ودلت على أن الوزن مثل الكيل إلا اثمان الإشياء التي هي الذهب والفضة، فإن يجوز أن يشتري بها الموزون من غير الذهب والفضة متفاضلا ونسأً، ولا خلاف في ذلك فأما إذا بيع بعضها ببعض فلا وهي كما ورد النص فيها.
دلت الأخبار على أن الشيئين إذا لم يكونا مكيلين ولا موزونين وكانا من جنس واحد جاز بيع بعضهما ببعض متفاضلا، ولا يجوز نسئا لقول النبي صلى الله عليه: <لا بأس ببيع الفرس بالأفراس والنجيعة بالأبل إذا/12/ كان يدا بيد> فعلى هذا يجوز بيع ثوب بثوبين، وكذلك بيع كل جنس بجنسه إذا ...........، ولم يكونا مكيلين ولا موزونين يجوز التفاضل ويحرم النسأ كرمانة برمانتين وسفرجلة بسفرجلتين واشباه ذلك، والمعتبر بكيل الشيء أو وزنه.
فصل:................ نص رسول الله صلى الله عليه على التفاضل كيلا فهو كيل وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح. قال: وكلما نص على تحريمة وزنا فهو موزون أبدا. قال: وما لم ينص عليه فهو محمول على عادة الناس هذا من كلام الحنفية مرادهم يذكر أن الأشياء التي استقر الشرع عليها من الرسول صلى الله عليه وآله وهي الستة الأشياء المذكورة لا يعتبر فيها بعادة البلدان وإنما يعتبر عادة البلدان فيما لم يكن فيه نص منه صلى الله عليه وآله فأما ما نص عليه فلو اعتبر فيه العادة وكان مخالفا لنصه فلا يجوز العدول عن النص إلى ما هو دونه والله أعلم........... بعادة البلدان وما يعرف من حالها لئن الشرع تابع للعرف وقلنا أنه يرجع في الأيمان إلى العرف. وقال أبو حنيفة: مثل ذلك إلا فيما كان يكال في المدينة أو يوزن.
دلت الأخبار على أن الوزن مثل الكيل لقول النبي صلى الله عليه: <وكذلك الميزان>. وقال الشافعي: يجوز بيع الثوب بجنسه نسئا. وقول أبي حنيفة: مثل قولنا.
فإن قيل: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل. فدل على أن العلة هي الأكل.(5/21)


قلنا: هذا يخص جنسا واحدا من الطعام وقد روي أن طعامهم كان يؤمئذ الشعير، وروي عن أبي سعيد الخدري قال: كان طعامنا التمر والزبيب والشعير.
فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت: عشنا دهرا وما لنا طعام إلا .............التمر والماء، فأجزت اسم الطعام على الماء.
قلنا: هذا .......... على سبيل المجاز وقول النبي صلى الله عليه على الحقيقة فوجب أن يعترض نص النبي صلى الله عليه الذي هو موافق للعرف حقيقة بقول غيره على المجاز وقد روي.
58 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <من أسلم فليسلم في كيل معلوم> فجعل للكيل والوزن تأثيراً في صحة البيع.
فإن قيل: فد أحل الله التجاره على الراضي بقوله: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}.(5/22)


قلنا: ذلك فيما لم يرد فيه النهي وقد حكى الله قول شعيب عليه السلام: {أوفوا الكيل والميزان بالقسط ولاتبخسوا الناس أشيائهم} ثم أخبر الله بقولهم وردهم عليه: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءآباؤنا} وأن نفعل في أموالنا ما نشاء فبين أنهم نُهوا عما كانوا يفعلون في الكيل والوزن على وجه التراضي. وقول النبي صلى الله عليه: <بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم يداً بيدٍ>. يدل على أن الحنطة مع تبوعها جنس واحد وكذلك الأجناس وهذا الخبر يحجج مالكاً لإنه ذهب إلى أنه لايجوز بيع الشعير بالبر متفاضلا وجميع العلماء يخالفونه في ذلك. قال يحيى عليه السلام: ولابأس ببيع الحيوان بحيوان مثله. أو خلافه مع نقد يداً بيدٍ. والمراد بقوله يداً بيد الحيوان/14 / فأما النقد الزايد على الحيوان فإنه يجوز أن يكون نساءاً لإنه ليس من جنس الحيوان والأصول تدل على ذلك وقوله عليه السلام: لايجوز بيع حيوان بحيوان من غيره جنسه، نساءً لكثرة بغاوته واختلافه كما قال في السلم وبه قال أبو حنيفه وما لا يثبت الحيوان في الذمه وكذلك عندنا، وقال أصحابه لايثبت في الذمه إلا في ثلاثه في المهور، والركوه، الذمه وذهب الشافعي إلى جواز ذلك.
59 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه، عن بيع اللحم بالحيوان.
دل على أن بيع اللحم باللحم لا يجوز على قياس ما تقدم وأنه إذا اجتمع فيه الجنس والوزن لم يجز بيعه إلا مثلا بمثل يدا بيد وإذا اختلف الجنسان جاز التفاضل وحرم النسأ وبذلك بالبانها وشحومها والإبل كلها جنس واحد والبقر كلها جنس الأهليه منها والجواميس وبقر الوحش والغنم كلها جنس واحد والضآن والمعز أي جنس كان.(5/23)


