بسم الله الرحمن الرحيم

من كتاب البيوع
1 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، أنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه، وأهله عن ربح ما لم يضمن، وبيع ما لم يقبض صح.
2 خبر: وعن حكيم بن حزام، أنه سأل النبي صلى الله عليه، وأهله فقال: إني اشتري بيوعاً فما يحل منها. فقال: إذا اشتريت شئا فلا تبعه حتى تقبضه.
3 خبر: وعن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وأهله، نهى أن تباع السلعه حيث تباع حتى يجوزها التجار إلى رحلهم.
4 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: لا تبع ما ليس عندك.
دلت هذه الأخبار على أن من باع شئا قبل قبضه من بايعه فالبيع فاسد. ويحتمل أن يكون المراد به أن لا يوجب إستقرار الملك لإنه لو تلف من مال البائع، ويحتمل أن يكون بيعه يبطل إذا لم يكن قبضه فيما يصح قبضه في الحال وفي المال إذ لو لم يقبضه أصلا يبطل بيعه في الحال، وبه قال أبو يوسف في أحد قوليه، ومحمد، والشافعي، أعني فساد بيع ما لم يقبض. وقال أبو حنيفه مثل ذلك. إلا فيما لا يحول ولا ينقل مثل العقار والضياع، وقال مالك: يجوز بيع ما لم يقبض إلا في الطعام.
وجه قولنا، ما تقدم من الأخبار وأيضا فإن علة أبي حنيفه في قوله: أن العقار والضياع لا يتأتى فيها القبض على الحقيقه ويفسد علته قوله هذا أنه يجوز رهنها وهبتها وهو يقول لا تصح الهبه إلا أن تكون مقبوضه وكذلك من اشترى دارا أو ضياعا ولاخلاف أن المطالبه بتسليمها واجبه وإذا فسد البيع في الطعام وفيما ينقل فسد في غيره.
قال يحيى عليه السلام: ولو كان المبيع عبدا فأعتقه المشتري كان العتق مردوداُ.
وقال أبو العباس الحسنى رحمه الله: ولو أعتقه البائع الأول صح العتق ولو قبضه المشتري الثاني من عند البائع الأول ولم يكن المشتري وفّر إليه الثمن أو قد قبضه من عنده بغير إذنه ثم أعتقه كان العتق مردوداُ.(5/1)


وعلى هذا لو قبضه المشتري الثاني من البائع الأول بإذنه ثم أعتقه يكون العتق صحيحا وإن قبضه منه بغير إذنه وقد وفر الثمن إليه ثم أعتقه المشتري صح العتق. لإن البائع له أن يحبسه ليوفر الثمن إليه فإذا وفر إليه الثمن فلا حق له بحبسه فيه.
وقد دل كلام يحيى عليه السلام في المنتخب على أن البيع الفاسد يملك به المبيع إذا قبض وأنه نص في الإيمان على أن من حلف أن لا يبيع ولا يشتري فباع بيعا فاسداً. يجوز فيه العتق والهبه أنه يحنث. فدل على أنه يوجب ثبوت الملك بالقبض في البيع الفاسد وبه قال أبو حنيفه، وأصحابه، خلافا للشافعي.
وجه قولنا، أن البائع يستحق البذل على/2 / المشتري بتسليطه عليه عن عقد فأشبه البيع الصحيح ولاخلاف في أن من اشترى شرآءً فاسدا وقبض المشتري المبيع فتلف في يده أن بائعه يستحق عليه البدل.
فإن قيل: قد ثبت أن القبض المنفرد عن العقد لا يوجب التمليك فوجب أن لايوجبه إجتماعهما؟.
قلنا: الشيئان لا يوجب كل واحد منهما امراً على الإنفراد، فإذا اجتمعا أوجبا الملك، إلا ترى أن النكاح الفاسد لا يوجب مهرا إذا انفرد عن الوط، فكذلك الوط إذا انفرد عن العقد، فإذا اجتمعا أوجبا المهر ولحوق الولد بالواطي، فكذلك إذا اجتمع العقد الفاسد، والقبض في المبيع، وتحصيل المسئلة: أن البيع الفاسد إذا اتصل به القبض جاز للمشتري التصرف فيه من البيع والهبة والعتق، فإن كان المبيع جارية لم يجز وطئها لا ..... لم يجز له التصرف إلا بتسليط المشتري له، ولا يجوز تسلتطه في الوط خاصة، ولكل واحد من البائع والمشتري خسر البيع الفاسد ما لم يخرج من يد المشتري بوجه من الوجوه، فإن خرج عن يده ببيع أو هبة أو عتق فلا خسران فيه.
4 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه عن بيع الصدقة حتى يقبض، وعن بيع الخمس حتى يحاز.(5/2)


