دلت هذه الأخبار على جواز الإستئجار وقد دلت على ذلك شرائع الأنبياء صلوات الله عليهم، وما حكى الله عنهم، قال عزّ من قائل في قول موسى لصاحبه: {لو شئت لأتخذت عليه أجرا} وحكى قول شعيب لموسى عليهما السلام: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج}. وقال صاحب يوسف: {ولمن جاء به حمل بعير}.فدل ذلك على أن الأستئجار كان في شرائعهم، وقال الله تعالى: {فإن أرصغن لكم فإتوهن أجورهن} وهو إجماع الفقهاء يتوارثه الناس سلف عن سلف، والإسيجار هو بيع المنمفع فوجب أن يفسده ما يفسد البيع من الجهالات والغرر، وعى هذا يجب أن يكون الأجرة معلومةلا خلاف في ذلك ، فإذا وجب ذلك وجب أن يكون ما تقابله معلوما كأن يكري الأرض للزرع ، والدار للسكني، والرجاء للطحن، ولا يلزم علم عدد من يسكن الدار ولا كم يطحن على الرسالين، ذلك يعسر ويتعذر ويحب أن يكون المدة معلومة، ويكون إنتهاؤها إلى وقت معلومم، وإن كان ابتدأوها غير معلوم، لم يفسد وكان من وقت وقوع العقد، هذا في الإجارة الصحيحة التي لا ينتقض إلا لعذر، فأما الإجازة الفاسدة فغنها تنتقض لعذر ولغير عذر وللأخير أجز مثله.
133 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <المؤمنون عند شروطهم>
دل على أن الأجارة الصحيحة لا تنتقض إلا لعذر، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: لا تنتقض للعذر.
وجه قولنا، أنه لو استأجر رجل رجلا يقلع له ظرسه، ثم عوفي أو استأجره على كي بعض جسده فعوفي قبل الكي، وقلع الظرس، أنه لا يحكم بإتمام ما استؤجر عليه فكذلك إذا أجر دارا ثم حبس في دين أو نفقة الهذان الإجارة تنقض.
134 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: منم استأجر أجيرا فليعلمه أجره.
دل على أن لأحرة تكون ممعلومة.
من باب الأجرة
135: وعن النبي صلى الله عيليه، أنه قال: <أعظط الأجير أجره قبل أن يخف عرفه.(5/61)
136 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: لا يتول لكم ربكم بلاثة أنا خصمهم من أتأجر أجير فاستوفى/37/ سنة، ولم يوفه أجره.
دل هذان الخبران على أن الأجرة تجب بعد إسيفاء المنافع، لأن الإجارة بيع المنافع، ولا خلاف في أن البائع لا يجب عليه تسليم المبيع إر بعد إستيفاء الثمن كذلك هذا.
137خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه نهى عن ربح مالا يضمن.
دل على منم استأجر شيئا بأجرة مممعلومة فليس له أن يؤاجره غيره بأكثر من أجرته التي استأجره بها إلا يأذن صاحبه، وبه قال: أبو حنيفة، وقال: فإن أجره بأكثر من الجرة كان الزايد لبيت المال، وقال الشافعي يجوز أن يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به، والوجه ما قدمنا، لأنه ربح مالم يضمن .
فإن قيل: من أين أجزتم إجارة المستأجر، وقدقلتم لا يجوز بيع مالم يقتض، وقلتم الإجارة بيع المنافع، والمنافع معدومة.
قلنا: هو في حكم المقبوض ليقبض المستأجر، ولم يكن بيع مالم يقتض، ولا خلاف في أنه يجوز أن تؤجر الشيء تمثل الأجرة المعلومة.
138 خبر: وعن محمد بن منصور بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: إحتجم رسول الله صلى الله عليه، وأمرني فأعطيته صاعا.
139 خبر: وعن ابنعباس، قال: إحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجرته.
دل على أن كسب الحجام جائزا.
140 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه أعطى شريحا قاضيه.(5/62)
دل على على أن مايرزق الإمام القاضي من بيت مال المسلمين جائز وما يأخذه القاضي من الإمام يجري مجرى ما ياخذه الإمام لنفسه، ولمن تحت يده من بيت مال المسلمين ليستعين به على ما ينهض به من مصالح المسلمين، ولا يجوز للقاضي أن يأخذ شيئا على الحكم من الخصمين، ولا من غيرهما، لأنه لا يحوز أن يأخذ الأجرة على أمر واجب عليه، ولا خلاف في ذلك ، و أنه لا يأخذه إلا على الظلم، أو على النصفة، ولايحوز أخذه على شيء من ذلك، وكذلك الهدية، وما يجرى مجراها، وبه قال أبو حنيفة: يقتضيه قول الشافعي وذهب بعض أصحابه قيل علي القفال إلى أن الأجرة على القضاء والشهادة جائزة إذا كانت مشروطة قبل الحكم وقد قدمنا ما يحجه
141 خبر: وعن رسول الله صلى الله عليه، قال: <أجرة الكاهن والنعي حرام>.
من باب ضمان الأجير
142 خبر: وعن القاسم عليه السلام، أنه قال: يون عسب الفحل إتباعا.... والأثر الوارد فيه مشهور.
