439 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه حكم في عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر، أن يضمن قيمته، والمراد به قيمة نصيب شريكه.
دل هذا الخبر على أن المعتني في ضمان ما أتلف من الحيوان بالقيم لا بالأمثال، وعلى هذا لو وليت أمه نفسها على حد فتزوجها على أنها حرة، فاستولدها، ثم استحقها سيدها أنه يحكم له بقيمة الأولاد على أبيهم، ويرجع على سيد الأمة بذلك لجنايتها عليه، ولا يرجع عليها بالمهر/157/ ويفتتح النكاح الزوج إن شاء، أو سيد الأممة إن شاء ذلك، وهذهب أبو حنيفة، والاشفعي أن جنايتها يطالب بها إذا عتقت، ولا شيء على سيدها، وسنذكر إن شاء الله وجه ذلك في موضعه.
440 خبر: وعن هاني، أن امرأة جاءت إلى أمي رالمؤمنين علي عليه السلام، جميل، عليها ثياب حسنة، فقالت: أصلح الله أمير المؤمنين، أنظر في أمري فإني لا أيمة ولا ذات بعل فعرف أمرها، فقال: ما أسم زوجك، فقالت: فلان، من بني فلان، قال: أفيكم من يعرفه؟ فأتى شيخ كبير فدل، قال: مالإمرأتك تشكوك؟ فقال: يا أمير المومنين ترى عليها أثر النعمة، أليست حسنة الثياب، فقال: فهل عندك شيء؟ قال: لا قال: ولا عند السحر، قال: لا قال: قال: فهلكت وأهلكت، قالت: أنظر يا أمير المؤمنين في أميري، قال: ما أستطيع أن أفرق بينكما، ولكن إصبري، وفي بعض الأخبار قالت: فما يأمرني أمير المؤمنين، قال: تتقين الله وتصبرين، وما أستطيع أن أفرق بينكما.
450 خبر: وعن عروة، عن عائشة، قال: جاءت امرأة رفاعة القرطي، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يارسول الله كنت عند رفاعة فطلقني فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدية الثوب، فتبسم رسول الله صلى الله عليه، وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك.(4/37)
دل هذان الخبران على أن العنين لا يجبر على طلاق امرأته، وأنها لا خيار لها، وذهب الناصر أن لها الخيار، ولم يوفت لها وقتا، وقال أبو حنيفة، والشافعي، لها الخيار، وتؤجل سنة، وقال أصحاب أبي حنيفة: لامرأة المحبوب الخيار في الحال، ولنا المهر كاملا، وعليها العدة أستحسانا.
وجه قولنا: أماا تقدم وهو قول القاسم عليه السلام، والحكم بن عقيبة، والأصل في ذلك، أن المرأة لما كانت تستحق العوض على الوطئ، نفت أنه حق للزوج ولأنها لا تستحق البدل والمبدل منه.
فإن قيل: فقد روي عن عمر خلاف قولكم، روي عنه أنه قال: يؤجل العنين سنة، وروي عن الضحال بن مزاحم، عن علي عليه السلام، مثله.
قلنا: ما روى الضحال، فإنه لم يحكه عن علي عليه السلام، وهو قول أدرجه في الحديث، وأما ما روي عن عمر، فقد روي عنه ما هو أكد في ذلك، وهو ما روي.
451 خبر: وعن عامر بن بيعة، قال: بينما أنا أسير مع عمر، إذ عرضت له امرأة شابة فاستوفقته، فوقف لها، فقالت: يا أمير المؤمنين، إمرأة شابة وزوجها شيخ، كبير، وهي تريد ما يردن النساء من الولد، وغيره، قال: فما برحت حتى رفعت الله زوجها، فقال: له عمر ، ويحك ما تقول هذه، قال: والله يا أمير المؤمنين ما آلو أن أحسن إليها، فقال: نعتم لها طهرها، قالك إي والله يا أمير المؤمنين، قال: خذ بيدها إنطلقي معه، لعمري أن هذا ليجزي المرأة المسلمة.
فدل ذلك قوله إنه لا يحب لها المطالبة بذلك .
فإن قيل: المولي إذا ألى من امرأته أكثر من أربع أشهر، فلها أن تطالبه، فإن نفي وتحكم عليه بذلك.(4/38)
قلنا: النفي قد يكون بالقول وقد تكون بالوطئ، وليس هذا يوجب أن لها أن تطالبه بالوطئ، فإن الأولى من اختير المولى والعنة ليست من إختياره، فوجب أن يزيل الضهد عنها، إذا قدم ولم يكلف ما لم يقدر عليه، وكذلك القول في العزل عن الحرة، ليس له أن يعزل عنها، لأنه يؤدي إلى الإضرار بها، هو قادر على رفع اللضرر عنها، وليس كذل العنين لا عاجر، وإذا عج أيضا عن النفقة، لم يفرق بينه وبين زوجته، وهو قول عامة العدل / 158/ من أهل البيت عليهم السلام والعامة، وذهب الشافعي إلى أنه يفرق بينهما إذا أعسر، وعلته، قوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}
وجه قولنا: قول الله تعالى: {ومن عليه رزقه فالينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا} وقوله الله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فإن المعسر ممسك بمعروف وأيضا فلا خلاف في أن المفقود عاجز عن نفقة امرأته، فلا يحكم لذلك بافرق بينهما، ولا خلاف أن الزوج إذا عدم المهر بعد الخول أنه لا يفرق بينه وبين امرأته، لذلك والمهر في هذا الباب أكد من النفقة، لأنه في مقابلة البضع، وهو يدله وعوضه، والنفقة ليست تعوض البضع، ولا خلاف أيضا في أنه إن أمسك بغير معروف مع القدرة على النفقة، أنه لا يفرق بينهما، فسقط قوله وبيت قولنا.