دل على أن المخرج لا يكون صدقة حتى يقبضه صاحبه، وإنما أجري عليه اسم الصدقة والخمس على التوسع.
فإن قيل: فقد اجزتم البيع الموقوت فلم لم تجيزوا بيع الصدقة والخمس قبل القبض؟.
قلنا: لئن مالكهما غير معين ولو تلفا كان من مال المخرِج ولم تسقط عنه الصدقة ولا الخمس.
5 خبر: وعن ابن عباس قال: ذكرت مارية أم إبراهيم عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه. فقال: <اعتقها ولدها وإن كان سقطا>.
6 خبر: وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه: <إذا ولدت جارية الرجل منه فهي له متعة حياته فإذا مات فهي حرة>.
7 خبر: وعن ابن المسيب قال: أمهات الأولاد لا يبعن ولا يجعلن من الثلث قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه.
8 خبر: وعن خوات بن جبير، عن النبي صلى الله عليه ...............................
9 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: لا تباع أم الولد.
دلت هذه الأخبار على تحريم بيع أمهات الأولاد. وبه قال عامة العلماء من أهل البيت عليهم السلام وغيرهم وذهب الناصر عليه السلام، والإمامية إلى جواز بيعهن واستدلوا بما روي عن علي عليه السلام أنه قال: اجتمع رائي ورأي عمر في جماعة من المسلمين على عتق أمهات الأولاد ثم رأيت أن أرقهن. وفما روي عنه عليه السلام أنه قال: استشارني عمر في بيع امهات الأولاد فرأيت أنا وهو إذا قد ولدت اعتقت وقضى به عمر حياته وعثمان بعده، ولما رأيت الأمر من بعدهما رأيت أن أرفها والخبران محمولان عندنا على أنها مملوكة لسيدها/3/ مدة حياته فإذا مات عتقت، وله أن يعتقها في حياته وليس له أن يبيعها فيكون المراد بقوله رأيت أن أرقها لسيدها مدة حياته ولأنه عليه السلام قال: اجمع رائي ورأي عمر في جماعة من المسلمين على عتق امهات الأولاد، ولا يجوز أن يخالف الإجماع.
فإن قيل: روي في بعض الأخبار ثم رأيت أن ابيعهن؟.(5/3)


قلنا: يحتمل أن يكون الذي سمع قوله رأيت أن ارقهن فرواه على ما وقع في ظنه، ولم يفرق بين اللفظين.
فإن قيل: روي عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام: أنه كان يقول إذا مات سيدها وله منها ولد فهي حرة من نصيبه لئن الولد قد ملك منها شقصا؟.
قلنا: يحتمل أن يكون الولد له منها من قبل أن يملكها.
فإن قيل: روي عن ابن مسعود ما يدل على خلاف ذلك فإن روى عن زيد بن وهب. قال: مات رجل من الحي وترك أم ولد فأمر الوليد بن عقبة ببيعها، واتينا ابن مسعود فسألناه فقال: إن كنتم لا .......... فاعلين فاجعلوها في نصيب ولدها؟.
قلنا: هذا يدل على أنه لم يرض ببيعها ولا حجة لهم فيه.
فإن قيل: فقد روي عن زيد بن علي عليهما السلام ما هو أوضح من هذا وهو أن رجلا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين إن لي أمة ولدت مني أفأهبها لأخي. قال: نعم. فوهبها لأخيه فوطئها فأولدها، فأتاه الأخر فقال: أهبها لأخ لي آخر. قال: نعم. فوطئوها جميعا؟.
قلنا: أما الأول فيجوز أن يكون إستيلاده لها قبل الملك ثم ملكه قبل الولادة وهذه عندنا يجوز بيعها وهبتها فجاز أن يهبها لأخيه، وأما الأخ الثاني فيجوز أن يكون أراد بالهبة النكاح بعد أن اعتقها، ولأنه يجوز أن يعبر بالهبة عن النكاح، وقد قال تعالى: {ومرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} مع أنهم في بيع الحامل فرقتان: فرقة قالوا: لا يجوز. وفرقة: قالوا يجوز مع استثناء الولد، فوجب أن يكون الحامل في ذلك كالحامل.
10 خبر: وعن أبي سعيد الخدري. قال: بينما هو جالس عند النبي صلى الله عليه إذْ جاءه رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله إنَّا نصيب سبيا وتحب الأثمان فكيف ترى في العزل؟ فقال النبي صلى الله عليه: <لا عليكم ألا تفعلوا ذلك> فإنها ليست بسمة كتب الله عز وجل أن تجرج إلا وهي خارجة.(5/4)


دل هذا الخبر على صحة ما قلنا لأنه لو كان بيع أم الولد حائز مع الإستيلاد لقال صلى الله عليه: ليس الإستيلاد مما يمنع الثمن. فدل على تحريم بيعهن.
وقول النبي صلى الله عليه: <أعتقها ولدها وإن كان سقطا>.
يدل على أنها إذا اسقطت مضغة أو شبهها مما تبين فيه أثر الخلقة أنها صارة أم ولد ولسيده إذا كانت الولادة منه في ملكه، وإن كان العلوق منه في غير ملكه ثم ملكها قبل الولادة يكون له أم ولد، ولو ملكها بعد الولادة لم تكن له أم ولد. وبه قال الشافعي. قال أبو العباس الحسني رحمه الله: إن اشتراها بعدما ولدت منه تكون أم ولده، وبه قال أبو حنيفة.
وجه قولنا، ما رواه ابن عباس عن/4/ النبي صلى الله عليه من قوله: <إنما أمه ولدت من سيدها فهي حرة بعد الموت>.
دل على أن الولادة في ملك سيدها وعلى المعتبر الولادة دون العلوق لأنه لم يفصل بين أن يكون العلوق في ملكه أو في ملك غيره.
11 خبر: وعن جابر قال كان في المدينة رجل اعتق غلاما له قبطيا عن دبر منه ثم أتى النبي صلى الله عليه فذكر له الحاجة فأمره أن يبيعه فباعه بثمان مائة درهم من نعيم بن النجام.
12 خبر: وعن جابر أن رجلا اعتق غلاما له عن دبر منه ولم يكن له مال غيره فأمر به النبي صلى الله عليه فبيع.
دل هذا الخبر على أن بيع المدبر يجوز من الضرورة وإذا لم تكن ضرورة لم يجز بيعه.
وقال الناصر عليه السلام والشافعي: يجوز بيعه على كل حال. وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيعه بحال. وقال مالك: لا يباع إلا في الدين.
وجه قولنا، تقدم وما روي.(5/5)

78 / 146
ع
En
A+
A-