143 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه كان يضمن الأجير المشترك ويقول لا يصح الناس إلا منه أو بغير جنايه، إلا أن يتلف بأخر غالب.
وتدل على أن الجير الخاص لا ضمان عليه، إلا ما تلف عنايته، وهو إجماع أهل البيت عليهم السلام، وبه قال: أبو يوسف،ومحمد، والشافعي، في أحد قوليه، وقال: في قوله الثني يضمن، وقال أبو حنيفة وسائر أصحابه، غير أبي يوسف، ومحمد لا يضمن الأجرة المشترك.(5/63)
والوجه فيه قول أمير المؤمنين عليه السلام، وحكمه وقوله حجه، لأنه اقل: لا يصلح الناس إلا ذلك فدل على أن سمع فيه عن رسول الله صلى الله عليه/38/ أثرا لأنه لا يعلم المصالح إلا الله والرسول بتعليم الله له، ولا يمكن أن يكون قال: ذلك رأيا، لأنه قطع أنه لا يصلح الناس إلا ذلك، ولأنه مضمونه عليه أحرته فوجب أن يضمن ما استؤجرعليه، ولأن الحفظ مظمون عليه، لأنه لا يأتي العمل إلا بالحفظ، وأما الأمر الغلب فلم يؤتى من جهه الحفظ، لأن الحفظ لا يعنى في ذلك شيئا، فلذلك قلنا: لا يضمن فأما الأجير الخاص، فلا خلاف في أنه لاضمن إلا ما يلف بجنابته، إلا ما ذهب إليه الشافعي في أحد قوليه، والوجه أنه لم يستحق الأجرة على العمل، وإنما استحقها على تسلمه نفسه ألاترى أن أجرته لا زمة، إذا سلم نفسه، وإن لم يعمل.
من باب المزارعة
144 خبر: وعن زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله صلى الله عليه، عن المخايرة والمجايره هي المزارعة بالنصف والثلث، وحكى عن أهل اللغة، وعن ابن الأعرابي، أنه قال: هو مشتق من خيبر، ثم صار لغة كما يقال، أعرق اللرجل من العراق، وأنجد من نجد.
145 خبر: وعن أبي الزبير عن جابر، أن النبي صلى الله عليه، نهى عن المخابرة.
146 خبر: جابر، قال سمعت رسول اله صلى الله عليه يقول من لم يذر المخابرة، فليأذن بحرب من الله ورسوله.
147 خبر: وعن جابر، وغيره أن اللنبي صلى الله عليه نهى عن كراء الزارع.
148 خبر: وعن رافع بن خديج، قال: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وأنا أذرع من الميقول، فقال: ما هذا؟
فقلت بذري ولي الشطر، فقال أذنبت رد الأرض إلى أهلها.
دلت هذه الأخبار على فساد الزارعة بجزء مما يخرج من الذرع، وكذلك المافاه، وبه قال أبو حنيفة، وقال زيد بن
علي: يصح المزارعة على جزء من الخارج من الأرض، وبه قال الناصر علليه السلام، وروته الإمامية عن جعفر بن(5/64)
محمد علهما السلام، وإليه ذهب أبو يوسف، ومحمد، وقول الشافععي مثل قولنا، إلا فيما كان من الأرض في أثنى
التحليل.
ووجه قولنا، ماتقدم، وما روى زيد بن علي عليه السلا، عن علي علييه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: <من استأجر أجيرا فليعلمه أجره، فإن شاء رضي، وإن شاء تركه، والزارع أجير، وكذلك المساقي، فوجب أن يكون الأجرة معلومة>
فإن قيل: أن النبي صلى الله عليه، أعطى خيبر بالنصف من الخارج.
قلنا: هذا يحتمل أحد وجهين، وهو أن يكون النبي صلى الله عليه أبقاهم على حكم اللفي فكانوا عبيدا للمسلين فاتقى النصف نفقات له، ويحتل أيضا أن يكون جعلهم ذممة، وأمرهم على الأرضين، وجعل نصف الخارج تميز له الجزية، وقد يجوز في الجزية من الجهالات ما لا يجوز في الإجازات، ويدل على أنه محمول على أحد الوجهين ما روي.
149 خبر: عن النبي صلى الله عليه، أنه ما أخذ من أهل خيبر الجزية، ولا أبو بكر، ولا عمر.
150 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال لليهودي: <أقركم ما أقركم الله>.
151 خبر: وعن/39/ النبي صلى الله عليه، أنه قال: <لهم في ذلك ما شيئا>، ولا خلاف في أن الزارعة، والمساقاه، بد فيهمما من القوقيت، وكذلك الأجرة في المزارعة لا بد أن يكون معلومة، ونهى النبي صلى الله عليه، عن الخاير، يحتمل أن يكون نهى أن يعمل في الزارعة كعمله بخيبر، فيكون منسوخ بذلك.
152 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه وظن على أهل نجران مؤنة الرسل عشرين يوماً وجعل عليهم عاريه ثلاثين درعاُ وثلاثين فرسا وثلاثين نعيما.(5/65)