60 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه نهى عن المحاقله وقيل أنها بيع الحب القائم بالحب المحصود. لاخلاف في ذلك. قال الهادي إلى الحق عليه السلام: ولايجوز أن تشتري اللبن الرائب بالزبد إلا أن يكون الزبد الذي في اللبن اقل من الزبد المشترى به فيكون الزبد الذي في الرائب بمثله من الزبد المشترى وبه والزايد من الزبد المشتري به ثمنا للبن.
قال السيد المؤيد بالله قدس الله سره: وعلى هذا لايجوز بيع البر في سنبله ببر مثواه إلا أن يكون البر المشترى به أكثر من البر الذي في سنبله فيكون البر الذي في سنبله بمثله من البر المشترى به والزايد من اللبن المشترى به ثمنا للسيل إن كانت له قيمه على سبيل الزبد الرائب وإن لم تكن له قيمه فإنه يفسد البيع وبه قال أبو حنيفه وأصحابه والشافعي يخالفنا في ذلك. قال الشيخ محمد بن ابي الفوارس رحمه الله في التعليق والأقرب على عادة بلدنا أن لا قيمه له يعني السنبل وروي عن زيد بن عليه عليهم السلام مثل قولنا والقول في بيع الزيت بالزيتون والدهن بالسمسم مثل القول في الزبد بالرائب.
فإن قيل: روي عن فضاله بن عبيد أنه اشترى يوم خيبر قلاده فيها ذهب بالذهب الذي في القلاده أكثر من الثمن وقد روي عن فضاله بن عبيد أنه قال: اشتريت قلاده فيها ذهب وفرز يوم خيبر بإثنى عشر دينارا ففصلها فوجدت فيها اثنى عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه، فقال: <لاتًباع حتى تفصل> فكان النهي الذي ذكرناه.
61 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه، عن المزابنه وهي: أن يبيع الرجل رطبا بتمر مثلا بمثل أو يبيع تمرا في روؤس النخل يخرصه تمرا.
62 خبر: وعن زيد بن عياش، عن سعد بن أبي وقاص، قال: شهدتُ رسول الله صلى الله عليه، سئل عن الرطب بالتمر. فقال صلى الله عليه: <إنتقص الرطب أو أحف> قالوا: نعم. قال: <فيه إذن/15 / ...........(5/24)


دل هذا الخبر على تحريم بيع الرطب بالتمر. وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي، ومالك، وقال أبو حنيفه: هو جائز.
وجه قولنا، ما تقدم من النص ولإن النبي صلى الله عليه، نبّه على العله وهي النقصان.
فإن قيل: قد طعن في حديث زيد بن عياش بأن قيل لامعنى لإستفهام النبي صلى الله عليه، هو معلوم ضروره.
قلنا: ذلك ليس بإستفهام وإنما هو تقرير وقد قال الله تعالى لموسى عليه السلام: {وما تلك بيمينك يا موسى} اراد تقريره على أنها عصا ليريه ما يفعل فيها.
فإن قيل: فقد روي عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه، عن بيع الرطب بالتمر نسيه فدل على أن علة المنع هو النسأ.
قلنا: يجوز أن يكون نهى عن بيعه نسيه وعن بيعه مثلا بمثل وهذا لا يعترض ما ذهب إليه.
63 خبر: وعن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه، نهى عن بيع التمر بالرطب أو بالتمر، وعن بيع العنب بالزبيب كيلا.
دل على ما ذهب إليه.
فإن قيل: روي عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه كره بيع التمر الحديث بالعتيق وإن كان فيه فضل رطوبه فكذلك أنواع التمر.
قلنا: ذلك قدر يسير في التفاوت لايعتبر به لإن مثله يكون في المكيل والموزون وليس كذلك حال الرطب إذا حفّ لإنه ينتقص.......فلا خلاف أنه لايجوز بيع دقيق الحنطه بالحنطه لما بينهما من التفاوت فكذلك التمر بالرطب وليس كذلك العجين والخبز لإنهما قد خرجا عن الكيل ونفي الجنس فجاز بيع الخبز أو العجين بالبر أو بالدقيقق من البر متفاضلا وحرم النسأ.(5/25)

82 / 146
ع
En
A+
A-