159 خبر وعن يحيى بن الحسين عليه السلام قال: بلغنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في رجل يموت وعنده مال مضاربة: إن سماه بعينه قبل أن يموت فقال: هذا لفلان فهو له وإن مات ولم يذكره فهو اسوة الغرماء ولا خلاف فهذه الجملة إلا ما ذكر عن القاسم عليه السلام أن الدين أولى إذا لم يكن معيبا.
وجه قولنا، أن الدين مضمون ومال المضاربة غير مضمون والصحيح ما ذهب إليه يحيى عليه السلام وهو قول اكثر العلماء.
من باب شركة السفل والعلو والشوارع ونحو ذلك
160 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: <لا ضرر ولا ضرار في الإسلام>.
161 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: <لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيبة من نفسه>.
دل هذان الخبران على أنه لا يجوز للشريك أن يضر بشريكه في وجه من الوجوه، وإذا كان سفل وعلو لشريكين فانهدم وأراد صاحب العلو أن يبني وجب على صاحب السفل بناء سفله، فإن امتنع وأعمر بناه صاحب العلو وكان في يده حتى يؤدي إليه صاحب السفل بما غرم فيه، وكذلك ما شابه ذلك من العيون والأنهار وغير ذلك، وإذا كانت الصوامع مضرة بدور المسلمين وجب هدمها.
فإن قيل: لم اجزتم للرجل أن يبني في داره ما شاء وإن كان مشرفا على جاره؟.
قلنا: لئن الصوامع بنيت لمصالح المسلمين، فإذا اضرت المسلمين زال الغرض الذي بنيت/43/ له من مصالح المسلمين، وليس كذلك بناء الرجل في داره وإنما يجب على جاره أن يستر على نفسه. وقول النبي صلى الله عليه: <لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيبة نفسه>. يدل على أنه لا يجوز منعه مما يزيد في ملكه إلا من الأمر الذي لا يمكن جاره الأخير أن منه أو تغلب على الظن أنه لا يمتنع منه كالحريق وإرسال الماء الغالب وأشباه ذلك.(5/71)


قال المؤيد بالله قدس الله روحه في حريم الأبار والعيون وهذا إذا التبس الأمر في الحريم أو كان حولها أرض مباحة فيمنع من أراد الإخباء في مقادير حريمها فأشار أذا كان حولها املاك معروفة فلا يمنع الملاك من املاكهم.
قال: وكذلك القول في تقدير الشوارع والأزقة والطرق.
من باب القسمة
162 خبر: وقول النبي صلى الله عليه: <لا ضرر ولا ضرار في الإسلام> يوجب القسمة إذا طلب ذلك الشركاء أو بعضهم ويمنع من قسمة مالا تتأتى فيه القسمة وأجاز يحيى عليه السلام قسمة الحاكم إذا كان بعض الشركاء صغيرا أو غائبا لدفع الضرر عن الشريك.
وقال القاسم عليه السلام: ولا بأس ببيع الماء في العيون والأنهار وقسمته بين الشركاء.
ووجه قوله عليه السلام: أنه لا خلاف في جواز القسمة فكذلك البيع والقسمة عندنا وعند اكثر العلماء بيع لأن حق كل واحد من الشركاء شائع في الجميع فإذا اقدر حقه كان قد جعل حق شريكه عوضا عما اعطاه.
فإن قيل: الماء مباح لقول رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله: <الناس شركاء في ثلاثة في الماء والنار والكلا> وما كان كذلك لم يجز بيعه؟.
قلنا: المراد بذلك ما قد جرت العادة من الغسل والوضوء والشرب لأنه لا خلاف في أنه لا يجوز للرجل أن يسقي زرعه بماء صاحبه إلا بإذنه فبان أنه لا يجري مجرى المباح.
من كتاب الرهن وحكم الرهن وباب حكم الرهن وتوابعه
163 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <لا يعلق الرهن ............... لصاحبه غنمة وعليه غرمه>.
دل على أن الرهن إذا تلف أن المرتهن يضمنه، وإن كل ما كان فيه من غلة أو زيادة أو كرى أو نما أو شبه ذلك فهو للراهن، وإن اجره من يسقيه ويزرعه إن كان مزروعا واجره من يرعاه إن كان مرعيا على الراهن، وإن المرتهن ليس له فيه غير امساكه وجبسه بحقه، وأنه ضامن له بحبسه. و الغلق في لغة العرب الهلاك. قال كثير:
بيت من الشعر في الصفحة 43 السطر الرابع من اسفل.
وقال زهير:(5/72)


