وقوله صلى الله عليه: <قل لا خلابة> المراد به الفعل دون القول، فإن لم يعرف المتابيعان قدره جاز البيع.
21 خبر: وعن النبي صلى الله عليه قال: <الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبراء دينه/7/ وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام>.
22 خبر: وعن الناصر الحسن بن علي بن الحسين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن الحسين، عن علي بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد عليهم السلام يرفعه قال: الوقوف عند الشبهة خير من الإقتحام في الهلكة.
دل على أنه يكره مبايعة الظالمين.
23 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من باع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع>.
24 خبر: وعن علي عليه السلام مثله.
دل على أنه لا يجوز بيع العبد ولا شراءه إلا بإذن سيده. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه. وقال في القديم: يجوز. وهو قول مالك.
وجه قولنا، قول الله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} وقوله تعالى: {ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم} فنبة الله على أن العبيد لا يملكون شيئا ولو ملكوا شيئا لكان لنا شركاء فيما رزقنا الله، ولما كان للآية فائدة، ولأنه قال: {وله من في السموات والأرض كل له قانتون} إلى قوله: {مما ملكت أيمانكم} فمثل هذا المثل أنه لا يشاركه عبيده في خلقه كما أن عبيدنا لا تشاركنا فيما رزقنا.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وانحكوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله؟.
قلنا: الغناء هاهنا هو النكاح قال الله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنهم الله من فضله}.
فإن قيل: فقد روي خبر عن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من أحيى أضا ميتة فهي له> ولم يستثن عبدا من حر.(5/11)
قلنا: ليس العبد المحيي لئن كسبه لمولاه، وكذلك لواحياها الأجير اجبره بالأجرة لم يكن للأجير لما كان المحيي هو المستأجر دون الأجير ولا خلاف أن العبد لا يملك بالأرث والغنم فكذلك سائر الأملاك.
25 خبر: وعن بكار العبدي قال: ارتفع رجلان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: غلامي بأمير المؤمنين ابتاع من هذا بيعا وإني رددت عليه فأبى أن يقبله. فقال علي عليه السلام: أبعثت غلامك بالدراهم ليشتري لك ........... قال: نعم. قال: قد أجزت. عليك شراءه.
دل على ما قلنا.
26 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه نهى عن بيع المضامين وهو بيع ما يتضمنه الشيء خلقة.
دل على أنه لا يجوز بيع الرطاب والبقول إلا ما ظهر منها وعرف. وقال به أبو حنيفة والشافعي.
وحكى عن مالك أنه قال: يجوز بيع مالم يظهر تابعا لما ظهر.
وجه قولنا، ما ورد من النهي عن بيع الغرر، وعن بيع الإنسان ما ليس عنده، وهذا ما تضمنه الأرض والأشجار، ولا خلاف أنه لا يجوز بيعه إذا لم يظهر منه شيء فكذلك إذا ظهر بعضه.
27 خبر: وعن عمرو بن دينار؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: نهى النبي صلى الله عليه عن بيع التمر حتى يبدو صلاحها.
28 خبر: وعن انس، أن النبي صلى الله عليه قال: <لا تبايعوا الثمار حتى تزهوا قلنا وما تزهوا قال: تحمر أو تصفر أرأيتم إن منع الله الثمرة بما يستحل/8/ أحدكم مال صاحبه>.
29 خبر وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه مثله.
وبه قال ابن أبي ليلى واجاز بيعه أبو حنيفة. وقال الشافعي إن اشترط القطع جاز وهو قول زيد بن علي عليه السلام.
وجه قولنا، ما تقدم من الأخبار.
30 خبر: وعن سمرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه عن بيع الستير. ولا خلاف في ذلك. قال القاسم عليه السلام: وكذلك القول في ورق التوت.
31 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه نهى عن بيع اللبن في الضروع.(5/12)
32 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه نهى عن بيع الملاقح، وعن بيع حبل الحبلة.
دل على أنه لا يجوز بيع الولد في بطن أمه، ولأنه من المضامين، وكذلك اللبن، وبه قال أبو حنيفة. وما روي من النهي عن بيع الغرر يدل على أن بيع البهيمة واستثناء جلدها أو عضو منها لا يجوز إلا أن تكون قد ذبحت لأنها إذا لم تكن مذكاة تعذر التسليم، وكان ذلك غررا، وكذلك بيع الصوف على ظهر البهيمة لا يجوز إلا أن تكون مذكاة لأن ذلك غرر إذا كانت حية لأنه لا يوصل إلى استيفائه إلا بإيلامها، وكذلك من باع بهيمة واستثنا أرطالا منها يكون البيع غررا لا يجوز إلا به لا يدري كم الباقي، فإن استثنى عضوا معلوما كالكبد والكرش أو غير ذلك وكانت قد ذبحت قبل البيع جاز ذلك لأنه لا غرر فيه، وكذلك من باع ناقة واستثنى ولدها إن ذلك جائز ولا غرر فيه لئن الناقة غير مجهولة وجهل المستثنى لا يرش في المستثنى منه لئن البيع لم يقع إلا في المستثنى منه ولا خلاف في أن الولد الذي يكون في بطن امه يجوز أن يوصى به، ويجوز أن يعتق فكذلك يجوز إن استثنى عن البيع وذهب اكثر العلماء إلى أنه لا يجوز بيع الناقة واستثناء ولدها.
