دل على أن صرف ما في الذمة ............ بالنقد جائز إذا لم يفترقا وبينهما شيء ولم يكن ما في الذمة ممن ثمن الصرف ولا خلاف في هذه الجملة إلا ما روي عن ابن عباس من قوله: لا ربا إلا في النسيئة وروي أنه قد رجع عن ذلك وما ذكرنا من بيع الصحيح بالمكسر فإن الشافعي قال: لا يجوز ابتياع ديناران صحيحان بدينار مكسور ولا دينار صحيح ولا ديناران نيسأبوريان بدينار عتيق ودينار طوي. وقول أبي حنيفة مثل قولنا فإنه قال يجوز. والوجه ما قدمنا من قول النبي صلى الله عليه الذهب بالذهب مثلا بمثل وزنا بوزن فقال مثلا بمثل ثم زاد ........... فقال أو زنا بوزن فصح ما قلنا.
103 خبر: وعن محمد بن منصور يرفعه إلى ابن عباس أنه قال: إياك أن تشتري دراهم بدرا هم بينهما جديدة. قال محمد: يعني الذي يستحل به.
دل على أنه لا يجوز أن يدخل بين الصرف شيء للحيلة والتوصل إلى الربا كئن يشتري عشرة دراهم وجديدة بعشرين درهما والجديدة لا يبلغ قيمتها عشرة دراهم وليس ذلك لئن بالزيد لأنه لم يقصد به الربا والحيلة.
104 خبر: وعن الهادي ألى الحق عليه السلام قال: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه أنه أمر رجلا اشترى قلادة يوم خيبر مرصعة بالذهب فيها خرز مركب الذهب فأمره أن يميز بين خرزها وبين الذهب ويقلعه منه حتى يعرف ما فيها فيشتريه بوزنه من الذب فقال: إنما اشتريت الحجارة بالفضل بين الوزنين. فقال: <لا حتى يميز بينهما.................(5/46)
دل هذا الخبر: على أنه لا يجوز بيع سيف محلى بذهب بذهب حتى يفصل الذهب منه ويعلم كم فيه من الذهب، وكذلك إن كان محليا بفضة لا يشتريه بفضة حتى يعلم كم فيه من الفضة وليس ذلك كبيع الزبد باللبن لئن المتبايعين لو ميزا الزبد من اللبن لرضيا التفرق عليه لعلة، وليس كذلك السيف المحلى إذا ميزا الحلي منه لئن في الخبر أنه شرى العقد بعشرة دنانير وقد قال الله تعالى: {ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل} وقال: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} وعلى هذا/28/ لا يجوز بيع تراب معادن الذهب بالذهب، ولا تراب معادن الفضة بالفضة، فإن بيع تراب الذهب بالفضة كان المتبايعان بالخيار عندما يتبين الحال لئن فيه غررا ولا بأس ببيع تراب معادن الذهب بتراب معادن الفضة كما جاز بيع الذهب بالفضة جزافا والأصل فيه قول رسول الله صلى الله عليه: <إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ويجوز إن يباع السيف المحلى بالذهب بفضة، والمحلى بالفضة يذهب يدا بيد.
105 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من غشنا فليس منا>.
دل على أن الغش في الصرف يبطله وهو الخلط الذي يكون في الذهب من غير جنسه، أو في الفضة من غير جنسها، فإن كان فيهما ردي وهو من جنسهما لم يفسد الصرف وكان لمن وقع في يده رده وينقص الصرف في مقداره، ولا ينقص الباقي وعلى الذي اعطاه أن يبدله. قال أبو حنيفة: إن كان المبدل النصف انتقص الصرف، وإن كان اقل من النصف لم ينتقص. وقال الشافعي: لا يبدل وللذي اخذه الخيار إن شاء فسخ العقد وإن شاء رضي به وحده. وقول أبو يوسف ومحمد مثل قولنا والوجه ما قدمنا، وقولنا في الدراهم المكحلة كذلك يرد الذي اعطاهها وزن الكحل والصرف تام لا ينقص. وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: <فمن زاد أو ازداد فقد اربى>.
يدل على أن اسم الربا وحكمه واثم يقع على جميعهما الزائد والمزداد.(5/47)
106 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام قال: لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه ولا في الجاهلية للعرب ضرب دنانير ولا دراهم تعرف وإنما كانوا يتبايعون بالتبر دراهم معروفة أو أواقي مفهومة وكان الرطل الأول الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدني اثنى عشر أوقيه وكان كل أوقية أربعين درهما وكان رطلهم اربعممائة درهم وثمانين درهما بهذا الدرهم الذي في أيدي الناس اليوم .......... رطلم على ذلك والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه: <ليس فيما دون خمس أواقي من الفضة زكاة>. وقال: <ليس فيما دون مائتي درهم زكاة فعلمنا أن الأوقية كانت اربعين درهما>.
قال عليه السلام: ويقال أن أول من ضرب الدراهم في الإسلام عبدالملك بن مروان.
من باب السَّلَم
107 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من اسلم فليسلم في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم>.
دل هذا الخبر على جواز السلم إذا كان مضبوطا بهذه الشروط والصفات وقوله معلوما.