بيت من الشعر في نفس الصفحة تحت البيت الأول.
يعني أنها ارتهنت عقله فقد تلف عقله، وهلك بمفارقته له ومعنى قول النبي صلى الله عليه/44/: <لا يغلق الرهن> لا يهلك ولا يصح حمله على هلاك العين لئن هلاك العين شاهد لا يمنع منه وإنما أراد لا مهلك حكمه ومعنى قوله: <لصاحبه غنمة> أي فوائده ومعنى قوله: <وعليه غرمه> أي مؤنته وما جرى مجرى ذلك وفائدة الرهن للمرتهن هي احتباس الرهن بحقه ولا تصح الرهن إلا توجب الحق وحضول الفيض ووقوع العقد أما وقوع العقد فلا خلاف فيه وأما وجوب الحق فلما ذكرنا أنه فائدته أن يحبسه بحقه، يؤيد ذلك قول الله تعالى: {فرهان مقبوضة} عقيب قوله: {وإذا تداينتم بدين} وأما حصول القبض فلقول الله تعالى: {فرهان مقبوضة}. وبه قال زيد بن علي وأبي حنيفة وأصحابه والشافعي. وقال أبو ثور يحصل بالعقد والآية بحجة والإجماع.
وقال الهادي إلى الحق عليه السلام، في الأحكام: ولا يصح رهن المشاع وبه قال أبوحنيفه وأصحابه وقال في المنتخب: يجوز رهن المشاع وهو قول الناصر عليه السلام، والشافعي ووجه قوله في الأحكام وهو الصحيح أن المشاع لايستدام فيه القبض ففسد رهن لعذر إستدلالية القبض ووجه قوله في المنتخب أن المشاع يجوز بيعه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه، عن بيع ما لم يقبض فصح أنه مما يصح قبضه وإذا صح قبضه صح عنه وحجة الأحكام أقوى لإن النبي صلى الله عليه، لم يجعل القبض صفه للمبيع لإنه إذا جعل القبض ثم البيع وليس كذلك الرهن لإن الله تعالى جعل القبض صفة للرهن حتى خرج عن القبض خرج عن كونه رهنا وإذا لم يستدام القبض خرج عن عكر القبض واحتباسه وقال يحيى عليه السلام في القبول إذا كان الرهن مما لاينتقل: أنه لايضمنه، والوجه أنه قائم بعينه وقد تعذر عليه قبضه فمن هاهنا انتقص الرهن ولم يضمن المرتهن.
من باب تلف الرّهن
164 خبر: وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، أن الراهن والمرتهن .....وإن الفضل بينهما.(5/73)


165 خبر: وروي أن رجلا رهن رجلا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفق عنده. فأخبر رسول الله بذلك فقال: <للمرتهن ذهب جعلك>.
دل هذا الخبران على أن المرتهن يضمن الرهن إذا تلف ويدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: <لايغلق الرهن> وقال أبو حنيفه وأصحابه أن مقدار الرهن مضمون فإن نقص عنهما لدين رجع المرتهن على الراهن بما نقص وإن زاد بطل.... في الرايد وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن عمر مثل هذا. وروي عن شريح الرهن بما فيه ولو خاتم من حديد. وقال الشافعي: الرهن غير مضمون وهو أمانه، وهو قول الناصر عليه السلام، وجه قولنا، ما تقدم من الأخبار ولإن الله تعالى قد فرق بين الأمانه والرهن فقال تعالى/45 /: {فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته}فصح أن الرّهن ليس بأمانه وإذا لم يكن أمانه كان مضمونا والصحابه مجمعون على أن الرهن مضمون وإنما اخمتلفوا في كيفية الضمان على ما ذكرنا والوجه ما تقدم وقوله صلى الله عليه، لصاحبه: <غنمه وعليه غرمه> ويدل على أنهما يترآدان الفضل وأن الزايد على الدين مضمون لإن صاحبه يغنم الزياده ويغرم النقصان وهو إذا كان الرهن ناقصا عن الدين وأيضا فإن الرهن يدل من الدين والدين مضمون فوجب أن يكون الرهن كله مضمونا كالدين ولما كان الثمن عوض المبيع والمبيع مضمون وجب أن يكون الثمن مضمونا فكذلك الراهن والدين.
فإن قيل: إن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: <لايغلق الرهن> ورد فيما كانت الجاهلية تفعله وذلك أنه روي أنهم كانوا إذا رهن الراهن شيئا قال للمرتهن: إن جئتك في وقت كذا وكذا وإلا فالرهن لك.(5/74)


قلنا: وهذا لاينتقض قولنا لإن الخبر إذا ورد في سبب لم يخرج قصره عليه وأما قول شريح الرهن بما فيه فقد أجمعت العلماء بعده على خلافه فإذا امتنع الراهن من إيفاء المرتهن حقه فعندنا وعند الشافعي وأبي يوسف ومحمد ببيع الحاكم عليه الرهن ويوفى منه المرتهن وقال أبو حنيفه يحبسه الحاكم حتى يوفيه فكذلك هذا ولإنه منصوب لمصالح المسلمين وإنصاف مظلومهم من ظالمهم واستيفاء حقوق الله منهم وتنفيذ أحكام الله قال يحيى عليه السلام في مسألة العتق : لو أعتق الرجل عبداً يساوي الفاَ وهو رهن بالف لم يعتق حتى يؤدي الراهن ما عليه ولو أراد بعد العتق وقبل الرهن بيعه أو هبته لم يجز ذلك وهو مذهب أبي حنيفه وللشافعي فيه قولان وجه قولنا، أنه قد اجتمع فيه وجهان قويان وهما الحريه احتباس المرتهن الرهن بحقه فمن قوة الحريه أن الشريك في العبد إذا أعتق حقه عتق على شريكه لإن العتق لا ينتقض ومن قوة الأحتباس بالدين أنه لا ينتقل من الرهن بإنتقال الملك وذلك أن الراهن إذا مات لم يستحق الورثه أخذ الرهن إلا بتسليم الدين فوجب أن يوقف حتى يسلم الدين. قال يحيى عليه السلام: ولو أن رجلا أعتق عبدا رهنه على الف وهو يساوي الفين والرجل ..... عتق العبد ووجب عليه الخروج من حق المرتهن وأبدأ له رهنا أخر وإن كان معسر أعتق العبد بمقدار الفاضل من الدين ..... عليه حق المرتهن على حسب ما يمكنه فإذا أدّى ما عليه عتق العبد وعند أبي حنيفه أنه يعتق العبد على كل حال ويخرج الراهن من حق المرتهن وقول يحيى عليه السلامم: إذا أدى ما عليه عتق العبد أنه يخرج من إحتباس المرتهن.(5/75)

92 / 146
ع
En
A+
A-