وجه قولنا، ما تقدم وقول الله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}.
33 خبر: وعن النبي صلى الله عليه: أنه قال: <لا ضرر ولا ضرار في الإسلام>.(5/13)
دل على أن انسانا لو باع ناقة واستثنى ولدها إن على المشتري أن يمكن الفصيل من اللباء من رضعة إلى ثلاث رضعات لدفع الضرر عن الفصيل وإحيا النف0س، وأيضا لا خلاف في أن من خاف على نفسه التلف من الجوع أن له أن يتناول من طعام الغير ويضمنه، ويجب على صاحب الطعام تمكنه. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: ويجب أن يضمن البائع للمشتري قيمة ذلك اللبن، وإن لم يكن منصوصا لئن استباحة مال الغير بلا غرض لا يجوز، وليس كذلك الامرأة لئن ارضاعها لولدها من الدين، وهو واجب عليها ولا عوض في الواجب لأمر الله تعالى. قال يحيى عليه السلام في المنتخب: ولا بأس أن تباع الأرض ويستثني زرعها والنخيل ويستثني ثمرها، أو الشاة ويستثنى لبنها، ولا بأس تباع الجارية ويعتق ما في بطنها. المراد بقوله ولا بأس أن تباع الأرض ويستثنى زرعها: أحد وجهين إما عبر عن الأشجار بالزرع فيكون معناه لا بأس ببيع الأرض واستثناء شجرها، أو يكون أراد من باع/9/ أرضا مع ما فيها من الزرع ثم استثناء شيئا من جملة الزرع لئن الإستثناء لا يكون إلا فيما لولاه لدخل في جملة المستثنى منه والزرع لا يدخل في بيع الأرض إذا لم يكن مشروطا.
34 خبر: وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلان الكاهر.
35 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام، قال: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه، أنه قال: <من اقتنا كلبا لغير درع أو ضرع، أو كلب ضاري نقص كل يوم من أجرة قبر أطاب.
36 خبر: وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <ثمن الكلب حرام>.
37 خبر: وعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه، نهى عن ثمن الكلب، وإن كان ضارا.(5/14)
دلت هبذه الأخبار على أنه لا يجوز بيع الكلب، وقال القاسم عليه السلام: إلا أن يكون كلبا ينتفع به في رع أو ضرع، أو صيد، قال: ولا بأس دفع المهر، قال المؤيد بالله قدس الله روحه:، وكنا نرى رأينا أن يبنى قول يحيى عليه السلام: في تحريم ثمن الكلب على قول القاسم عليه السلام، إلا أن يكون كلبا ينتفع به في زرع أوضرع أوصيد. قال المؤيد بالله ولا بأس بدم الهر. قال االمؤيد بالله قدس الله روحه وكما ارى رأينا أن ....قول يحيى عليه السلام في تحريم ثمن الكلب على قول القاسم عليه السلام، ثم تأملنا فضل تأمل فلم نجد في كلام يحيى عليه السلام، ما يقتضي ذلك فكان الأولى أن تتكون المسألة خلافا بينهما وللشافعي قولان أحدهما يجوز والثاني لايجوز وذهب مالك إلى أنه يكون للكلب قيمه ولا عزله. وجه قولنا، : مما تعدم من الأخبار.
فأن قيل: في وقت أمر النبي صلى الله عليه، بقتل الكلاب ثم لما نسخ ذلك بأن أذن النبي صلى الله عليه، في إقتناء كلب الماشية والزرع والصيد.
قلنا: الأذن إنما ورد في الإقتناء ولم يرد في البيع شئ من الأخبار فلم تنسخ تحريم بيع الكلب وقد روي عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه، أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أوكلب ماشيه. فدل ذلك على سقوط ما أدعوه من النسخ ولإنه نجس الذات فحرم بيعه بالعذره وسائر النجاسات.
38 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه، عن بيع الذره والخنزير والخمر.
دل على أن بيع كل نجس حرام ولاخلاف في ذلك إلا ما حكى عن أبي حنيفه أن الدهن والنفط إذا وقع فيهما شئ وفيما أشبههما نجسه جاز بيعه مع البيان. وجه قولنا، قوله تعالى: {حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} وقوله: {إنما الخمر والميسر... إلى قوله: فاجتنبوه} والمنع والتحريم يتعلقان بالتصرف على كل وجه.(5/15)