يدل على أنه يجب أن يعلم النوع والجنس والصفة وهو أن يسلم في تمر برني أو صحابي أو زاد ويكون حيدا أو رديا فالجنس هو التمر والنوع البرني أو الصحابي أو الأراذ أو الصفة أن يكون جيدا أو رديا، وأن يكون المكيال والميزان معروفين ومن شروطه تعجيل رأس المال وذكر المكان الذي يسلم فيه ليبعد عن الجهالات والغرر والخبر أيضا يدل على أن رأس المال يجوز أن يكون جزافا لأنه لم يشترط فيه ما شرط في المسلم فيه وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي في أحد قوليه، وقال أبو حنيفة. والشافعي في قوله الأخر: لا يجوز أن/29/ يكون رأس المال جزافا.
وجه قولنا، ما تقدم ونقيسه على اثمان سائر المبيعات فإن قاسوه على المسلم فيه.
قلنا: المسلم في يكون في الذمة ولا يصح ما في الذمة أن يكون جزافا بالعقد.(5/48)
وحكى عن زيد بن علي أنه قال لابد أن يذكر في السلم ثلاثة اثمان الأجل والمكان وصفة ما يسلم فيه. فعبر عن الجنس والنوع والصفة والمقدار ....... الصفة ولا خلاف أن المقدار في السلم يجب أن تعجيله، وإن اسلم فيهه يجوز تأجيله واختلف في المكان. فقال أبو حنيفة: يجب اشتراطه فيما له جمل ومؤنة ولا يجب فيهما ليس له حمل ولا مؤنة، ونحن نقيس ما ليس له حمل ومؤنة على ماله حمل ومؤنة، وأيضا فإنه يختلف سعر البلدان. وقال أبو يوسف، ومحمد: لا يجب اشتراط المكان سواء كان السلم له حمل ومؤنة أو لم يكن له حمل ومؤنة، وإلا ظهر من قول الشافعي وزفر والثوري مثل قولنا. أنه لابد من اشتراط المكان وهو ظاهر مذهب زيد بن علي عليهما السلام.
وجه قولنا، أنه لما بطل السلم بقول المسلم إليه: أو فيك متى شئت. وجب أن يبطل بقوله: أو فيك متى شئت. فاقتضى الأمر أن الجهالة وأيضا فإن اسعار البلدان تختلف والمكاييل والموازين في البلدان أيضا تختلف وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: <من اسلم فليسلم في كيل معلوم أو زون معلوم> أيضا فإن قيمة المسلم فيه تختلف لأختلاف البلدان وقول ابي حنيفة واصحابه في الأجل المعلوم مثل قولنا وهو قول زيد بن علي عليه السلام. وذهب الشافعي إلى أنهه يجوز إلى غير اجل معلوم.
وجهه قولنا قول النبي صلى الله عليه: <ووزن معلوم> المراد ب أو زون معلوم فصح أن كل شرط في الحال لا يكون سلما.
فإن قيل: روي خبر عن النبي صلى الله عليه أنه اشترى جملا بتمر موصوف في الذمة بقرب المدينة ثم ساقه إلى المدينة ووفى التمر ربا وهذا يدل على السلم الحال.
قلنا: التمر فيما يجوز ثبوته في الذمة وههو فيما ذكرتم كان بمنا فجرى مجرى النقود ولم يجر مجرى السلم ولئن المكيل والموزون إذا لاقى العروض صار ثمنا كالدنانير والدراههم ولم يكن ............. فلا يصح التعلق ب ولا خلاف أن المقدار يجب أن يكون مشترطا فكذلك الأجل.(5/49)
107 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه نهى عن الكالئ بالكالئ.
دل على أنه لايجوز تأخير رأس المال المسلم من المجلس فإن تأخر عن المجلس بطل ولا خلاف فيه إلا أن مالكاً أجاز ذلك يوما أو يومين ولم يجده في مدة طويله فلا معنى لقوله وقول النبي صلى الله عليه: <من أسلم فليسلم> يقتضي بتعجيل رأس المال. قال المؤيد بالله قدس الله روحه وأما الوديعة فالذي أحفظه عن العلماء أنهم أجازوا ف يها أن يكون سلما لإنها إذا كانت في يد المودع كانت مقبوضه ..... حاصله في يده والأقرب عندي أن مراد يحيى بن الحسين عليه السلام، في ذلك إذا لم يعلم في .... الوديعه في يده وجوز أن يكون قد استهلكت فتكون دينا فلا يجوز أن يجعلها سلما/30 /.
108 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه قال: من أسلم في طعام إلى أجل معلوم فلم يجد عند صاحبه ذلك الطعام فقال خذ مني غيره بسعر يومه لم يكن له أن يأخذ إلا الطعام الذي أسلم فيه أو رأس ماله وليس له أن يأخد من الطعام غير ذلك النوع.
دل على أن التصرف في السلم قبل القبض غير جائز إلا قليله فإنه يجوز وهي فسخ في السلم فلأن ما قلنا في سائر البيوع ويجوز الإقاله في الكل وفي البعض وبه قال أبو حنيفه والشافعي وقال مالك: يجوز في الجميع ولا يجوز في البعض والوجه أنها إذا جازت في الجميع جازت في البعض وبما نتبعض.
109 خبر: وعن ابن عمر، أنه قال: إن من الربا أبوابا لا يخفى منها السلم في ..... ولم ير وخلافه من غيره فجرى مجرى الإجماع.(5/50)