452 خبر: وعن أمير المؤمنين على عليه السلام، أنه رفع إليه رجل له ابنت من امرأة عربية، وأخرى من عجمي، فزوج التي هي من عربية من رجل، وأدخل عليه بنت العجمية، فقضى علي على عليه السلام، للتي أدخلت عليه بالمهر، وقضى للزوج على أبيها بالمعروف لتعزيزه، وقضى لزوج بزوجته.
453 خبر: وعن عمر، أنه قال: إنما امرأة تزوجت وبها جنون، أو جذام، أو برص، فدخل بها زوجها، ثم أطلع على ذلك بعد ما مسها، فيريد الخصومة فيها أن لها صداقا لمسيسه إياها، وإن ذلك على وليها.(4/39)
دل على أن وليا لو دلس نفسه على زوج فدخل بها، أن المهر يلزم الزوج ، ويرجع به على الولي إلا أن يكون الولي لم يعلم وكانت هي التي دلست نفسها، رجع به عليها، وبهذا قال مالك، والشافي في قوله القديم، وقال أبو حنيفة: لا يرجع بالمهر، وعلته أنه قد استوفى مافي مقابله المهر، وهو الوباء.
وجه قولنا: ما حاء عن علي عليه السلام، وعمر، ولم يخالفهما أحد من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع، فأما علة أبي حنيفة أنه قد استوفى ما في مقابله المهر ، فإن المهر وقع لا ستدامة الوطئ، وهذا قد تعذرت عليه الإستدامة من قبل المرأة، فوجب على الغار للمغرور المهر، إذا رجع به عليه.
454 خبر: وعن الحسن، مولى بني يوفل، قال: سئل ابن عباس، عن عبد طلق أمة بطليقتين، ثم عتقا فتزوجها بعد ذلك، قال: نعم قيل عمرقال: أفتي بذلك رسول الله صلى الله عليه.
دل هذا الخبر على أن حكم العبد في التطليقات الثلاث حكم الحر، فإذا كان حكمه حكم الحر في الطلاق، فكذلك حكمه في حكم النكح، وعلى هذا له عندنا أن يجمع أربع نسوة كالحروية، قال مال، وأبو ثور، وعند زيد بن علي، والناصر عليهما السلام، وأبي حنيفة، والشافعي أنه يتزوج إثنتين، فأما في الطلاق، فعند الناصر، ومالك، وأبي حنيفة، أنه يطلق ثلاثا، إذا كانت تحته حرة، وقال الشافعي: يطلق إثنتين.
وجه قولنا: فانكحو ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، وهذا عام في العيد، والحر، وقول الله تعالى: {الطرق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ولم يخص حرا من عبدا، ولأنه يكلف / 149/ فوجب أن حكمه حكم الحر، إلا حيث خص الدليل، فإن قيل: روي عن علي عليه السلام، أنه قال: تطليق الإمة تطليقتان، وعدتها حيضتان، وروي عن النبي صلى الله عليه، مثله، قلنا يحتمل أن يكون قال ذلك في أمة نفسها، قد طلقت مرة، وانقضت عدتها مرة.(4/40)
455 خبر: وعن ابن المسيب، أن عليا عليه السلام، قال: في المطلقة، يحل لزوجها الرجعة عليها حتي تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل لها الصلاة، المراد به أن يكون ذلك في وقت الصلاة التي طهرت في وقتها، فإراد وقته الصلاة، ولم تغتسل فلا رجعة عليها، فلم يخص حرة من أمة، وقال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} وقال تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذورون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} فاستوى حال الحرائر والإماء، إذا لم يخص الحرائر دون الإماء، ولا خلاف أنها إذا كانت حبلى أن عدتها عدة الحرائر، وكذلك إذا لم تكن حبلى.
456 خبر: وعن الأسود، عن عائشة، قالت: كان زوج بربرة حرا، فلما اعتقت، خيرها رسول الله صلى الله عليه، فقال: لها ملكت بضعك، فاختاري؟ فاختارت نفسها.
دل هذا الخبر على أن الأمة إذا أعتقت، وهي تحت زوج، أن لها الخيار، إن شاءت فمحت النكاح وإن شاءت تكتب على نكاحها، وقول أبي حنيفة، وأصحابة مثل قولنا، وقال الشافعي: إن كان حرا فر خيار لهه.
وجه قولنا: الخبر، وقول رسول الله صلى الله عليه: ملكت بضعك، فذر الحكم السبب، فوجب أن يكون الحر والعبد في ذلك سواء.
فإن قيل: روي عن عائشة، أنها قالت: كان زوج بربرة عبدا، ولو كان حرا لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه.
قلنا: قد كان عبدا قبل ذلك، لكن الحرية تطرى على الرق، وليس الرق يطرا على الحرية، في دار الإسلام، فهو يكون حرا عند عتق بربرة، وعبد قبل ذلك، فيكون جمعا بين الخبرين، وأما ما روي، لوكان حراما خبرها، فيتحمل أن يكون هذا من الراوي أدخله في الكلام، حيث وقع في ظنه ذلك.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه، أنه قال: لها بعد عتقها إن شئت تمكثين مع هذا العبد فسماه عبدا بعد عتق بربرة؟(4/41)