بها وكتب كتابا فيه، واشترط أن لا تباع، ولا توهب، ولاتورث، أنا حي أو ميت إلى آخر ما ذكره.(6/10)

94 / 146
ع
En
A+
A-